أميركا وإسرائيل: انحياز غير قابل للتغيير
صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
على مدار عقود الصراع العربي ـ الإسرائيلي لم تترك الولايات المتحدة موقفًا أو تطورًا إلا وأكدت فيه انحيازها المطلق والتام لحليفها الاستراتيجي في المنطقة؛ كيان الاحتلال الإسرائيلي، وإذا كانت في الماضي حاولت أن تستر بعض مواقفها بنوع من المواربة فإنها اليوم تجاهر بكل فظاظة هذا الانحياز غير القابل للتغيير تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عنه، وعن جرائم الحرب التي يرتكبها والانتهاكات ضد الإنسانية وجرائم الإرهاب والتي يمارسها صباح مساء ضد الشعب الفلسطيني وكذلك ضد شعوب المنطقة، والتستر على هذه الجرائم، بل الأدهى والأمَر أن آلة القتل والإرهاب والعنف والتدمير والحروب العدوانية الإرهابية التي يستخدمها الكيان الاسرائيلي،ميركية الصنع، ويتم تزويده بها مجانًا، وآخر ما توصلت إليه الصناعة العسكرية في الويات المتحدة، وأفتك ما صنعته الخبرة الأميركية من سلاح.
لذلك، ليس مثيرًا للدهشة أن تستمر المواقف الأميركية الصلفة والفظة والمثيرة للإحباط للجانب الفلسطيني، وتستمرئ التغزل بكيان الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولة تلميع وجهه القبيح؛ فكل ذلك يأتي في إطار حسابات استراتيجية وانتخابية وسياسية وحسابات مصالح، فضلًا عن أن الفكر الأميركي خصوصًا والغربي عمومًا يرى أن إبقاء منطقة الشرق الأوسط ـ منطقة الثروات كما يصفها ـ تحت السيطرة الاستعمارية الغربية لن يتأتى ويستمر إلا في ظل بقاء كيان الاحتلال الإسرائيلي قوة ضاربة وما عداه كيانات هشة ضعيفة ومحطمة ومدمرة ومقسمة إلى كانتونات، ما يسهل كذلك الاستفراد بهذه الكيانات وإدارة أزماتها ومشاكلها التي سيواصل المستعمرون والغزاة العمل على إدامتها.
فما أعلن عنه مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي في حفل أقامه المعهد اليهودي لأبحاث الأمن القومي في واشنطن، أن: إسرائيل هي الشكل الذي نرغب برؤيته مستقبلًا في الشرق الأوسط، واصفًا كيان الاحتلال بأنه يتمتع بالحرية والديمقراطية، معبرًا عن فخره بقرارات إدارته المنحازة للاحتلال. هو كلام يعبِّر عن حالة النشوة والسكر في الغزل بكيان احتلالي إرهابي مجرم، يقتل الأطفال والنساء والمسنين، ويبيد الحرث والنسل، وينهب الحقوق والأراضي، ويدنس المقدسات، ويتمرد على الشرعية الدولية وقراراتها، بكيان الإجرام والإرهاب متجذران في مجتمعه وأفراده، لكنه كلام في المقابل يعكس المستوى الذي وصل إليه الوضع العربي، وقبل ذلك الوضع الفلسطيني من تشرذم وانقسام، وتحالفات وولاءات مشبوهة، وحسابات مصالح خاصة.
ورد الفعل الفلسطيني الرسمي الذي جاء على لسان وزارة الخارجية الفلسطينية الذي أكدت فيه أن “إسرائيل” دولة الاحتلال والاستيطان والعنصرية والتطرف والقمع والانتهاكات لحقوق الإنسان والتمرد على القانون الدولي، هي (النموذج) الذي يُروج له وزير الخارجية الأميركي ويطمح لتعميمه في الشرق الأوسط، هو رد فعل معبر ومطابق لواقع الحال، إلا أنه لا بد من الاعتراف بأن إعادة البوصلة إلى اتجاهها الحقيقي والصحيح وهو اتجاه القضية الفلسطينية، وإعادة الألق إليها، يتوقف على ما نسبته تسعون في المئة من العمل على الجانب الفلسطيني، فالوضع الفلسطيني اليوم لا يسر أحدًا من المؤيدين من العرب والمسلمين والأحرار في العالم، ولا يحرج المتخاذلين والمتواطئين؛ لذا البداية يجب أن تكون فلسطينية، كما كانت من قبل فلسطينية.