آل سعود وآل صهيون.. توأم الإجرام وارتكاب المجازر
مهدي حسن الخفاجي:
فما أشبه هذه بتلك أنها ترتكب بنفس الأسلوب وبنفس الأسلحة، بل وبنفس الطائرات، لأن مصادر موثوقة أكدت أن مالا يقل عن 24 طائرة للعدو الصهيوني مطلية بالعلم السعودي، ويقودها طيارون صهاينة تشارك في العدوان على الشعب اليمني وفي قصف الأبرياء من أبنائه.
ونفس الأسلحة المحرمة دولياً التي استخدمها العدو الصهيوني في غزة وجنوب لبنان، مثل القنابل الفراغية، استخدمها العدوان السعودي، بل أن خبراء أميركان قالوا إن طائرات إسرائيلية مموهة بالعلم السعودي، هي التي استخدمت هذه القنابل في جبل النقم في صنعاء حيث خلفت وراءها أكثر من 70 شهيداً وعشرات الجرحى وتدمير المئات من المنازل أو تخريبها.
نعم هو نفس التدمير والتخريب وغياب الحس الإنساني، حيث الحقد والقسوة التي يتصف بها العدوانيون السعوديون، تماما مثل تلك المشاعر التي يقصف بها أشقاءهم الصهاينة، يقترفون المذابح بدم بارد ودون أن يرف لهم جفن أو يوخزهم ضميرهم، إذا كان لهم ضمائر بالطبع.
هذا التشابه والتماثل بين الشقيقين السعودي والصهيوني، لم يفاجئ المراقبين لأن كلا الكيانين الصهيوني والوهابي السعودي ولدا من رحم الاستعمار البريطاني الخبيث ليكونا غدتين سرطانيتين في جسم الأمة الإسلامية، فأحدهما يكمل الآخر ويقدم له الدعم والإسناد وكلاهما حاقدان ومتآمران على الأمة وعلى إسلامها ومقدساتها وكرامتها.
مجازر آل سعود.. جرائم إبادة جماعية
لعل النظام السعودي فاق صانعه وشقيقه أيضاً النظام الصهيوني في ارتكاب المجازر في اليمن، بل المقارنة غير ممكنة إذا أضفنا مسؤولية النظام السعودي عن المجازر المروعة، بالمفخخات والمتفجرات التي ارتكبتها قطعان السعودية من التكفيريين الوهابيين في العراق وسوريا وفي باكستان وأفغانستان ولبنان، فما ارتكبه النظام السعودي بحق هذه الأمة من مجازر بشعة هي أضعاف مضاعفة ما ارتكبه الشقيق الصهيوني بحق الشعبي الفلسطيني واللبناني وبقية الشعوب العربية.
ومثلما أكدت بعض المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان أن العدو الصهيوني ارتكب جرائم إبادة جماعية في حربه على غزة وعلى لبنان قبل ذلك، فإن بعض المنظمات المماثلة اعترفت بأن النظام السعودي يرتكب جرائم إبادة جماعية في اليمن.
للأسف هذه المنظمات أو أكثرها تلك المهتمة بحقوق الإنسان ظلت ومازالت تلوذ بالسكوت عن جرائم آل سعود لتواطئها معه نتيجة شراء سكوتها بأمواله الطائلة أو أنها تتعرض لضغوط أمیركية من أجل إخفاء هذه الجرائم، وإذا رفعت صوتها مرة وتحدثت فهو من باب رفع العتب والتخلص من الحرج لأن جرائم آل سعود تصل حدود لايمكن السكوت عليها، لأن مثل هذا السكوت يثير غضب الرأي العام العربي والعالمي.
ومع ذلك فإن هذه الأصوات المبتسرة من جانب هذه المنظمات تشكل وثائق ودلائل إدانة لآل سعود وتؤكد تماديهم في اقتراف الجرائم بحق الشعب اليمني، وفي هذا السياق قدمت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمیركية تقريراً مفصلاً ومطولاً عن مجزرة المخا التي اقترفها الطيران السعودي في مدينة تعز والتي راح ضحيتها أكثر من 60 شهيداً وعشرات الجرحى ودفنت فيها عوائل بكامل أفرادها تحت الأنقاض.
واستند هذا التقرير إلى زيارة ميدانية لمنطقة المخا المستهدفة لفريق من المنظمة المذكورة جاء إلى اليمن وتقصى الحقائق وأعد هذا التقرير الذي جاء فيه أن المكان قصفته الطائرات عدة مرات وهو لم يكن موقعاً عسكرياً إنما حي سكني لعمال الكهرباء في مدينة تعز.
