أرملة الشهيد القنطار: عمله في سوريا تركز على إنشاء مقاومة شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي
أكدت زينب برجاوي الاعلامية اللبنانية وأرملة الاسير المحرر الشهيد سمير القنطار، أن عمل القنطار المقاوم في سوريا تركز على المساهمة في إنشاء مقاومة شعبية سورية ضد الاحتلال الإسرائيلي على غرار المقاومة في لبنان.
وأوضحت برجاوي في مقابلة خاصة مع وكالة انباء فارس، أن الشهيد القنطار كان يعتبر سوريا ممرا نحو فلسطين، وكان يرى أن ما يجري في سوريا ليس إلا حربا شنها المعادون لمحور المقاومة، المعادون لإيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية لا لشيء إلا لأن سوريا ساندت المقاومة ورفضت العلاقة مع “إسرائيل” وكل المشاريع الأميركية في المنطقة.
واضافت برجاوي: بحسب علمي وكما أكد سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه في ذكرى أسبوع الشهيد سمير، كان أساس عمله في الجولان. الجولان التي يحتلها الصهاينة والتي يمكن أن تكون جبهة ساخنة ومعبرا في يوم ما لتحرير فلسطين وصولا إلى القدس والأقصى . هكذا كان يرى الشهيد سمير عمله المقاوم في سوريا.
و اشارت السيدة برجاوي الى قصة طلب الشهيد القنطار يدها للزواج قائلة: كانت مفاجأة لي عندما سمعت صوت البطل الأسير المحرر سمير القنطار الذي شغل الناس قبل وبعد إطلاقه في صفقة التبادل مع حزب الله، على هاتفي وهو يطلب مني وقتا للحديث عن موضوع هام . وكم كانت مفاجأتي أكبر عندما طلب مني الزواج ليبدأ معي شراكة حياة جديدة.
لم أتردد في الموافقة رغم كل الاعتبارات التي كانت موجودة. دافعي لقبول الزواج من سمير القنطار هو إعجابي الشديد بمبادئه التي أؤمن بها أيضا وهي خط المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
واضافت: قررت أن اشاركه حياته بعد الأسر لأخفف عنه الظلم الذي عاشه في معتقلات العدو ولأفخر بزوج يمتلك كل مميزات الأبطال المقاومين الذي ما حادوا يوما عن مبادئهم.
بعد الخطوية ثم الزواج زاد إعجابي به أكثر لأنه أثبت رغم تمضية أغلب عمره في أسر العدو الإسرائيلي بأنه يفهم جيدا الحياة الزوجية وكيفية التعاطي مع عائلته. كان إنسانا حنونا وعطوفا علمني الكثير الكثير وكنت سعيدة لأنني تمكنت من نقله من عذاب الأسر إلى حنان الأسرة التي اكتملت بعلي ولدنا.
وحول مدى تعلق الشهيد القنطار بالقضية الفلسطينية قالت: فلسطين .. كانت شريكتي في حياة الشهيد سمير القنطار. ميزته أنه كان عاشقا وأسيرا لها. وكان يردد دائما أنه يجب أن يساهم في تحريرها. هذا المبدأ لم يحد عنه يوما وكل المبادىء الأخرى التي تميز بها تنبثق عن مبدأ حبه لفلسطين والتوق لتحريرها من ايدي الغزاة الصهاينة.
وبشأن شخصية القنطار على الصعيد الانساني والثوري اشارت ارملة الشهيد: ميزات كثيرة كان يتمتع بها سمير القنطار أبرزها إصراره والدفاع بقوة عن القيم والمبادىء التي يؤمن بها كان لا يتنازل قيد أنملة عن أي شيء يؤمن به هو رجل يتمسك بعقيدته حتى النهاية ولا يتخلى عنها. متدين محب لله سبحانه وتعالى ورسوله (ص).متمسك بنهج الأئمة الأطهار عليهم السلام مقتد بالثورة الحسينية الكربلائية. فضلا عن هذا كله كان الشهيد القنطار جزءا من الثورة الإسلامية في إيران كما كان يعتقد. هو جزء من المسار الثوري العظيم الذي أرساه الإمام الخميني (قدس سره) والذي تابعه في أسره وقرأ عنه الكثير الكثير وبعد ذلك التزم الشهيد بقيادة الإمام الخامنئي أدامه الله واستشهد على هذا الخط.
