#أربعون_ربيعاً: الثورة الإسلامية تحت المحاسبة.. لماذا يخافون منها؟
موقع العهد الإخباري ـ
محمود ريا:
تمر الذكرى الأربعون لقيام الثورة الإسلامية في إيران، وتأتي معها تساؤلات كثيرة حول ما قدّمته خلال هذه السنوات للشعب الإيراني وللمنطقة والعالم.
المتابع للإعلام الأجنبي، وما يقف وراءه من أجهزة مخابراتية وقوى سياسية يجد أن هناك ورشة دائمة ومتصاعدة لتهشيم هذه الثورة وتهميش ما يمكن أن تكون قد حققته، فـ “إنجازاتها ضئيلة”، و”تقديماتها متواضعة” و”المعدات التي تنتجها خردة”، وكل ما تعرضه في هذا المجال هو مجرد بروباغندا لا حقيقةَ لها.
هذه الطروحات لا يقتصر ترديدها على الإعلام الأجنبي، وإنما يمكن تلمّس صداها في الكثير من دول منطقتنا العربية، سواء على مستوى القوى السياسية والرسمية، أو على صعيد وسائل الإعلام التي تكرّر هذه الأحكام المبرمة وتعيد إنتاجها في أخبارها ومقابلاتها وبرامجها اليومية.
هذا المسار المتهجّم على الثورة وقيادتها ورجالها وإنجازاتها يشهد تصعيداً أكبر وأعلى في الفترة الحالية، بحيث نسمع في كل مكان، وحتى في لبنان، التصريحات المستهزئة بقدرات الثورة وطاقاتها وما حققته على مدار العقود الأربعة الماضية.
قد تؤثر هذه الحملة السياسية الإعلامية العنيفة على الكثير من المتلقّين، وتزرع في نفوسهم شكوكاً تصل إلى حد اليقين بأن الثورة لم تقدّم شيئاً، وإنما ربما قد تكون عادت بإيران سنوات إلى الوراء.
وقد لا يقنع تعداد “الإنجازات” التي تقول إيران إنها حققتها خلال السنوات الماضية هؤلاء المشككين، كما لا يقنع المرجفين الذين يبثون لهم المعلومات التي يتبنونها، لذلك قد يكون من المفيد اعتماد طريقة أخرى لـ “محاسبة” الجمهورية الإسلامية على ما “تدّعيه” من تطوّر حققته وإنجازات ابتدعتها.
الطريقة المقصودة هي البحث عن فاعلية ما قامت به إيران الثورة، وانعكاسه على القوى العالمية والإقليمية التي تتهمها وتهاجمها.
لنبدأ بالسؤال من هنا: إذا كانت إيران بلا إنجازات وبلا تقدم وبلا تطور، لماذا تهتم بها القوى العالمية إلى هذا الحد؟ لماذا لا تصمت وسائل الإعلام العربية والأجنبية الناطقة بمختلف اللغات عن التعرّض لها وإدانتها وتسفيه ما تقوم به؟ لماذا لا يتردد المسؤولون الأجانب عن نسب “إنجازات لا تملكها إيران” إليها، في معرض إدانة هذه الإنجازات والتحذير منها واعتبارها “خطراً على المجتمع الدولي”؟
إذا كان ما تنتجه إيران هو مجرد خردة لا أكثر ولا أقل، كما تروّج له البروباغندا المعادية، فلماذا ترعب هذه “الخردة” العدو وتسرّ الصديق، ولماذا تدفع قوى الاستكبار العالمي إلى فرض الحظر وراء الحظر، والعقوبات بعد العقوبات على إيران، ظنا منها أنها بذلك تعرقل سير الإيرانيين نحو تطوير هذه الإنجازات أكثر فأكثر.
إذا كان تأثير إيران بهذا الضعف والهزال الذي يوصف به، فلماذا تُعقد المؤتمرات وتجيّش الجيوش وتقام القواعد العسكرية وتُحاك المؤامرات الخارجية والداخلية وتُجنّد مختلف القوى الذكية وغير الذكية لمحاصرتها ومضايقتها والحدّ من تأثيرها؟
إذا كان وهج إيران خافتاً وباهتاً وتجربتها فقيرة وسقيمة كما يدّعون، فلماذا يحذّرون دول العالم منها، ويملأون الدنيا صراخاً وعويلاً في محاولة لتشويه صورتها، ويخترعون الأخبار الكاذبة ويضخّمون الصغائر من أجل تلويث سمعتها، عسى أن يؤدي ذلك إلى الحد من الاقتداء بها؟
إذا كانت إيران ليست الثورة التي غيّرت المنطقة والعالم، فلماذا لا تخلو نشرة أخبار من اسمها، ولا ينأى أي حدث عن الالتصاق بها، حتى ولو لم يكن له علاقة مباشرة بها؟
ما زال هناك مجال للكثير من التعداد، وفسحة للمزيد من الأسئلة، ولكن هذا يكفي لاستخلاص نتيجة واضحة جليّة لا تقبل الشك بأن السنوات الأربعين من عمر الثورة صنعت دولة كبيرة حقاً، مستقلة فعلاً، مؤثرة جداً، إلى الحد الذي تطلّب تضافر كل قوى الشرّ الإقليمية والدولية لمحاربتها، دون أن تتمكن هذه القوى من الفتّ من عضدها أو إضعاف قدراتها أو الوقوف في طريق تقدّمها.
إنها ثورة يشهد الأعداء على قوتها وعلى نجاحها وعلى استمرارها وعلى تقدّمها.. والفضل ما شهدت به الأعداءُ.