أبتي لا تغفر لهم لأنهم يعرفون بالضبط ما يفعلون
د. أنطوان شاربنتيي ـ
مدونة الكاتب على موقع كانال بلوغ:
في شباط/فبرايرعام 2006، حصلت المقاومة اللبنانية على تغطية سياسية مسيحية من خلال مذكرة التفاهم الموقعة بينها وبين التيار الوطني الحر، الذي كان يرأسه في ذلك الوقت العماد ميشال عون، و الذي أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية اللبنانية. كثر هم الذين , منذ سنين ,عملوا على تفكيك هذا الإتفاق بين عنصرين رئيسيين في لبنان، في محاولة لإزالة هذا الغطاء السياسي , لصالح الفاسدين ولصوص الهيكل. و نتيجة لذلك، عانت وتعاني المقاومة اللبنانية بجميع مكونتها من اعتداءات كبيرة أثرت أيضا على الشعب اللبناني بأسره، تحت عين المجتمع الديني ورؤساء الطوائف.
إن سلوك بعض قادة الكنائس ورجال الدين في لبنان، في ظل الإحتجاجات الشعبية ضد الفساد، في مواجهة الأزمة الإقتصادية، وأمام الفقر المتزايد، وفي ظل التطبيق غير المشروط للإملاءات الأمريكية، من جانب البنك المركزي اللبناني، يثبت تواطئاً خطيراً بين رجال الدين والأوساط المالية في لبنان، التي هي في معظمها فاسدة.
إن السياسة الإقتصادية والمالية التي تمليها الولايات المتحدة على لبنان هي شكل من أشكال الحرب، التي تهدف في المقام الأول إلى الضغط على الشعب اللبناني، بمساعدة من الفاسدين ومرتزقتهم، من أجل إثارة الرأي العام اللبناني والعربي ضد المقاومة اللبنانية التي تشكل قوة كابحة للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط، و الذي لم يعد سراً يخفى على أحد،وإحدى أهم فصوله هي صفقة القرن.
إن دعم الدوائر الدينية اليوم لبعض الفاسدين المعروفين، وصلتها بالفاسدين، وحبها للجاه والمال يتناقض مع مبدأ الفقر الإنجيلي وتعاليم السيد المسيح. إن تبني مثل هذه المواقف المحابية للفساد من قبل بعض رجال الدين من جميع الطوائف والميول , هي مناورات صريحة ضد شعب الله، لصالح لصوص الهيكل، الفريسيين، وحتى الشيطان. لذلك، فسلوك رجال الدين هؤلاء ليس سلوكاً ضد المقاومة- التي تحميهم هم ورعيتهم بعض الشيء – وحلفائها فقط، ولكن أيضا ضد جميع مكونات المجتمع اللبناني.
يطعن العديد من المسيحييون صراحة أو ضمناً في سلوك قيادتهم الدينية ومواقفها التي لا يمكن تفسيرها. ومع ذلك، فالمسؤولون الدينيون يصمّون آذانهم، متناسيين مِنْ مَنْ يستمدون شرعيتهم. يقول الخبير الاقتصادي اللبناني جورج قرم إنه “من الضروري قبل كل شيء التغلب على بعض الجمود الذي سيطر على قادة الكنائس الشرقية وزعمائها (البطاركة والأساقفة)”.هذا الجمود مدمر للطوائف المسيحية ويضاف إلى قائمة الأسباب التي تهدد مستقبلهم.
الآن وبعد التطبيع باللاهوت تحت راية العمل الرعوي، و بعد عدم الإكتراث والإهتمام تماما بقضايا و مشاكل الشرق الأوسط، يعمل بعض الزعماء الدينيين على الدفاع عن الفاسدين ضد الشعب. لكن في الحقيقة ,إن مواقف وتعامل رجال الدين يخفي وراءه الدفاع عن مصالحهم الخاصة، فضلاً عن تفضيلهم الدائم تقريباً للأجنبي ومشروعه السياسي، على حساب أبناء بلدهم, متناسين أيضاً أن سيدهم يسوع طرد اللصوص والفريسيين من الهيكل وكان دائماً بجانب الناس المستضعفين..
في الوقت الذي تبث فيه قناة الميادين بفترة رمضان مسلسلاً بعنوان “حارس القدس” ,عن حياة مطران القدس “هيلاريون كبوجي” الذي كرس حياته، كغيره، للفقراء و المستضعفين في الشرق الأوسط وقضايا الشعوب العربية، نجد اليوم رجال دين و بطاركة وأساقفة يفضلون أن يكونوا إلى جانب اللصوص والفاسدين و تجار الهيكل ضد الفقراء. .
لقد بدأ هؤلاء الزعماء الدينيون تطبيعا جديدا مع أعداء الأمة من خلال المصالح الاقتصادية والمالية وتجميع الثروات. ولكن، ما الفائدة من ثرواتهم، إذا ما اختفى المسيحيون من لبنان والشرق الأوسط؟