يريدون عراقاً غير آمن
صحيفة الوفاق الإيرانية-
عبدالرضا هادیزاده نائینی:
إن حالة جارنا غرب البلاد ليست على مايرام هذه الأيام. وبلغت الأوضاع مرحلة جديدة منذ 10 تشرين الأول / اکتوبر، وتفاقمت التوترات مع أنباء محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مؤخراً.
حيث أفادت الحكومة العراقية في بيان أصدرته صباح الأحد: إن منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تعرض لهجوم بطائرة مسيرة ملغمة لكن رئيس الوزراء لم يصب بأذى.
كما غرد الكاظمي بعد وقت قصير من نشر النبأ، مؤكدا صحته ودعا الجميع إلى ضبط النفس والتهدئة.
سرعان ما قوبل الحادث برد من المسؤولين والقوات في بلدنا الذين يتابعون بقلق التطورات في بغداد. وندد الأدميرال علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، بمحاولة اغتيال الكاظمي، وكتب في تغريدة بعد ساعات من الإعلان عن الهجوم، جاء فيها: محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي فتنة جديدة يجب تعقّبّها في مراكز الفكر الأجنبية التي تعمل على مدى سنوات لخلق ودعم الجماعات الإرهابية واحتلال البلاد، ولم تخلّف سوى الاضطرابات وانعدام الامن للشعب العراقي المظلوم.
وجاءت هذه العملية في وقت أثارت الانتخابات النيابية المثيرة للجدل في البلاد احتجاجات واسعة النطاق، بل وأدت إلى إراقة دماء وإصابات ووفاة عدد غير معروف من المتظاهرين الرافضين لنتائج الانتخابات البرلمانية. وبينما توجّهت أنظار الرأي العام نحو حملة القوات الأمنية على المتظاهرين، والتي أدانها الرئيس العراقي وفصائل المقاومة والعديد من المسؤولين العراقيين، تبدّلت الاوضاع في بغداد على حين غرّة، وغدت محاولة اغتيال الكاظمي هي الشغل الشاغل للجميع.
ان الاحتجاجات على نتائج الانتخابات تزامنت مع المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء، وبدّلت محاولة الاغتيال هذه اتجاه سهم الانتقادات من الكاظمي إلى منتقدي الحكومة على رأسهم قوى المقاومة.
1- إن أي عمل يخل باستقرار وأمن العراق، الذي هو موضع إدانة بالفعل من قبل أصدقاء هذا البلد ، بما في ذلك إيران ، سيكمل مخطط التيارات الغربية. كما يمكن للمواقف الانفعالية أن تفاقم الوضع وتعرض القوات العراقية لخطر اندلاع حرب أهلية. لهذا السبب ، أبدت جمهورية إيران الإسلامية الدعم الكامل والتعاطف فيما يتعلق بالمسؤولين في هذا البلد.
وفي هذا الصدد، نقل وزير خارجيتنا، حسين أمير عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع نظيره العراقي فؤاد حسين، تحيات رئيس الجمهورية لمصطفى الكاظمي، متفقداً سلامة وصحّة رئيس الوزراء العراقي.
2. خرجت منطقة غرب آسيا من أولويات أمريكا. وهي تحاول مغادرة العراق بعد إثارة الفتنة والانقسام وانعدام الأمن. وقد نفذت امريكا هذا المشروع وحرق اراضي هذه الدول في أفغانستان، وكان الأمريكيون يأملون أن تؤدي الحرب العرقية والدينية إلى انعدام الأمن لجيرانها (خاصة إيران والصين) وتوقعهم في الشرك. قد يكون تكرار ذلك في العراق أيضًا أحد السيناريوهات الحالية. خاصة في قضية الهجوم على منزل الكاظمي، يوجد هناك غموض حول دور الولايات المتحدة. ومن الأمثلة على ذلك عدم وجود استجابة من نظام الدفاع الصاروخي (سي رام ) في سفارة الولايات المتحدة في المنطقة الخضراء ببغداد. يقال إن جرس الإنذار في هذه المنطقة فقط هو الذي انطلق بعد الهجوم.
