أنصار الضربة العسكرية لسوريا محبطون
صحيفة الوفاق الإيرانية ـ
شاكر كسرائي:
يبدو أن المقترح الروسي بوضع الحكومة السورية أسلحتها الكيمياوية تحت السيطرة الدولية، وموافقة الحكومة السورية على المقترح قد فتح الأبواب تجاه الحل السلمي للقضية السورية مما دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى التصريح بالقول انه لا تزال هناك فرصة للسلام في سوريا ينبغي للعالم الاّ يسمح بإهدارها.
في حين يستعد لافروف لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي حول خطة لتأمين الأسلحة الكيمياوية في سوريا. ورأى لافروف أثناء كلمة للطلبة في أستانة عاصمة كازاخستان لا يمكن أن يعجز أي سياسي جاد عن إدراك التدمير الذي تنطوي عليه هذه الخطة في إشارة الى الهجوم الأمريكي المحتمل على سوريا.
وقالت روسيا إنها سلمت خطة فعالة وواضحة وملموسة، لتأمين الأسلحة الكيمياوية السورية للمسؤولين الأمريكيين الخميس لمراجعتها. وذكرت صحيفة كومرسانت الروسية الاقتصادية نقلا عن مصدر دبلوماسي روسي أن الخطة تنفذ على أربعة مراحل تبدأ بانضمام سوريا للمنظمة العالمية لحظر الأسلحة الكيماوية.
وستعلن دمشق بعدئذ عن مواقع إنتاج وتخزين الأسلحة الكيمياوية، وتسمح لمفتشي المنظمة بتفقدها. وفي المرحلة الرابعة فإن سوريا ستقرر هي والمفتشون كيفية تدمير الأسلحة الكيمياوية ومن الذي سيتولى تدميرها.
من جهتها قالت الأمم المتحدة يوم الخميس انها تسلمت وثيقة من سوريا تتعلق بالانضمام لمعاهدة حظر الأسلحة الكيمياوية وهو أمر وعدت الحكومة السورية به في إطار إتفاق لتجنب ضربات جوية أمريكية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق للصحفيين تسلمنا في الساعات القليلة الماضية وثيقة من الحكومة السورية نقوم بترجمتها وستكون وثيقة إنضمام تخص معاهدة حظر الأسلحة الكيمياوية.
ان الخطوات المتلاحقة والتي تسببت في إرجاء الضربة العسكرية الامريكية ضد سوريا قد أوجدت إرتياحا في دول المنطقة وبين شعوبها وأزالت بصورة مؤقتة القلق المتزايد من إحتمال نشوب حرب جديدة في المنطقة، تراق على أثرها دماء جديدة ويقتل المزيد من الأبرياء، في وقت يستفيد من هذه الحرب أصحاب مصانع الأسلحة وتجار الحروب وسماسرة السياسة الذين يعيشون على آلام وصرخات الضحايا والأيتام والأرامل.
ان الدول العربية في الخليج الفارسي التي شجعت الرئيس الامريكي على توجيه ضربة عسكرية لسوريا وقدمت المال والسلاح للإرهابيين لقتل المزيد من الأبرياء وكذلك أعلنت عن إستعدادها لتمويل الحرب على سوريا وكذلك ما قامت به الحكومة التركية من فسح المجال أمام الارهابيين للتوجه الى سوريا وأعلنت عن إستعدادها المشاركة العسكرية في اي هجوم امريكي وغربي على سوريا، تقف اليوم مندهشة أمام تراجع الرئيس الامريكي باراك اوباما، عن الضربة العسكرية وقبوله مناقشة المقترح الروسي بشأن الأسلحة الكيمياوية السورية.
وهذه الدول لا تزال غير مقتنعة بإرجاء الضربة وتصر وسائل إعلامها على ان الضربة لا تزال واردة وأن الولايات المتحدة سوف تهاجم سوريا لتوبخها على أفعالها.
وها هو غسان شربل أحد صحفيي السعودية يرى في مقال له في صحيفة الحياة: إن الوضع في سوريا في غاية الخطورة ويقول: يمكنني القول إنه بلغ مرحلة اللاعودة. وحول الضربة الامريكية لسوريا يقول:-إذا لم تحصل الضربة، وهذا ما أراه مستبعدا، فإن البديل سيكون عملية تسليح كبيرة للجيش الحر ليس فقط لمنع النظام من تحقيق إنتصارات بل لتسريع عملية إستنزافه.
اذن الدولة النفطية الكبرى في المنطقة لا ترى أي أمل أمام الحكومة السورية ولابد انها سوف تتلقى الضربة من الرئيس الامريكي باراك اوباما عاجلا أم آجلا.
