أسرار العلاقات التركية الروسية في مرحلة العدائية الاميركية
وكالة أنباء آسيا-
رؤى خضور:
شكّك المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، بنتائج الانتخابات الروسية في شبه جزيرة القرم، التي جرت يومي 17 و 19 أيلول/سبتمبر، وذكر في بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للوزارة أه هذه الانتخابات “ليس لها شرعية قانونية لتركيا”.
في المقابل، أعرب المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، يوم الثلاثاء عن أسفه لرفض تركيا الاعتراف بنتائج الانتخابات.
وتأتي هذه التطورات في وقت تستعد فيه مدينة سوتشي لزيارة الرئيس رجب طيب أردوغان المرتقبة.
علاقة معقدة
بالرغم من دعم روسيا وتركيا طرفين متعارضين في كل من الصراعين السوري والليبي، أقام البلدان تعاوناً وثيقاً في قطاعات الدفاع والطاقة والسياحة.
واشترت تركيا، العضو في الناتو، دفاعات جوية روسية من طراز S-400، التي أدت إلى فرض عقوبات أمريكية على الصناعات الدفاعية التركية، وتجري محادثات مع روسيا بشأن احتمال شراء دفعة ثانية.
وكانت أنقرة وموسكو خصمين في ناغورنو كاراباخ خلال القتال بين القوات الأذربيجانية والأرمنية العام الماضي، وبينما توسطت روسيا في وقف إطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا المدعومين من تركيا، فإنها تعمل مع أنقرة لمراقبته.
كما أغضبت تركيا روسيا، في وقت سابق من هذا العام، عندما باعت طائرات تركية بدون طيار لأوكرانيا وسط توترات بشأن منطقة دونباس، ولاحقاً إلى بولندا في أول صفقة من نوعها لعضو في الناتو.
تحليل موجز
من الغريب أن تتجرأ الخارجية التركية على الإدلاء بالتصريحات الأخيرة من هذا المستوى، خصوصاً في ظل توتر العلاقات الروسية التركية لزمن طويل، لكن على ما يبدو أن الضوء الأخضر من الناتو صدر للجانب التركي لمحاولة استفزاز موسكو، فما هو الهدف من هذا التحرك؟
خسرت تركيا قواعدها الإخوانية في الجزائر والمغرب وتونس ومصر، بالتالي تم شطب أملها في وجود أي حليف على ضفة المتوسط لضمان سيطرتها على جزء تطمح إليه من غاز المنطقة كانت تود لو أنها فرشت شواطئه بالإخوان لتحصل على ما في باطنه.
وفي المثل الشعبي الدارج يقال “التاجر المفلس يعود لدفاتر ديونه القديمة”، فبعد انحسار موجة السيطرة التركية على التنظيمات الإخوانية في المتوسط عادت تركيا على ما يبدو للحديث عن ما تعتبره حقوقاً تاريخية في البلقان ربما أو في البحر الأسود، وهذا الأمر لن يمر دون توتر في العلاقات الروسية التركية، ومن ورائها الناتو، وهو جزء لا يتجزأ من الضغط الأمريكي على موسكو التي استطاعت بحنكة سياسية استمالة الخليج العربي كاملاً تقريباً باتجاهها.
فالسعودية اليوم أقرب للتعاون مع موسكو في ظل قرار واشنطن سحب منظومات باتريوت والدعم التركي غير المخفي للإخوان في اليمن، الذي على ما يبدو أيضاً يشكل جزءاً من الخلل في العلاقات ظهر للسطح مع توجه السعودية نحو موسكو، لتصبح بين البلدين تركيا وروسيا جبهة جديدة مفتوحة في اليمن إذا ما قررت السعودية فعلاً شراء منظومات بديلة لصواريخ باتريوت من موسكو.
في المحصلة، ما بين حاجة تركيا لمنظومة S400 كحليفٍ مشترٍ للسلاح الروسي الذي يجعل تركيا غير قادرة على خلق جبهة ضد روسيا طويلاً أولاً، وبين جبهات مفتوحة بين البلدين ثانياً في سورية واليمن والبحر الأسود والبلقان و حتى أفغانستان، تبدو سياسة الخارجية التركية أقرب للتمويه على تنسيق عالي المستوى مع الجانب الروسي، ولا تبدو تصريحات الخارجية التركية إلا نوعاً من الاستمرار في تنفيذ أسلوب الاستقطاب السياسي للجماعات الإسلامية، وهنا تبدو تركيا بهلواناً يجيد اللعب على الحبال واقتناص الفرص من الأطراف جميعها لخدمة مصالحها في المنطقة.