3. تحديد أسباب أي عمل تخريبي أو إرهابي يجب ان يتم بعد معرفة المستفيدين منها . وقالت مجموعة وسائل الإعلام الأمنية العراقية التابعة للجيش في بيان إن رئيس الوزراء لم يكن في المنزل وقت الحادث. لكن أعداء المقاومة يحاولون أن ينسبوا ذلك إلى قوات الحشد الشعبي ، لكن غارة جوية بطائرة بدون طيار على منزل لا يوجد فيه موضوع الاغتيال يمكن أن تضع مجموعات المقاومة في موقف ضعيف وربما تثير انفعال شديد وسريع لقوات الأمن على أي احتجاج على نتائج الانتخابات. بالاضافة الى ان هذا الامر سيؤدي الى تكثيف الأجواءالأمنية وفي هذا الوضع ، سيتم تهميش القضية الأساسية ، وهي التعامل مع إراقة الدماء التي سالت في الأيام الأخيرة. لذلك ، يمكن لهذا الإجراء أن يساعد فقط أولئك الذين يشعرون بالقلق تجاه الاحتجاجات السلمية.
يحاول مركز الفكر الغربي الذي ذكره الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي استغلال الأجواء الملبدة لإشعال نيران الصراع بين الشعب العراقي، ودعوة رئيس الوزراء العراقي للتهدئة وضبط النفس بعد نبأ محاولة اغتياله الفاشلة، جديرة بالثناء.
4- حاولت وسائل الإعلام التابعة للنظامين السعودي والأمريكي مصادرة هذه الحادثة واستغلالها لتدمير القوات الموالية لسيادة العراق ووحدة أراضيه. أن أعداء العراق يحاولون استغلال الاغتيال الفاشل لرئيس الوزراء سياسيا.أن أول وسيلة إعلام غطت الهجوم على منزل رئيس الوزراء العراقي بالكثير من الدعاية لم تكن ضمن مجموعة أصدقاء هذا البلد. وغرد المنتج والمقدم في شبكة آفاق الفضائية محمد الحمد: “أول وسيلة إعلامية غطت الواقعة كانت قناة الحدث السعودية التي حاولت ربط المحاولة بتصريحات الشيخ قيس الخزعلي الذي يعارض حكومة الكاظمي. وان شبكة “العربية” حاولت اكثر من أي وسيلة اعلامية اخرى الى جلب الفوضى والفتنة للعراق ، هذا في الوقت الذي اكد فيه امين عام عصائب اهل الحق على ضرورة وجود لجنة فنية خبيرة وموثوقة للتحقيق والتأكد من أبعاد الحادث. بل إن الخزعلي حذر قبل أيام قليلة من أن أجهزة المخابرات المرتبطة ببغداد تسعى إلى قصف المنطقة الخضراء واتهام قوات المقاومة.
5- قد تكون أهمية الهجوم على منزل رئيس الوزراء نفسية أكثر مما هي مخابراتية أوعسكرية، والتأثيرات غير الطبيعية لهذه الحادثة على الرأي العام كبيرة. وسيؤدي هذا الحدث إلى مزيد من الانقسام بين الشعب والحكومة، وسيُفضي الى تفتيت المجتمع العراقي قبل طرد المحتلين الأمريكيين والإرهابيين.
بشكل عام، لا يبدو أن مثل هذه الأحداث يمكن تحليلها في بلد مثل العراق، الذي يجب على الأمريكيين مغادرته قريبًا، دون التفكير في المرحلة الانتقالية للنظام العالمي. حيث تحاول الولايات المتحدة التركيز على احتواء الصين، لكنها لا ترى ان انسحابا سلميا ومنخفض التكلفة وغير دموي من غرب آسيا، مناسبا لها. لطالما اعتمدت امريكا على النزاعات الاستنزافية والخلافات السياسية والفشل الاقتصادي والخلايا النائمة للجماعات الإرهابية من أجل انسحاب مكلف وتترك خلفها الانقسامات الدينية والعرقية.