أيار والتحولات الكبرى… قراءة في أيام النصر
وكالة مهر للأنباء –
حسين علي حسني حمية:
لم يكن إنتصار أيار يوماً عادياً أو نصراً سياسياً أو عسكرياً محدود التأثير بل كان بكل فخر يوم التحولات الكبرى، لأنه وفي هذا اليوم تم تحطيم مجموعة أفكار أيديولوجية رافقت الكيان المؤقت منذ قيامته عام 1948 أولها وعلى رأسها أن هذا الكيان محمي بجيش لا يهزم وأن أعتى جيوش العرب سقطت أمامه فكيف للعين أن تقاوم المخرز.
أثبتت المقاومة اللبنانية أنه وبمقدرات متواضعة وإرادة صلبة يمكن تحقيق نصر مدوي وعميق التأثير على هذا الكيان وهذا ما عرى أفكار الإنهزاميين العرب ووضعهم في مأزق أمام مواطنيهم فكان قرارهم الكشف عن لثام خيانتهم عوضاً عن تعديل مسارهم.
الفكرة الأهم التي سقطت صبيحة 25 أيار هي قيامة إسرائيل الكبرى والتي أصبحت جزء من سراب تلاشى وحلماً ميتاً غير قابل للإحياء من جديد وسقط مشروع بن غوريون وغولدا مئير وغيرهم فهذا الكيان المؤقت لن يشرب ماء النيل ولن يرضخ له عذب الفرات.
أما أرتال سيارات المتعاملين مع هذا العدو والتي كانت تقف بذل ومهانة أمام بوابة فاطمة بإنتظار قرار القيادة الصهيونية للسماح لهم بالعبور إلى داخل فلسطين المحتلة أو تركهم لمصيرهم كانت رسالة مدوية للعالم أن هذا العدو لا أمان له وأنه يتخلى بكل بساطة عن زبانيته التي خدمته لسنوات ولو أنها كانت تقتل وتستبيح كل حرمات أبناء جلدتها كرمى له. أما تعامل المقاومة اللبنانية مع أعداد المتعاملين الذين سلموا أنفسهم بكل رقي وإنسانية كانت رسالة عظيمة الأثر للعالم كل العالم عن رقي هذه المقاومة وإنسانيتها وحكمة قيادتها.
أدرك كل الكون في أيار أن محور المقاومة من طهران إلى بيروت ودمشق، محور متماسك صادق مؤمن بعدالة قضيته ولا يرضخ لأي عدو مستكبر، وأن الزمن القادم هو زمن المقاومة، وأن دماء الشهداء لا بد أن تثمر نصراً مهماً
نعم لم يكن إنتصار أيار يوماً عادياً ولذلك ترك لدى قيادة تل أبيب جرحاً نرجسياً عميقاً دفعها لخوض معركة تموز التي ضاعفت حجم الإنتصار ومرغت أنف هذا العدو مجدداً في وحول الذلة والهزيمة بعد أن فشل هذا الكيان مع كل الدعم الدولي له من الوصول إلى مكان إحتفال نصر أيار في مدينة بنت جبيل ليرفع راية له في المكان الذي نعت فيه سيد المقاومة هذا الكيان بأنه أوهن من بيت العنكبوت.
في أيار أدرك كل الكون أن محور المقاومة من طهران إلى بيروت ودمشق، محور متماسك صادق مؤمن بعدالة قضيته ولا يرضخ لأي عدو مستكبر، وأن الزمن القادم هو زمن المقاومة وأن دماء الشهداء لا بد أن تثمر نصراً مهماً طال الزمن ولذلك أيار أصبح مفصلاً تاريخياً بكل ما للكلمة من معنى، فما قبله كان زمن العنجهية والغطرسة، ولكن ما بعده هو زمن الإنتصارات وسيادة الحرية وإنكسار هذا الكيان المؤقت وبدأ خوضه مسار إنهزامي تراجعي سيكلل في القريب إن شاء الله بالإنحسار والزوال وتحرير كامل الثرى الفلسطيني.