واضافت ميزته البارزة كانت توقه الشديد ورغبته التي تحولت هدفا بالعودة إلى فلسطين التي جاء منها تماما كما قال بعد تحرره بساعات.كان طيلة حياته بعد الأسر يعمل من أجل تحقيق هذا الهدف. كان يتابع الإعلام الإسرائيلي ويغوص في أبحاثه عن “إسرائيل” وعن تاريخ الصهاينة وعن النكبة والنكسة.
و اضافت: كانت أياما سعيدة رغم ما أحاطنا من مآس ورغم انشغالنا، الشهيد سمير بعمله في المقاومة وأنا بعملي الإعلامي. ما ميز حياتنا أن كلانا كان يعمل لنفس القضية ولكن كل في مجاله كنا نكمل بعضنا في هذا الجانب. لقد استضفته في عدد من برامجي التلفزيونية وكنا نحضر للمقابلات في المنزل ولقد أفادني كثيرا بالمعلومات عن العدو الإسرائيلي الذي كان خبيرا بشأنه.
وحول شخصية سمير القنطار الزوج والاب قالت برجاوي: على الصعيد العائلي أمضينا أياما هانئة. خلال السنوات التي قضيناها معا قبل استشهاده واجهنا الكثير من الصعاب ولكن كنا دائما نواجهها بثبات. الشهيد سمير يتمتع بأخلاق حميدة وكان يتعاطى مع عائلته وفي بيته ومع الناس بمنتهى الاحترام والتقدير. تعلمت منه الصبر، الصبر على كل شيء.
عندما رؤقنا بولدنا علي تغيرت الكثير من الأمور لقد حاز على اهتمامنا ووفرنا له وقتا للعمل على تربيته. وكان الشهيد سمير يكرس وقتا بحسب المتوفر من أجل الاهتمام بعلي الذي كان يتمنى أن يكون مقاوما ضد الاحتلال الإسرائيلي وإن شاء الله سيكون كذلك. باختصار أيامي مع الشهيد سمير القنطار يمكن وصفها بأنها كانت استثنائية لي نظرا للصفات التي كانت يتمتع بها وللموقع الذي كان يشغله في المقاومة التي رفعت رأس الأمة الإسلامية جمعاء.
وبشأن اسباب وبداية اعجاب الشهيد القنطار بمبادئ الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني (رض) اوضحت برجاوي : إلتزم الشهيد سمير القنطار بالثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (قدس سره) وهو في أسر الاحتلال الإسرائيلي. كان يتابع مجريات الثورة بدقة وعليه كان يرى في ما تبنته الثورة الإسلامية من مبادىء بشأن فلسطين والقدس منطلقا لتحريرها وسط التخاذل العربي الذي كان يستفزه كثيرا . ورأى في قيادة الإمام الخامنئي النهج المكمل لنهج الإمام الخميني الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى تحرير القدس وإعلاء شأن الأمة الإسلامية كما كان يرى.
واضافت: كان الشهيد سمير متابعا بامتياز لمواقف وخطب الإمام الخامنئي كان محبا له كونه القائد الذي يقود المسيرة التحريرية للمسلمين والأحرار في العالم أجمع. وكان يعبر دائما عن محبته لهذا القائد والتزامه بنهجه وكان مدافعا بقوة عن خط الثورة الإسلامية واستشهد على ذلك .
وحول علاقة القنطار وحبه لأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله أكدت بالقول: السيد نصر الله بالنسبة للشهيد سمير كان بمثابة الأب الروحي. كان القائد والملهم وصاحب الفضل بتحريره من الأسر بعد ثلاثين سنة قضاها في سجون العدو الإسرائيلي وصاحب الفضل برعايته بعد تحرره وحتى استشهاده. رعاية غمرت الشهيد سمير إلى حد أنه عندما كان يحدثني عن السيد حسن أشعر بذلك الحب والتقدير الكبيرين له. كان يرى فيه قائدا استثنائيا في عالم منهزم إلى حد الخنوع. باختياره درب المقاومة وسلوكه العمل العسكري المقاوم كان الشهيد سمير القنطار يرى في الإمام الخامنئي وسماحة السيد نصر الله النور الذي يضيء طريق الجهاد الذي سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى إزالة “إسرائيل” من الوجود.
