أين مصلحة لبنان في انضمامه إلى التحالف الدولي؟
صحيفة السفير اللبنانية ـ
غاصب المختار:
شارك لبنان في مؤتمر جدة العربي ـ الدولي لمكافحة الإرهاب، ممثلاً بوزير الخارجية جبران باسيل، من باب «المُضطرّ»، باعتباره مستهدفاً بشكل مباشر من التنظيمات الإرهابية. كما يحتاج إلى الدعم الدولي والعربي لمكافحة هذه الظاهرة الإرهابية الخطيرة، ولو أن المجتمعين لم يقدموا للبنان أي غطاء فعلي للمواجهة، حتى في مجال تسليح الجيش اللبناني المولج وحده التصدي لها.
ويفيد مصدر وزاري أن موضوع مشاركة لبنان في الحشد الدولي للحرب على التنظيمات الإرهابية لم يعرض على جلسة مجلس الوزراء لنيل الموافقة، ولو أنه من الممكن ترتيب هذا الأمر قانونياً بالموافقة اللاحقة على المشاركة على سبيل التسوية، كما يحصل في كثير من الجلسات التي تغطي لاحقاً المشاركة في مؤتمرات في الخارج بعد انعقادها.
بعيداً عن الجانب الشكلي، فإن المشكلة تكمن في ما يمكن أن يلتزمه لبنان أو يتم إلزامه به سياسياً وأمنياً، بما قد يفيد أو ربما يضرّ بمصلحته على المدى البعيد، خاصة أن الأسئلة والشكوك كثيرة حول أسباب هذه الحرب العالمية المتأخرة على الإرهاب وأهدافها، وحول النتائج التي تريد الإدارة الأميركية تحقيقها في المنطقة والأثمان السياسية التي يمكن أن تطلبها من الدول العربية والأوروبية المشاركة. وما هي المنافع المباشرة وغير المباشرة للغرب من وراء حشد الجيوش والأساطيل ووسائل الدعم العسكري المباشر وغير المباشر في المنطقة العربية، خاصة أن تجربة العراق المدمرة لازالت ماثلة أمام العرب، بعدما اخترعت أميركا أعذاراً وأكاذيب لاحتلال العراق وتدميره؟
ومردّ طرح هذه الأسئلة والشكوك هو ما يصفه وزير شؤون مجلس النواب محمد فنيش، بـ«الانتقائية الأميركية في مكافحة الإرهاب في مناطق معينة وتركه في مناطق أخرى». ويقول: «بعدما تركت هذه الدول، التي تحشد جيوشها وطيرانها في المنطقة العربية، هذا الوحش يكبر ويدخل الى سوريا ومن ثم الى العراق ولبنان عبر بوابات هذه الدول، وبدعم وتسهيل وتسليح وتدريب منها، ها هي تواجهه في مناطق محددة مثل بعض مناطق العراق بعدما أصبح يهدد مصالحها الأمنية والنفطية والاقتصادية والجغرافية، لاسيما في كردستان العراق. كما أنها لم تقرر مواجهته إلا بعدما بات يهدد بتغيير الخريطة الإقليمية المرسومة للمنطقة العربية بدءاً من سوريا والعراق ومصر لتمتد إلى دول أخرى، بقصد إضعافها أو تقسيمها او تدميرها لتبقى إسرائيل هي الدولة الأقوى في الشرق الاوسط».
ويرى فنيش أن «أوباما لم يعرض في إعلانه السياسي، امس الاول، أية خريطة طريق واضحة لكيفية مكافحة الارهاب وأين، بل عرض اقتراحات انتقائية تراعي مصالح بلاده وربما على حساب مصالح المنطقة العربية تبعاً للثمن السياسي الذي سيطلبه، او ربما الثمن الأمني والعسكري الذي قد يفرضه على العرب أجمعين». ويقول: «إن مكافحة الإرهاب ليست انتقائية ولا يمكن تجزئتها، فمكافحته في العراق تفترض ايضاً مكافحته في سوريا ولبنان ومصر وليبيا وكل المنطقة، لكن اوباما يراعي مصالحه في منطقة ليستثمر لاحقاً في منطقة اخرى».
ويفضل فنيش انتظار ترجمة نتائج ما صدر عن مؤتمر جدة وعن الحركة الأميركية في المنطقة تحت شعار مكافحة الارهاب، ليبنى على الشيء مقتضاه، اذ سيُعرض الموضوع بنتائجه ومتطلباته على مجلس الوزراء ويُتخذ القرار المناسب بشأنه «وفق ما نرى فيه مصلحة لبنان أولاً وأخيراً وليس مصلحة الغرب».
وثمة من يسأل: إن الإرهاب الذي ضرب لبنان منذ اكثر من عام، لم يجد من يوقفه وقتها غير الجيش والقوى الأمنية اللبنانية إلى أن أصبح يهدد مصالح معينة، فلماذا استفاق العالم الآن؟ وكيف سيتمّ دعم لبنان في هذه المواجهة؟ وهل فعلاً يمكن تحقيق نتائج عملية وفعالة إذا ضرب الإرهاب في العراق فقط وترك في لبنان وسوريا ومناطق أخرى؟ وما هي حدود السيادة اللبنانية في تنفيذ أي قرار قد يتخذه الحشد الدولي الجديد؟ وهل تلتزم معايير الدستور والقوانين اللبنانية، أم أنها قد تفرض فرضاً؟
إن لبنان المحتاج للدعم العربي والدولي لمكافحة الإرهاب الرابض على أبوابه، لديه أولويات مهمة في طليعتها دعم الجيش بالعتاد والسلاح الحديثين. فهل تفتح الدول المؤتلفة اليوم لمكافحة الإرهاب ترساناتها لتسليح الجيش؟ ام ثمة برامج خاصة لدى الادارة الاميركية تريد أن تفرضها على الدول الموقعة على بيان جدة؟