آل سعود والثمن الباهظ المؤجل للعدوان على اليمن
موقع العهد الإخباري ـ
د. طراد حمادة:
قلنا أن الحرب ممارسة فعل السياسة بأساليب أخرى. وعادة ما تصفى حسابات ميدان الحرب على طاولة المساومة السياسية، ويتبادل الوضع حالات الصراع والمساومة، أو السياسة كفعل تواصلي والسياسة كفعلٍ تصادمي، حتى يستقر الوضع على حالٍ، يقبل بها الأطراف ويسعون لتعديلات لاحقة، في مواسم وفرص التنقل بين الصراع والمساومة، بين الحرب ونتائجها السياسية.
لو طبقنا هذه القاعدة على النتائج السياسية للحرب العدوانية لآل سعود على اليمن أمكننا معرفة ميزان القوى الواقعي، في جبهات الحرب وعلى طاولة المفاوضات.
ولكن يجب التذكير بالوقائع والمسلمات التالية:
1– أن الحرب العدوانيّة بادرت السعودية إلى شنها، وبدأت العدوان على اليمن بعدما شكلت له حلفاً إقليمياً ودولياً تناولنا مشكلاته وأنه انتهى إلى التفكك، وتركته بعدما قبلته قوى إقليمية وجارته دون أن تتبناه قوى دولية.
2– أن حرب الجبهات والنتائج العسكرية المتحصلة حتى الآن تبين فشلاً عسكرياً صريحاً يرافق الفشل السياسي في تسويق الحرب وتشريع العدوان.
كيف نفسر، آخذين في الاعتبار ما شرحناه، ميزان القوى على طاولة المفاوضات في جنيف والتي انتهت إلى فشل في تحقيق وقف لإطلاق النار، خلال شهر رمضان، والوصول إلى قاعدة اتفاق أولية مقبولة.
عندما تبدأ دولة أو حلف دولي، حرباً، يلزم أن يفرض الحلف الذي بدأ الحرب شروطه ويحقق أهدافه، وإذا لم يحصل ذلك، يعني أن الحرب العدوانية كانت حرباً فاشلة بالمعنى السياسي، وهزيمة بالنتائج المترتبة على أهداف الصراع العسكري وعليه عمدت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها إلى ما يلي:
1– الحديث عن وقف “عاصفة الحزم” والانتقال إلى “استعادة الأمل” في حركة مسرحية تعكس ارتباك أوضاعها العسكرية على الجبهات وأوضاعها السياسية بعدما اضطرت الأمم المتحدة، أن تغيّر مندوبها إلى اليمن وتعين مندوباً آخر، لتخبىء شهادتها على حركة المفاوضات السياسية اليمنية الداخلية.
2– صدر قرار مجلس الأمن رقم 2216 في ذروة الحملة العسكرية، ولكنه ظهر أنه قرار ميت قبل ولادته متساقط cadue. لأنه يجانب الحق بشكل سافر ولأن الحرب العدوانية لم تستطع أن تفرض شروط تنفيذ هذا القرار.
3– حين فشل قوَّاد العدوان في إيجاد موقع قدم في محافظة أو مدينة يمنيّة واحدة، لإقامة حكومة عبد ربه منصور الساقطة، وفتحوا له مقر لجوء سياسي في الرياض، عمدوا إلى كسب الوقت في تأخير الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وذلك عبر:
1– عقد مؤتمر القوى اليمنيّة المساندة لعدوان آل سعود في الرياض، وظهر المؤتمر كمجموعة تبيع نفسها إلى دولة تشنّ حرباً ظالمة على شعبها وعليه تصبح في موقع تعرف أوصافه القانونية والعرفية.
2– جعلت هذه القوى ترفض حضور الدعوة إلى عقد مؤتمر جنيف الأول، لعلها تحصل كسباً في الجبهات العسكرية يمكنها من حضور المؤتمر من موقع القوة وفرض الشروط لصالحها.
3– وعندما استمر العدوان وفشلت الحملة العسكرية في الميدان، ما كان يمكن تأجيل المفاوضات، بفعل عامل الزمن، وما تعطيه حركة السياسة الدولية، من مهلٍ لإنجاز الكسب من الحروب. منعاً لانتشار آثارها. وحصل على هذا الأساس مؤتمر جنيف -2- وحضرته قوى الشرعية الثورية اليمنية، التي تمثل الشعب اليمني وحركة أنصار الله، الأمر الذي جعل المؤتمر محلاً لإجراء حساب حقل الميدان العسكري على البيدر السياسي.
4– استطاعت السعودية وحلفاؤها. منع مؤتمر جنيف -2- من ترجمة الاتفاق السياسي المتفق مع حقائق الميدان ولكن هذا التأجيل، على الأغلب مشروط بمهلٍ، ترتبط بدورها بطبيعة الحراك الدولي والإقليمي حول اليمن.
لم تستطع السعودية فرض شروطها، كل ما فعلته تعطيل المؤتمر وتأجيل إعلان نتائج الحرب السياسية، إلى فرز الأصوات السياسية في صندوقه ميدان الجبهات العسكرية. لكن هذا الأمر، لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية. لأن الحرب نفسها غير قابلة للاستمرار إلى ما لا نهاية.
الأمر الآخر في هذا الموضع أنه من الآن، يمكن القول أن كل اتفاق سياسي في المستقبل سيكون لصالح الشعب اليمني، وأن السعودية لن تستطيع إخفاء خسارتها وستدفع حكامها أثماناً باهظة في المحصلة العامة للعدوان.