وقالت هيومن رايتس ووتش “إن هذا الهجوم يرقى على ما يبدو إلى جريمة حرب.” بدورها وصفت داعية السلام الأمیركية راشيل مارشال في مقال لها نشرته صحيفة “فورين بوليسي” وصفت الحرب على اليمن التي تقودها السعودية بالمذبحة الشنيعة المستمرة، مشيرة إلى أن المذبحة هي نتيجة لحملة القصف الشنيعة من قبل السعودية وحلفائها.
وقالت راشيل إن حملة القصف، لم تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية وسقطت القنابل على المنازل والمدارس والمصانع ومحطات توليد الطاقة وحتى المستشفيات لم تسلم. وانتقدت راشيل بلادها الولايات المتحدة في تغذية وإذكاء الحرب في اليمن وتشديد أوارها قائلة “بدلاً من أن تدعو الولايات المتحدة إلى تهدئة الأوضاع أعلنت إدارة أوباما أنها ستسرع في إرسال شحنات أسلحة إلى السعوديين وزيادة الدعم الاستخباراتي واللوجستي لها في اقتراف المزيد من المجازر بحق الأبرياء العزل من الأطفال والنساء وكبار السن اليمنيين.”
وفي سياق ما تقدم نرى من الضرورة الإشارة إلى تقرير منسق الشؤون الإنسانية الأممي في اليمن ستيفن آوبراين الذي ذكر فيه أعداد ضحايا تلك المجازر وانتشر قبل حوالي أسبوعين إذ ذكر ستيفن في تقريره أن عدد الضحايا وصل في ذلك التاريخ إلى أكثر من أربعة آلاف شهيد و19800 جريح.
اليمن مهدد بالمجاعة وانتشار الأوبئة
ولم يكتف النظام السعودي بالمجازر التي ترتكبها طائراته وقواته البحرية والبرية بحق الشعب اليمني، بل ذهب أبعد من ذلك حيث فرض حصاراً بحرياً وجوياً وبرياً منذ بدء العدوان قبل أكثر من أربعة أشهر ولحد الآن على الشعب اليمني بحجة منع دخول أسلحة ومعدات عسكرية لأنصار الله والجيش اليمني، بينما في الواقع أن النظام السعودي منع دخول كل شيء مما تسبب ذلك في استنفاذ المواد الغذائية وتعريض الشعب المنكوب إلى خطر المجاعة بشكل جدي، كما تؤكد تقارير بعض المنظمات الإنسانية.
وفي هذا السياق حذرت منظمة أوكسفام للإغاثة من أن نصف السكان اليمنيين باتوا مهددون بالمجاعة.
وإلى ذلك فإن البلاد مرشحة للإصابة بالأمراض وانتشار الأوبئة نتيجة تعفن الجثث ونتيجة النقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية وقصف وتدمير أغلب المستشفيات من قبل النظام السعودي، ولأن هذا النظام نزل بكل ثقله المالي لشراء سكوت المنظمات الدولية على جرائمه ومجازره في اليمن والتغطية عليها وتضليل الرأي العام بشأنها لم تقم المنظات الدولية بمهامها ومسؤولياتها تجاه معاناة الشعب اليمني، فمثلاً أن منظمة العفو الدولية لم تقدم على توثيق جرائم آل سعود في اليمن إلا بعد مرور أربعة أشهر على العدوان وبعد ارتكاب عشرات المجازر المروعة.
مأساة الشعب اليمني ومسؤولية الأمة
لعل الأكثرية يتفقون معي في أن دور المنظمات الدولية مازال مبتسراً وخجولاً إزاء كارثة الشعب اليمني، لكنها بالمقارنة مع ما تقوم به الدول العربية والإسلامية وشعوبها تجاه هذه الكارثة تعتبر متقدمة جداً على هذه الدول.
فما عدا إيران والعراق ولبنان وسوريا نجد أن التحرك العربي والإسلامي تجاه ما يعانيه الشعب اليمني بسبب العدوان السعودي يكاد يكون صفراً للأسف، وإذا تركنا الأنظمة التي أكثرها إما أسكتها النظام السعودي بالأموال، وإما هي منصاعة لإملاءات الأميركان بالتستر على جرائم آل سعود فإن الشعوب العربية و الإسلامية مقصرة في هذا الجانب إلى حد كبير لدرجة أن الجاليات الإسلامية في الدول الأوروبية تقدمت عليها بشكل لافت في إدانة العدوان والاحتجاج عليه بالمظاهرات والمسيرات وبيانات التنديد والشجب.
صحيح أن بعض الشعوب العربية والإسلامية ترزح تحت قبضة أنظمة استبدادية متواطئة أو متحالفة مع النظام السعودي لكن بإمكانها القيام بالتحرك والتأثير في هذا الاتجاه ومن خلال الخطوات التالية:
1- تنظيم مظاهرات واحتجاجات جماهيرية في البلدان العربية والإسلامية سيما في تلك التي تتمتع بحبوبة من الحرية، على مايقترفه آل سعود من جرائم غير مبررة بحق أبناء الشعب اليمني، وذلك من أجل خلق رأي عام ضاغط على آل سعود وكاشف لجرائمهم ومجازر عدوانهم.
