أويل برايس: الدول الخليجية فشلت في تنويع اقتصادياتها بعيدا عن النفط
قال موقع ” أويل برايس” العالمي إن الهبوط الحاد في أسعار النفط كان له أصداء سلبية كبيرة في الدول المنتجة للنفط، التي تكبدت خسائر فادحة في الإيرادات التي كانت تستخدمها في برامج الإنفاق لاسترضاء مواطنيها.
وذكر الموقع المعني بتغطية أخبار الطاقة في تقرير له، الخميس، أن هذه الحالة تنطبق على الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي التي استطاعت أن تزيد من ثروات مواطنيها وعلى مدى سنوات، لينضموا إلى قائمة أغنى أغنياء العالم، وذلك بفضل إيرادات النفط والغاز.
وأوضح التقرير أن الدول الخليجية – المملكة العربية السعودية والبحرين وعمان وقطر والإمارات والكويت – تمثل نصف الدول التي لا تفرض ضرائب على الدخول، والبالغ عددها 12دولة.
وأضاف التقرير أن قطر، على سبيل المثال، الغنية بالنفط والغاز تُلقب بأغنى دولة في العالم، حيث يُقدر الناتج المحلي الإجمالي للفرد بما قيمته 102.800 دولار وفقا لـ كتاب الحقائق العالمي الصادر من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ” سي آي إيه” CIA World Factbook.
ولم يتوقف الأمر عند مجرد حصول المواطنين في البلدان الخليجية على دخول كبيرة من حكوماتهم، ولكن امتد الأمر ليشمل تدليل المواطنين عبر وسائل الراحة والرفاهية، مثل برامج الرعاية الصحية والتعليم المجاني والقروض المنزلية التي لا يُحتسب عليها فائدة كما هو الحال في السعودية.
ولكن يبدو أن الأوضاع قد تبدلت فالسخاء الخليجي الناتج عن الإيرادات النفطية بات يتضاءل شيئا فشيئا مع انهيار أسعار النفط، ما يقود المراقبين إلى التشكيك في استمرارية الأوقات السعيدة في الخليج، أو حتى إذا ما كانت أنظمة تلك الدول بحاجة إلى خطة بديلة للتعامل مع الفجوة الكبيرة في الإيرادات النفطية.
وأشارت التقديرات إلى أن الدول الخليجية الـ 8 كانت تمتلك احتياطيات نفطية في العام 2011 تقل على نحو طفيف عن نصف الاحتياطات العالمية، حيث بلغت آنذاك حوالي 789 مليار برميل.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، سوف يتراجع النمو الاقتصادي في الدول الخليجية كلها بمعدل نقطة مئوية واحدة إلى ما نسبته 3.45 هذا العام.
وأكد الصندوق أن الدول المصدرة للنفط ينبغي عليها “التعامل بحذر مع هبوط أسعار النفط على أنه ظاهرة دائمة”، مضيفا أنه ينبغي عليها أيضا تقليص برامج الإنفاق.
ومن المتوقع أن تتراجع عائدات الصادرات النفطية للدول الـ 6 الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بقيمة 300 مليون دولار، ما يعادل ثلث اقتصادياتها بوجه عام، قياسا بتوقعات صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي، علما أن الكويت وقطر والعراق وعمان والسعودية وليبيا هي الدول الأكثر تضررا على ما يبدو من انتشار الظاهرة في المنطقة.
وقال خالد الخاطر مدير إدارة البحوث والسياسة النقدية بالبنك المركزي القطري إن الدول الخليجية الغنية فشلت في تنويع اقتصادياتها بعيدا عن النفط و “ربما تواجه في النهاية تحديات سياسية نتيجة لذلك”.
وأشار إلى أنه “إذا استمر انخفاض أسعار النفط في الأمد المتوسط فأكثر وبدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة فإن ذلك يمكن أن يسهم في التباطؤ الاقتصادي في دول مجلس التعاون، ولكن ذلك يعتمد على وتيرة ومدى عملية التضييق في السياسة النقدية.. متى تبدأ ومدى استمراريتها”.
ولفت الخاطر إلى أن “انخفاض أسعار النفط وبقاءها تحت السعر التوازني لميزانيات دول المجلس لفترة تمتد إلى المدى المتوسط – عام 2017 أو أكثر – يمكن أن يؤجج وضع الدورة الاقتصادية بين الطرفين أي يوسع الهوة”.
ويشير الخاطر إلى أنه “بغض النظر عن وضع الدورة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأمريكية، فإن البنوك المركزية في دول المجلس سوف تتبع الاحتياطي الفيدرالي على أية حال وتحت جميع السيناريوهات كما دأبت على ذلك تاريخيا”.
ورأى مدير إدارة البحوث والسياسة النقدية بـ”مصرف قطر المركزي”، خالد الخاطر، إن على الدول الخليجية أن تفكر في إعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي تتبناها منذ فترة طويلة بما في ذلك أنظمة أسعار الصرف الثابتة خلال الخمس إلى العشر السنوات المقبلة مع استمرار التباعد بين الدورات الاقتصادية بالمنطقة والولايات المتحدة.
وتهدد أسعار النفط المنخفضة بالحد من مستوى الإنفاق الذي اعتادت حكومات دول الخليج العربي الغنية على استخدامه لحشد الدعم منذ بداية الربيع العربي. كما أن الانخفاض المستمر في أسعار الطاقة قد يحد من مشتريات الأصول الأجنبية من قبل حكومات البحرين، وسلطنة عمان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت، ويضع عبئًا على نمو عمليات بناء العقارات في مرحلة ما بعد الربيع العربي، والتي استفاد منها المقاولون الأجانب.
وبالتالي، قد يكون لمثل هذه التطورات تأثير على أسواق الأصول العالمية، وعلى السياسة الإقليمية، وعلى وتيرة طفرة التنمية التي ضخت الحكومات مئات المليارات من الدولارات لتحقيقها، والتي استفادت منها العديد من الشركات الأجنبية.
وكان ارتفاع أسعار النفط في الماضي قد ساعد الحكومات الخليجية على تجنب تعرضها لذلك النوع من الاضطرابات التي أطاحت بأنظمة تونس ومصر في عام 2011. حيث إنه، وللحفاظ على مواطنيها تحت السيطرة، استخدمت الأسر المالكة عضلاتها المالية القائمة على مخزونات الطاقة للبدء في بناء المدارس، والمستشفيات، والسكن للمواطنين، والطرق، ومشاريع اجتماعية أخرى.
وقال جون سفاكياناكيس، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في مؤسسة أشمور ومقرها المملكة المتحدة: “إذا لم تزد العائدات، فلا بد من التضحية بشيء ما“.
وأضاف: “في نهاية المطاف، سيتم إبطاء العمل في بعض من هذه المشاريع الضخمة“.