أهم المنعرجات الخطيرة التي اجتازتها الثورة الإسلامية حتى واصلت طريقها بسلام
موقع إنباء الإخباري ـ
الجزائر ـ نصرة حسيب:
لماذا نجحت الثورة الإسلامية في إيران واستمرت حيث فشل غيرها وانقرض؟؟؟؟؟
لماذا استقلت إيران استقلالاً كاملاً بينما باقي الإستقلالات ناقصة تتسم بالتبعية على كل صعيدـ حتى العسكري منها.
هل من العقل الإستعانة بالعدو من أجل القضاء على العدو ذاته؟
إن هذا هو ما حدث مع الكثير من الثورات وما زال يحدث، لكن مع إيران اختلف الأمر كثيراً.
ولنفرض أن ما قيل حول الثورة، أنها لم تبسط سلطانها الكامل حتى افترست عدداً لا يستهان به من أبنائها، وشلّت حركة المعارضة تماماً، كلاماً صحيحاً ـ فإن هذا لا نؤمن به، لأن ما يطلق عليه معارضة هي في الواقع في موقع الخيانة، ولو تهاونت معها الثورة لقيل إن هذه الأخيرة ليست بمستوى التحديات وهاهي تنهار أمام أبسط مشكلة تواجه أي ثورة، ولماذا تزج بأبناء الشعب في حرب لا قبل لهم بها وغير ذلك من ألوان الجَلد.
إنها فعلاً التفاصيل التي كمن بها الشيطان محاولاً أن يسحب الانتصار ويحوّله إلى هزيمة، لكن الإمام الرّباني كان بالمرصاد حيث رصد بدقة، وتفاعل بفاعلية.
المنعرج الأول:
يقول التاريخ الحديث لإيران “إن بني صدر بادر بإعلانه رفضه حجز الرهائن، وهذا لأنه انتهاك صارخ للقوانين الدولية وهذا سيؤدي إلى عزلة إيران عن العالم”. إنها ورقة مهمة يمكن أن تضغط على الإمام لتجعله يخاف ويتنازل، إلا أن الإمام لم يكن يعرف المثل الشعبي المصري الخائب القائل “مش كل مرّة تسلم الجرّة”، فما هو بصدده لا يتطلب التروّي والتراجع بل الإقدام والهجوم.
وكان أن أصرّ الإمام على الاستمرار إلى أن أسقط الغراب “جيمي كارتر” ـ الذي تحول إلى حمامة سلام ولست أدري كيف ـ بنجاح باهر واجتاز القائد المؤمن بثورته المنعطف الخطير بسلام، لأنه يعلم أن التنازل الأول هو التنازل الأخير، وإنه إذا ما تعثر لن يجد فرصة أخرى للوقوف.
المنعرج الثاني:
تاريخياً أيضاً رأى بني صدر أن تكرار الإتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية يعدّ رافعة للنفوذ الروسي الذي يغزو افغانستان الدولة المتاخمة، والحل برأيه تعزيز القوة العسكرية لإيران والتي لا تكون إلا بإقامة جسور التعاون مع أمريكا لتزويد الجيش بالعتاد اللازم، علاوة على أن الاقتصاد الإيراني بحاجة للأصول المالية المجمدة ببنوك العدو أمريكا.
إذن هذه هي أمريكا من وجهة نظر بني صدر، الملاذ الذي على الثورة الإسلامية الفتية أن تلجأ له لتحافظ على نفسها حتى يشتد عودها وتقوى على الإستمرار.
لكن الإمام رأى أن ينتفض الشارع الثوري بموتها بمناسبة وبغير مناسبة لأنها الشر كله، وإن تعاطى معها فقد وظّف ذلك لصالحه ، فبقي السيد سيد اللعبة وهو تحت محاولات الإضعاف. وأعتقد أن ذلك ورقة في صالح الإمام وليست ضده لأنه أثبت بأنه وفي أحرج الأوقات يحرج عدوه وينتصر لمبادئه.
المنعرج الثالث:
إن التاريخ لا يمكن أن ينكر أن الحرب الإيرانية العراقية مفتعلة لإغراق الثورة واستنزافها، وكانت فرصة لبني صدر ليعيد إظهار الحاجة إلى أمريكا للواجهة ويسلط عليها الأضواء ويجعل منها البطل المنقذ الذي سيدعم الجيش بالسلاح الذي لا يستطيع التحكم به إلا القادة العسكريون الذين استبعدتهم الثورة، فهم وحدهم من لديهم الخبرة والعلم.
فكان أن قرر الإمام ومن معه أن الحرس الثوري هو الأجدر بالمهمة الجهادية المقدسة التي تتطلب نية صادقة لا تتوفر إلا بالأطهار وإن كانت تنقصهم الخبرة. وحطت الحرب أوزارها والنتيجة لصالح الثورة التي كتب لها البقاء والاستمرار.
إن الإستقلال لا يجب أن يكون منقوصاً وإلا ما اعتبر أنه استقلال بالتبعية هو استعمار حقيقي. إنها استعمار بلباس جديد ومرحب به وليس هناك داع لمقاومته لأنه جاء للمساعدة.