وحول تمنيات الشهيد القنطار وآخر اتصاله معها قبل استشهاده قالت: كنت أتوقع دائما أن يصلني خبر استشهاده في أي وقت لا سيما عندما يغيب عن البيت لأيام عدة. لقد عودني على أن توقع حدوث ذلك بحديثه الدائم عن الشهادة وعن أنه يريد أن يختم حياته بالشهادة وأن يكون شهيدا في طريق المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي . وأمنيته كانت أن يستشهد وهو يقاتل “إسرائيل” .
وتابعت: قبل ساعة واحدة من استشهاده وصلتني رسالة عبر الهاتف يطمئن عني وعن علي ويدعوني إلى الاهتمام به. ثم تلقيت الخبر، صعقت بالخبر القاسي الذي وقع كالصاعقة علي . لم أتمالك نفسي بداية بكيت بحرقة على فقدان سمير. ولكن سرعان ما أعطاني الله تعالى القوة والصبر فاستعدت توازني وبدأت أتقبل الحقيقة وما هي إلا ساعات قليلة حتى بدأت تنهال علي الاتصالات لتعزيتي.عندها أحسست بالمسؤولية لمواجهة الموقف فسمير ليس زوجي وحسب بل هو قائد في المقاومة وله محبون كثر في بلده وفي أنحاء العالم وعليه لا بد أن أكون على قدر المسؤولية وهكذا كان.
وبشأن الذكريات التي رواها لها الاسير الشهيد القنطار ابان فترة اعتقاله في السجون الاسرائيلية قالت برجاوي: ثلاثون سنة من الأسر لم تكن قليلة على أي شخص مهما كانت إرادته قوية. لقد روى الشهيد سمير الكثير عن أيام أسره في تصريحاته ومقابلاته الصحفية وليس هناك مجال الآن لتكرارها. ولكن ما يمكن أن أذكره أنه كان دائما يتحدث عن سخريته من الجنود والحراس وكيف كان يستفزهم ويعبر عن عدائه لهم وكيف كان يواجه المحققين الإسرائيليين بعد كل مشاركة في انتفاضة داخل الأسر أو تحرك احتجاجي على ظروف الاعتقال وما شابه. كان يقول لي إنه كان يستمتع بمواجهة جنود الاحتلال لأنه كان يشعر أنه بذلك يقاومهم وهو الأعزل والأسير.كان الشهيد سمير القنطار قائدا للاسرى الفلسطينيين والعرب الآخرين وغالبا ما كانوا يعتبرونه كذلك ويفوضونه مطالبة إدارة السجن والمعتقل بتحسين ظروف الاعتقال. كان كالأب الروحي للأسرى داخل المعتقل يهدىء من روعهم ويخفف عنهم عذاب الأسر حتى أنه كان يشاركهم في الطعام الذي كانت تأتي به أم جبر (الفلسطينية) التي رعت سمير في طيلة وجوده في الأسر وحتى تحرره .
واضافت: شهادته كانت الرسالة إلى المقاومين والشباب في مواجهة الإرهاب الصهيوني والأميركي طريق الشهادة والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. كان يعتبر أن الجيل الشاب هو المعول عليه لاستكمال مسيرة تحرير فلسطين . عندما اندلعت انتفاضة القدس كان الشهيد سمير متيقنا أنها ستستمر وأنها ستحقق أهدافها بزرع الرعب والقلق في قلوب الإسرائيليين جميعا، كان يتمنى أن يكون واحدا من هؤلاء المقاومين الفلسطينيين.كان الشهيد سمير القنطار يعول كثيرا على الوعي والالتزام الذي يتمتع به شباب المقاومة في لبنان وفلسطين وفي سوريا أيضا. كان يعول على قدرة الشباب على لعب الأدوار المطلوبة في مسيرة التحرير.
وفي الختام وحول رؤيتها لاستشهاد سمير القنطار أكدت قائلة: أن القنطار رجل استثنائي لم نفقده باستشهاده بل نراه وسنرى الكثيرين من سمير القنطار في مسيرة المقاومة لأنه شكل مدرسة بحد ذاتها. باستشهاده اكتمل المشهد الذي أراده سمير القنطار شهيدا في سبيل الله وعلى درب تحرير فلسطين.
[ad_2]