أولويات لبنانية عاجلة
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
لا يمكن لأي مسؤول او مشتغل في الشأن العام سياسيا كان أم إعلاميا على الأقل أن يزعم مفاجأة بعدما جرى في عرسال فقد كان انفجار الأمور توقعا رائجا في جميع الدوائر المعنية وعلى الرغم من ذلك فقد بدت الدولة اللبنانية مأخوذة على حين غزة وكان الجيش وحده الجاهز للتحرك على عجل في صد المخاطر كما جرت العادة وقد تبعته الحكومة بموقف الحد الأدنى المقبول وغير الكافي.
أولا في طبيعة الأشياء أولوية عاجلة هي التنسيق اللبناني مع الدولة الوطنية السورية وتحريك خطوط الوصل والعمل المشترك مع الجيش العربي السوري وهذا أمر يفترض قرارا سياسيا في مجلس الوزراء دون مراعاة أو اعتبار لزمر المتورطين في التآمر على سورية وهم بالأصل مصدر الكارثة الراهنة التي تهدد جميع اللبنانيين بما استحضروه من حشود وفلول تكفيرية قدموا لها الرعاية وعملوا خدما عندها وعند مشغليها السعوديين والغربيين منذ أكثر من ثلاث سنوات.
هذا التوجه سيكون من مسؤولية قيادة الجيش ومن حقوقها الدستورية وصلاحياتها في حال لم تجرؤ الحكومة على اتخاذ القرار بشأنه وهذه القيادة مدركة أصلا للضرورات اللوجستية والمعلوماتية التي تفرضها طبيعة المعركة في أوكار حدودية متداخلة ضد شبكات التكفير العابرة للحدود والمتعددة الجنسيات بل إن هذه القيادة تعرف وبالتفاصيل مدى احتياج الجيش اللبناني لمثل ذلك التنسيق الذي لم يتمكن بدونه من حسم معركة نهر البارد قبل سنوات وهي معركة لم تكن تدور على خط الحدود المباشر كما هي الحال اليوم وفي حينه لم يكن خطر شبكات التكفير بمستوى ما هو عليه الآن في لبنان وسورية وعلى مدى المنطقة بأسرها.
ثانيا التهديد الإرهابي يطال جميع اللبنانيين ولا عذر لأي جماعة تتورط في التعامل مع التكفيريين او تساندهم بالأفعال او الأقوال او تلتمس لهم الأعذار كائنا من كانت وكذبة الثوار السوريين التي تستر بها داعمو الإرهاب من اللبنانيين انتهت وولت فقد بات الخطر المباشر هو سيطرة عصابات تكفيرية على مناطق لبنانية وقيام هذه العصابات باستهداف الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لتفكيك الدولة الوطنية اللبنانية ولإشعال حرب أهلية مدمرة تستهدف الكتلة الرئيسية من الطائفة السنية قبل سواها وبالتالي فأي تورط او تشابك مع هذه العصابات يفترض التعامل معه بوصفه تآمرا على أمن الدولة وعلى وحدة الشعب اللبناني والمؤسسات اللبنانية وهذا ما يستوجب درجة عالية من النفير الوطني وتعبئة لسائر مؤسسات الدولة والمجتمع بهذا المضمون ومباشرة اتخاذ التدابير والإجراءات التي تستهدف وضع حد لكل تطاول او خرق او انتهاك يلحق الوهن بقدرة الدولة على صد الخطر التكفيري الإرهابي في جميع المجالات وإطلاق يد المؤسسات القضائية والأمنية والعسكرية في مطاردة شبكات التكفير الإرهابية وتحريك حملة إعلامية شاملة للتعبئة الوطنية دفاعا عن الدولة والجيش ولحشد الشعب اللبناني خلف مؤسساته الوطنية والعمل فورا بالمباديء التي تفاهمت عليها المؤسسات المرئية والمسموعة وخصوصا ما يتعلق منها بحجب اصوات النشاز المتطرفة كائنا من كان أصحابها فلا مبرر لمنح أعداء الوطن والسلم الأهلي مساحات من الهواء الإعلامي لينفثوا السموم الطائفية والمذهبية تحت ذريعة حرية التعبير.
ثالثا شن أوسع تحرك سياسي ودبلوماسي لطلب الدعم في وجه الإرهاب وتحميل الدول المتورطة برعاية الجماعات الإرهابية كامل المسؤولية ومطالبتها بمواقف واضحة تنهي كل الشبهات التي تحيط بسلوكياتها ومواقفها ولدى المؤسسات الأمنية اللبنانية ما يكفي من المعلومات عن نشاط جهات مخابراتية إقليمية داعم للعصابات الإرهابية ولحركتها على الأرض اللبنانية من أوكار أنشئت لاستهداف الدولة الوطنية السورية وباتت تستهدف الداخل اللبناني وأمنه الوطني.
على لبنان المبادرة بالشراكة مع سورية والعراق ومصر واليمن لتوجيه الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي إقليمي لمكافحة الإرهاب تساهم فيه جميع الحكومات المعنية في المنطقة وتوضع الخيارات والمواقف على المحك فكل حكومة تتخلف عن التجاوب هي متآمرة على الأمن الإقليمي ومتآمرة على لبنان المهدد بوجوده .
ما ينبغي أن يتعلمه القادة في السلطة التنفيذية والمؤسسة العسكرية هو أن العمل بعقلية المياومة سوف يترك زمام المبادرة بيد الأعداء الذين يختلفون في التكوين والتخطيط وسرعة الحركة عن أجيال الشبكات الإرهابية التي عرفوها من قبل وهذه حقيقة صارخة برهنت عليها أحداث الأيام الأخيرة وهي تفرض التحسب في أكثر من منطقة لبنانية لخطر النشاط الإرهابي المباغت الهادف إلى تشتيت قدرات الدولة المحدودة .