يالطا جديدة
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
بقدر الحراك الثوري لدى الشعب المصري، فإن عقلاءه كثر ويشهد تاريخه على عطاءاته التي كانت دائما بلا حدود .. سيجد المصريون حلولا تعطيهم الأمل بغد يحلمون به منذ أمد بعيد، رغم انهم لن يساوموا على حريتهم وعلى ديمقراطيتهم وعلى حالة الأنسنة لديهم.
اللافت في لعبة الأمم ان ملفات تتكدس فوق بعضها بانتظار اطلالة القوتين عليها .. خلال الشهر القادم يمسك بوتين وأوباما سكينا خاصا ليصنعا يالطا جديدة لا ندري ما اذا كان تقسيم المقسم أم ترتيبه أم إعادة النظر بكل المستويات السياسية بناء على المتغيرات التي حصلت وتحصل. لكن اللافت ما نطقت به وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حول موافقتها وزير الخارجية الروسي لافروف حول الحل السياسي السوري، وهو كلام جديد لم يسبق قوله اميركيا على الأقل، اضافة إلى لفتها النظر للرئيس مرسي الذي توقعت ان يكون رئيسا لكل مصر فإذا به رئيس للإخوان على حد قولها، دون ان ننسى ما يجري في تونس من إرهاصات ثورة جديدة، والموات السياسي في ليبيا.. …
عالم يتحدد، ليس من تلقاء نفسه بل من خلال تحديد مصيره خارج سلطته، ولا بد من الاعتراف، بأن جوهر اللقاء بين الزعيمين الروسي والأميركي انه اعادة اعتبار لروسيا، التي من الممكن القول ان الأزمة في سورية اعادتها قوة اعتبارية لا يمكن تجاوزها سواء في المحافل الدولية أو على ضفاف القوة المعتبرة أو في الخيارات، وليس أدل على ذلك من اجتماع بوتين برئيس وزراء تركيا اردوغان وقوله ان صواريخ باتريوت قديمة العهد، كأنما يقول بطريقة غير مباشرة ان ثمة صواريخ أهم واقوى لدى دولته، وها هو يستعرضها في مرفأ طرطوس بسوريا حيث صواريخ اسكتدر المتطورة جدا صارت بأيدي السوريين ويمكنهم منذ الآن خلق توازن صاروخي مع اللاعبين المضادين.
جميع الدلائل تشير إلى ان الزعيمين العالميين بوتين واوباما يتبادلان الملفات سواء من خلال أهل اختصاصهما أو على الأرض وفي الميدان .. وقد لا يطول الوقت الذي سيجتمع فيه الطرفان لتحديد المرحلة المقبلة من الشأن العالمي وتسوياته لسنوات مقبلة .. فهي اذن الحرب الباردة بشكلها المتجدد حيث العقل القيصري والقلب الشيوعي للرئيس بوتين، وأوباما الذي يكاد يقسم ان لا حروب جديدة في العالم، لكنه مع ذلك يريد الاحتفاظ بقواته في جميع مناطق العالم وتحديدا في افغانستان.
تطل يالطا جديدة بوجوه اميركية وروسية مختلفة، وربما برؤى تجعل من الاهتمامين الروسي والاميركي بخلق مناخات سلام صورة للحياة المقبلة على سطح الأرض التي تنوء بالصراعات والتي تتحمل مسؤوليتها اميركا على وجه التحديد. فهل يتوغل الأميركي في ذلك اللقاء إلى منح روسيا ما تعتبره مصالحها كي يستقيم الوضع العالمي، عربيا على الاقل.