أما الصحفي السعودي عبد الرحمن الراشد فيرى في مقال له في صحيفة الشرق الاوسط بأن اوباما متردد ولم يقرر ردع النظام السوري إلا بعد فحص وتمحيص، بينما هناك دعوات تصرخ طالبة نجدته من أنحاء العالم. ويأسف الراشد لتراجع اوباما عن الضربة لأنه يرى بأن التراجع هو نتيجة فشل رئيس وزراء بريطانيا في الحصول على تأييد من برلمان شعبه، وبعد أن تكاثرت نتائج الاستطلاعات القائلة بأن غالبية الشعب الامريكي، هي الأخرى، لا تؤيد التدخل الامريكي في سوريا.
والراشد من أنصار التدخل العسكري الامريكي في سوريا وهو يقول بأن التدخل الامريكي سيوفر الكثير من الدماء والآلام وسنوات من الحرب. ويعتقد الراشد بأنه لو حزم أوباما أمره مبكرا وقرر التدخل، منذ عامين، لما وجد العالم نفسه في هذا الوضع السيّئ.
ويرى الراشد بأن تردد اوباما في الهجوم على سوريا سيخلق وضعا جديدا أكثر خطورة تنمو فيه «القاعدة» وأمثالها، وهو ما سيضطر الولايات المتحدة لدخول في حروب أكبر لاحقا.
اذن الصحفي السعودي يرى بأن تردد اوباما في ضرب سوريا، سيخلق وضعا خطيرا في المنطقة ينتج عنه نمو تنظيم القاعدة الذي أنشأته السعودية بأموالها وعلى أراضيها.
أما حسان حيدر في صحيفة الحياة فيرى بأن واشنطن التي طبعت معالجتها الملف السوري سلسلة من التراجعات بتبريرات غير مفهومة أحيانا حتى لأعضاء الادارة نفسها، فوجدت في المبادرة الروسية طوق نجاة من المغامرة العسكرية غير المرغوبة أصلا، رغم مواقف التمنع والحديث عن إبقاء الخيار العسكري قائما وعن مهل زمنية، وسواها من لوازم التفاوض.
ويضيف: تنفس باراك اوباما الصعداء لانه لم يعد مضطرا الى الخروج عن عقيدته اللاحربية طالما ان هم إدارته الأساسي، أي أمن (اسرائيل)، يمكن ضمانه بدون إستخدام عضلات جيشه. ولا مانع أيضاً من الضحك على الروس وإيهامهم بأنهم عادوا قوة دولية تستطيع مقارعة الدولة العظمى الوحيدة، لان بالإمكان تجاوزهم في أي وقت وأي مناسبة.
ويرى الكاتب بأن الخاسر الوحيد في كل هذه المعمعة هو المعارضة السورية: جيش الاسد يضربها بكل ما أوتي من قدرة، ولن يتوقف عن ذلك. والغرب يتخلى عنها عمليا متذرعا بانقسامها وأصولية بعض أطرافها غير عابئ حتى لو طالت الحرب الاهلية سنوات طالما انها لا تشكل تهديدا إقليميا، وكأن المشكلة مع نظام الاسد كانت في نوعية ما يستخدمه من أسلحة. أما العرب المنقسمون فلا حول لهم ولا قوة.
عبد الوهاب بدر خان في مقال له في الحياة يردد ما كرره زملاؤه في الصحف السعودية التي تصدر في لندن وهو محبط كثيرا من موقف باراك اوباما وتراجعه عن الضربة العسكرية لسوريا ويقول معلقا على التهديدات الامريكية لسوريا: لم يكن الهدف ولا لحظة مساعدة المعارضة السورية في قتالها، إذاً فبإمكان النظام أن يواصل القتل كيفما يشاء فقد إشترى لتوّه بقاءه لوقت زائد لا معنى له سوى إطالة المقتلة والتمادي بها.
وبالطبع تبعث هذه «الصفقة» المحتملة إلى الشعب السوري برسالة محبطة، مفادها أن تضحيات نصف مليون من أبنائه بين قتيل ومصاب وسجين ومفقود، فضلاً عن ستة ملايين بين مهجّر ونازح، لا تعني شيئاً في مساومات الدول الكبرى ولا يستحق النظام عليها أي معاقبة.
وهكذا هي مواقف الدول النفطية الأخرى من الولايات المتحدة وهي ترى بان تراجع اوباما كان بمثابة طعنة في ظهرها، إذ أنها لم تبخل يوما عن بذل المال والسلاح من أجل اسقاط النظام في سوريا ولكن النتيجة كانت محبطة جدا وتبعث على التشاؤم المفرط.