واهمون يلعبون بالنار
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
على الرغم من أجواء الانفراج السياسي التي رافقت تكليف النائب تمام سلام بتشكيل الحكومة وعلى الرغم من الإيحاء بأن المحور الأميركي السعودي يراعي التوازنات اللبنانية في تحركه لوضع اليد على إعادة تركيب السلطة التنفيذية فإن روائح المؤامرة التي تستهدف المقاومة من كل ما يجري تملأ جميع الدوائر السياسية اللبنانية بينما تواصل قوى 14 آذار تنظيم حملات التعبئة والتحريض ضد حزب الله بجميع الوسائل فلا تظهر قيمة لكلمات سعد الحريري وما قيل إنه يد ممدودة إلى الحزب ولا جولات العسيري وكلماته المنمقة المجاملة.
أولا: ما سرب عن تشكيلات حكومية يظهر أن الغاية المركزية حذف تمثيل حزب الله من قوامها ومحاولة شطب التيار الوطني الحر من معادلتها لأنه الحليف الأصلب للحزب منذ حرب تموز وهذا التوجه الأميركي السعودي الذي يروج له مقربون من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف تحت عباءة الحكومة الحيادية مرة وحكومة الانتخابات مرة أخرى ويحاولون تمريره بالقول إن ولاية الحكومة لن تطول إنما يترافق مع تحرك سعودي كثيف لشراء العديد من وسائل الإعلام وتجنيدها في مهاجمة المقاومة و استهداف إيران و تلميع صورة المملكة ودورها و تمضي آلة بندر في الاشتغال بالمال على اختراق سائر التكوينات السياسية من خلال خيوط وعلاقات متشعبة في الواقعين الإعلامي والسياسي في لبنان.
أما السفارة الأميركية فهي تنفذ برنامجا تشرف عليه السفيرة كونيللي وخليفتها المعين ديفيد هيل هدفه استقطاب عملاء يدعونهم وسطيين من كل الطوائف لتكوين نخبة سياسية تنطلق في تركيبتها من حكومة سلام العتيدة ويتركز جهد كبير في هذا العمل على سياسيين وإعلاميين من الطائفة الشيعية يتم تجنيدهم لشن حملات عدائية مركزة ضد حزب الله في مواكبة أمر العمليات الأميركي الذي أطلقه باراك أوباما من إسرائيل .
ثانيا: إن استهداف حزب الله سياسيا وإعلاميا مستمر في وسائل الإعلام السعودية التي ليست محايدة في موضوع المقاومة المحوري في الحياة السياسية اللبنانية وبالتالي فعمليات التذاكي جارية في جميع الاتجاهات بمواكبة تحرك الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة التي تفيد النسخ المسربة عنها من أول الطريق إلى أن المطلوب هو توزير مجموعة من عملاء أميركا والمرتبطين بالسعودية من كل الطوائف ومن النوعيات التي لا تجاهر بانتماء حزبي محدد ولكنها محكمة الربط بالسفارتين الأميركية والسعودية و إذا سار في هذا التوجه يكون تمام سلام قد كسر رصيد الإجماع وانتقل إلى ممارسة التحدي في وجه كل من قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر وتكون الفرصة التي شكلها التكليف قد ضاعت في متاهة الطبل والزمر ولم يبقى منها شيء لمستقبل سلام السياسي الذي لن يضمنه رضا القناصل الغربيين والسفير السعودي ولا انشراح رئاسة الجمهورية المنتقلة خارج الحيادية والوسطية إلى شيء من الانحياز الباطني ضد المقاومة كما توحي التسريبات التي نتمنى نقضها بمواقف واضحة.
ثالثا: إن سير تأليف الحكومة على نحو ما يتردد من معلومات سيكون بمثابة لعب بالنار وواهم من يتخيل في الخارج أو الداخل أن القوى الوطنية فقدت من قوتها وقدرتها على تصحيح المعادلات وفرض العودة إلى صيغ الوفاق الوطني الحقيقي وعلى كل من الرئيس سليمان والرئيس المكلف تذكر أن معادلات القوة ما تزال على حالها وأشد متانة مما مضى وان الرهان لدى أي كان على ضعف القوى الوطنية نتيجة الحرب العدوانية على سورية لا أساس له و من سيختبر ذلك الوهم سيقحم نفسه و البلد في مأزق كبير كما تبين جميع المحطات التي اجتازها لبنان منذ عام 2005 وحيث برهنت اختبارات القوة على أن القوى الوطنية قادرة على العمل و الحركة بإمكاناتها الذاتية التي كانت أقل من الآن لجهة وزنها الجماهيري و قدراتها السياسية و العملية و على الواهمين أن يفهموا أيضا أن خروج سورية من لبنان لا يعني زوال تأثيرها بالأصل علما أن مسار الأحداث في سورية لا يناسب تمنيات السعودية وأميركا و على الرغم من أن القوى الوطنية لم تستقو يوما منذ عام 2005 بالقدرات السورية فالتوازن الداخلي بذاته يفرض نفسه ويسمح لهذه القوى بان تحقق معادلة يستحيل كسرها ، لكن معضلات العلاقة اللبنانية السورية لا تعالج بتبني المخطط الأميركي السعودي التركي القطري لتدمير سورية .
الجري خلف الأوهام بشأن الوضع السوري مستمر منذ عامين دون طائل ولكن الواهمين لا يتعلمون ويصدقون كل ما تقوله السفيرة الأميركية وما يرسله بندر بن سلطان إليهم رغم الفشل الكبير الذي مني به العدوان على سورية والأكيد أن هذا النهج إذا تمادى في محطة الحكومة الجديدة سيجلب ويلا كبيرا على لبنان لأنه سيأخذه إلى مناخ التصادم الذي يعرف الغرب بحساباته الدقيقة أن نتائجه على نفوذه ومصالحه ستكون كارثية.