وتستمر المقاومة…
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
رجال الحق في وطني لكم التحية …
من جنوب العز ، أرض البندقية، ومن بقاع المجد، وضاحية أبية، ومن الجبل الأشم، ومن الشمال الهادر ومن بيروت الوفية، رجال الحق في وطني لكم التحية …
ها هو لبنان المقاومة، يتحضر ليقدم تحية حق ووفاء للمقاومة وأبطالها عشية ذكرى استشهاد ثلاثة من رجالات المقاومة الذين سطروا بدمائهم تاريخ البطولة التي رسمت دروب المجد وصنعت حقيقة الإنتصار، وها هو التاريخ ينحني مجدداً أمام عظمة هذه الدماء الزكية التي ارتضت بأن تكون قرباناً على مذبح البطولة لتشكل حياة أمة ووطن .
نعم، إن التاريخ لينحني أمام دماء الأبطال وعلى أبواب البطولة، فقصة المقاومة في أمتنا تختلف في فصولها عن أي قصة أخرى، فهي كطائر الفينيق، كلما أحرقوه ليعلنوا فيه نهاية الحقيقة، نراه ينفض عنه غبار القهر وينطلق من تحت الرماد معلناً ولادة جديدة لحياة أمتنا العظيمة . وعشية الإحتفال بذكرى استشهاد شيخ الشهداء الشيخ راغب حرب، وسيد الشهداء السيد عباس الموسوي ، وقائد النصرين الحاج عماد مغنية، لا بد لنا من تقديم أسمى آيات النصر لدمائهم الطاهرة، ولا بد لنا أيضاً أن نرفع القبعة إحتراماً للمقاومة كل المقاومة بكافة حركاتها وأحزابها والتي تشاركت بالدماء وتشاركت بمجد الإنتصار وقدمت لنا مساحة من العزة والكرامة قل مثيلها في العالم كله.
هو تاريخ المقاومة في أمتنا، وللمقاومة تاريخ لن يمحى، ولو اجتمع العالم كله على ذلك، ففي أمتنا فقط، كانت المقاومة تخرج بعزيمة أقوى وبثبات أشد بعد كل محاولة لضربها في قادتها، والتاريخ هنا يشهد، فقد كانت المقاومة ولا تزل مسيرة نضالية كبيرة وطويلة لم تهزها النكبات التي ضربتها، بل انها قالت كلمتها، ليست المصيبة أن نُنكب بل المصيبة أن تحولنا النكبات من رجال أقوياء الى رجال ضعفاء.
نعم لقد نُكِبت المقاومة في بلادنا بخسارة كوكبة من قادتها، فما زادتها هذه النكبات إلا إصراراً وعزيمة على إكمال الطريق نحو الإنتصار. وقد ظن اليهود بأن اغتيال الشيخ راغب حرب سيشكل ضربة قاضية على جسد المقاومة التنظيمي، ولكن استشهاد الشيخ راغب حرب الذي قال يوماً بأن دم الشهيد إذا سقط فبيد الله يسقط، وما يسقط بيد الله فإنه ينمو، ما كان إلا تصديقا لمقولته الشهيرة فقد نما دمه بين يدي الله لتخرج منه أفواج المقاومة اللبنانية أمل، التي خرّجت من مدرستها كوادر في العمل المقاوم على رأسهم الشهداء الأبطال محمد سعد وخليل جرادي، وغيرهم الكثير الكثير من الشهداء الأبطال.
وعاودت اليد اليهودية فعلتها بإغتيال عميد المقاومة الشهيد محمد سليم، ظناً منها أنه بغياب القادة تستطيع أن تشل الجسد، فما كان إلا أن دماء العميد الشهيد زُرعت في أرض الوطن وأنبتت سنابل مقاومة وجهاد مثل سناء محيدلي، ومريم خير الدين وعلي غازي طالب، وغيرهم من الاستشهاديين الذين شكلوا نهج الأجساد المتفجرة في فلسفة المقاومة.
هذا كله ولم يتعلم بنو يهود من أن دماء الشهداء لن تزيدنا إلا حباً للشهادة، فعملت على إغتيال سيد الشهداء السيد عباس الموسوي الذي قال يوماً: أقتلونا، فإن شعبنا سيعي أكثر، معتبرة أن استشهاد رأس المقاومة سيكون بداية النهاية، فكان لهم حفيد الأنبياء، وكانت لهم بداية نهايتهم التي سجلتها الإنتصارات المتتالية التي رسمتها المقاومة كأجمل لوحاتها، ولونتها بدماء الشهداء علي قشمر وهادي نصرالله وصلاح غندور وغيرهم من أبناء مدرسة السيد عباس.
ولم يأتِ اغتيال قائد النصرين الحاج عماد مغنية، الذي ارادت اليهودية من خلاله القضاء على الفكر العسكري للمقاومة، إلا ليثبت بأن المدرسة النضالية هي نهج فكري وإيمان عقائدي لا ينحني برحيل القادة، بل إن هؤلاء القادة هم قادة حقيقيون قد أدركوا مبكراً بأنهم مشاريع شهادة لذلك عملوا الى كودرة الفكر المقاوم وتأطيره على مبدأ الفكر والمعتقد وليس على مبدأ الأسماء والمناصب.
وهذا ما جعل من المقاومة في أمتنا قصة نضال لا تنتهي، فكلما ارتفع منها شهيد، أنبتت الأرض ألاف الشهداء ليكملوا نهج المقاومة. وهذا ما جعلنا أمة منتصرة، فإن العمل المتكامل المبني على أسس متينة وصحيحة، هو عمل لا ينتهي إلا بخاتمته السعيدة وهي خاتمة الإنتصار.
إن المقاومة اليوم هي أقوى من أي يوم مضى، وهي الوسيلة الوحيدة لإسترجاع الأرض، ولحماية العرض، وللدفاع عن سيادة الأمة والوطن، وهي وحدها القوة القادرة على الوصول الى الإنتصار وعلى قيام مجتمع قوي ومتماسك وصلب. إن المقاومة هي عز الوطن وفخر الوطن وكرامته، مهما حاولت يد الغدر والعمالة من محاربتها دفاعاً عن المشروع اليهودي الذي يريد القضاء علينا.
فاليوم، لا بد لمن يريد محاربة المقاومة من يهود الداخل أن يعي حقاً بأنه عاجز عن أن يحقق ما عجز عنه يهود الخارج، فما عجز عنه سادتهم لن تحققه أيادي الصغار من العملاء.
اليوم وفي عشية ذكرى الشهداء القادة سنجدد هتافنا بأننا نذرنا دماءنا فداء للأمة والوطن، وبأننا كلنا مشاريع شهادة على نهج من سبقنا من شهدائنا الأبطال. وطالما أن العدو ما زال بيننا فإن الحرب ما زالت قائمة، وطالما أن الحرب لا زالت قائمة فإن المقاومة مستمرة…