أميركا والإنتقام من الشعب السوري بالاسلحة الفتاكة
لم يمر وقت طويل على المشاركة الملحمية الكبرى للشعب السوري في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 3 حزيران/يونيو الحالي، وهي مشاركة اذهلت الاصدقاء والاعداء على حد سواء، حتى خرجت علينا مستشارة الامن القومي للرئيس الامريكي سوزان رايس لتقول اعلانا ان بلادها تقدم اسلحة فتاكة للارهابيين في سوريا.
كان من المتوقع ان يستفز الشعب السوري كل الحكومات والجهات التي كانت تعزف خلال السنوات الثلاث الماضية على وتر وجود هوة بين الشعب السوري وقيادته وان النظام السوري ليس لديه اية شعبية ولا يمثل حتى نسبة ضئيلة من ابناء الشعب السوري، وكما كان متوقعا ان يدفع الاستفزاز الشعبي السوري تلك الدول والجهات الداعمة للارهابيين في سوريا الى اتخاذ بعض الاجراءات للتقليل من الم الصفعة التي انهالت على وجوههم، الا انه لم يكن متوقعا ان يدفع هذا الاستفزاز اكبر بلد في العالم يقف وراء كل ما يحصل في سوريا من ويلات ومذابح ودمار، وهو الولايات المتحدة الامريكية، الى الاعلان بهذا الشكل الفج من انه يقدم اسلحة فتاكة الى الارهابيين.
ان الموقف الشائن لرايس جاء انتقاما لاماطة الشعب السوري اللثام عن كل تلك الاكاذيب التي سطرها الامريكیون واذنابهم كل هذه الفترة على العالم اجمع، لذلك اصبح من الواضح ان امريكا ارادت من خلال هذا الاعلان ان تنتقم من الشعب السوري لفضحه امريكا واذنابها، وذلك لمعرفة امريكا ان من غير الممكن ان تحشد الحكومة السورية، مهما بلغت قوتها، نحو 12 مليون سوري من اصل 15 مليون له حق التصويت في الانتخابات، بينما الحكومة تخوض حربا ضروسا مع ارهابيي اكثر من 80 بلدا في العالم، وهو ما اكد لامريكا واذنابها في المنطقة من الرجعية العربية، ان الذي افشل مخططاتهم و وقف في وجه كل ارهابييهم هو الشعب السوري، لذلك كان لابد من الانتقام من هذا الشعب وبالاسلحة الفتاكة.
المضحك ان رايس بررت هذا الاجراء الاجرامي بحق الشعب السوري، بالقول ان الاسلحة الفتاكة لن تصل الى يد المتطرفين من المعارضة بل هي في يد المعارضة المعتدلة، بينما العالم كله يعرف، ولم يعد ذلك خافيا، انه لا وجود لمعارضة معتدلة تحمل السلاح في سوريا، فاذا كان ما تقصده رايس هو الجيش الحر، ولا نعتقد انها تقصده، لسبب بسيط وهو انه لا وجود لمثل هذا الكيان على الارض السورية، فالجيش الحر ليس الا عنوانا كبيرا لا نسمع به في نشرات الاخبار الهزيلة لقناتي “العربية” السعودية و “الجزيرة” القطرية، لذا لن يبقى من المعارضة المعتدلة الا “الجبهة الاسلامية” بقيادة الارهابي زهران علوش، الذي تقاتل عناصره مع عناصر “جبهة النصرة” الممثل الرسمي للقاعدة في سوريا، في خندق واحد، وهو الذي اعلن وفي اكثر من مناسبة وعلى رؤوس الاشهاد، من انه يتبادل الاسلحة والمعلومات والرجال مع “جبهة النصرة”، ورفض في اكثر من مناسبة من فك ارتباطه معها، رغم ان ممارسات “الجبهة الاسلامية” لاتقل دموية واجراما عن ممارسات “جبهة النصرة” و”داعش”.
كان على الادارة الامريكية ان تتوقف قليلا امام الانتخابات الرئاسية السورية وان تقرأ بعض رسائلها التي وجهها الشعب السوري الى العالم اجمع وخاصة الى من يتربص به الدوائر، ومفادها ان الشعب السوري هو القادر على صنع التغيير في بلاده، بفضل وعيه الوطني وادراكه لخطورة اي تدخل اجنبي في شؤون بلاده، فمثل هذا التدخل مهما كان عنوانه، فانه لن يجلب سوى الدمار والفوضى للشعوب، ويكفي نظرة سريعة الى ليبيا ولما تعانيه اليوم من دمار وفوضى، حتى نقف على صوابية الموقف الثابت للشعب السوري من اي تدخل اجنبي.
ان على امريكا وغيرها ان تحترم ارادة الشعب السوري الذي قال كلمته وبشكل مسموع في الانتخابات الاخيرة، وان تكف عن تسليح العصابات الاجرامية التكفيرية، التي تعيث في سوريا فسادا، رغم كل مساحيق التجميل التي يستخدمها الاعلام العربي الردعي والغربي واسرائيل لاخفاء قبح هذه العصابات، فالشعب السوري يعرف جيدا ان الفوضى تسللت الى ليبيا عبر الناتو، وهي اليوم تتسلل الى سوريا عبر العصابات التكفيرية، والناتو والعصابات التكفيرية وجهان لعملة واحدة، هدفهما المشترك التدخل في شؤون البلدان الاخرى سعيا لخرابها، مدفوعة بدعم لا حدود له من الغرب والرجعية العربية، الا انه ولحسن الحظ ان الشعب السوري شخّص في وقت مبكر فيروس التكفير، الذي تسلل الى سوريا مع ريح السموم القادمة من الصحراء القاحلة، وهو ما جعل الجسد السوري يقاوم هذا الفيروس ويلفظه بعد معرفة طبيعته ومكوناته، ولن يكون بمقدور كل الاسلحة الامريكية، حتى الفتاكة منها، ان تجعل هذا الفيروس ينفذ الى الجسد السوري.
سامح مظهر- شفقنا