2- تنظيم حملات إعلامية عبر إقامة ندوات إعلامية ومؤتمرات تسلط الضوء على هذه الجرائم وتفضح ممارسات النظام السعودي بحق أهل اليمن لا لسبب مقنع إنما انتقاماً منه لأنه أراد أن يقرر مصيره ومستقبله بعيداً عن وصاية وتدخلات آل سعود.. ومن ثم بلورة استراتيجية إعلامية تتبناها وسائل الإعلام المحايدة والمنصفة تكشف هذه الجرائم وترد على تضليل ومحاولات تشويش الرؤية وتغبيشها من قبل إعلام النظام السعودي وذلك الإعلام الذي اشتراه هذا النظام بأمواله.
3- قيام علماء ومثقفي الأمة والأحرار بتنظيم مؤتمرات وندوات ومعارض حول جرائم آل سعود في اليمن تكون منطلقاً لتبيان موقف الشارع المقدس من هذا العدوان وبعد آل سعود عن الإسلام وتحليل أهداف هذا العدوان وكيف يخدم أمیركا والصهاينة ومصالحهم.. سيما وأن الصحف الغربية وبعض الشخصيات الأمیركية باتت تتحدث صراحة عن مصلحة أميركا والعدو من هذا العدوان، فعلى سبيل المثال أن داعية السلام الأميركية راشيل مارشال التي سبق الإشارة إليها قالت بهذا الصدد .. “أن سبب دعم أمیركا بعض من أكثر الأنظمة القمعية في العالم هي أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج (الفارسي) تبقي مصانع أسلحتنا تعمل بدوام كامل.”
كارثة العدوان السعودي ومسؤولية المجتمع الدولي
مازال التحرك الذي تقوم به المنظمات الدولية إزاء كارثة العدوان على الشعب اليمني دون مستوى الحد المطلوب، إذ مازال تحركاً خجولاً لم يرق إلى مستوى المسؤولية وإلى مستوى حجم الكارثة الإنسانية في اليمن.. فهذا السكوت من جانب هذه المنظمات ومن جانب أكثرية دول العالم سيما تلك التي تتطلع إلى التخلص من نظام القطبية الواحدة لا يضر بالشعب اليمني فحسب وإنما بكل شعوب العالم لأن هذا السكوت يكرس ظاهرة من ظواهر نظام القطبية الواحدة تلك التي أسست لها الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفردها بالعالم، ألا وهي مهاجمة الدولة القوية الدولة الضعيفة وانتهاك سيادتها وحرمتها والفتك بشعبها والعبث بها على كل الأصعدة.
فما يحصل في اليمن على يد السعوديين يشابه تماماً ما قام به الأميركان في العراق وأفغانستان قبل أكثر من عشر سنوات، وما حصل لاحقاً في ليبيا على يد أميركا وحلفائها الغربيين وعملائها من التكفيريين من الدواعش ومن لف لفهم.
فلا بد أن يتحرك المجتمع الدولي الذي يريد إنهاء القطبية الواحدة للقضاء على هذه الظاهرة بوضع قيود وعقاب صارم لضمان عدم تكرارها إذ لابد من كنس كل مخلفات القطبية الواحدة ووضع أسس وقوانين تنظيم العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل، هذا أولا.
وثانيا: أن هذا السلوك سوف يشجع النظام السعودي على الإيغال في ارتكاب المزيد من المجازر المروعة والجرائم والمزيد من التخريب والتدمير لما بناه الشعب اليمني من أجل كسر إرادة هذا الشعب.. فالنظام السعودي يشعر اليوم أنه بعيد عن الرقابة وعن الانتقادات الدولية أو الشجب.. لذلك فهو يوغل ويواصل ارتكاب المزيد من المجازر والجرائم بحق الشعب اليمني.
وإذا كان مجلس الأمن الدولي قد انتفض وصوت بالإجماع على إدانة قتل الرضيع الفلسطيني حرقاً علي الدوابشة وهي جريمة تستحق أكثر من ذلك ضد الإرهاب الصهيوني فلابد من وقفات مماثلة لحرق عشرات الأطفال الرضع اليمنيين بالصوارخ السعودية ولقتل المئات من الأطفال بعمر الزهور، فضلاً عن المئات من النساء والمسنين وغيرهم من العزل الذين دفنوا تحت أنقاض بيوتهم التي دمرها العدوان السعودي على رؤوسهم.
وللأسف رغم كل هذه الجرائم لم يتحرك مجلس الأمن أو يستنكر مايقوم به آل سعود أشقاء آل صهيون في الإرهاب وقتل الأطفال والأبرياء والفتك بهم.