هل نصدق ليبرمان؟
اعلن وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان أنّ كيانه يجري مباحثات سرية مع بعض الدول العربية التي لا تعترف بها، من بينها السعودية والكويت، وتتطلع إلى إقامة علاقات ديبلوماسية معها بدافع القلق المشترك من إيران، زاعماً أنه بحلول العام 2019 فإنّ «اتفاقات سلام» عربية إسرائيلية جديدة، ستوقع.
هذه التصريحات تعلن لاول مرة من جانب مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى في الوقت الذي نفت فيه السعودية والكويت حصول مثل تلك المحادثات.
واوضح ليبرمان في تصريحات لصحيفة “يديعوت احرونوت” أنّ المشاعر المعادية لإسرائيل انحسرت أمام القلق المتزايد إزاء برنامج إيران النووي وحلفائها في المنطقة بالإضافة إلى خطر التشدد الإسلامي. وتابع قائلا «نحن نضيع الفرصة بقدر كبير، ولهذا أحاول بقدر استطاعتي أن أنشئ تحادثا مع العالم العربي المعتدل. للمرة الأولى يكون هناك تفاهم على أن الخطر الحقيقي لا يتمثل في إسرائيل أو اليهود أو الصهيونية، بل في إيران والجهاد العالمي وحزب الله والقاعدة». واعتبر في سياق حديثه أنّ «الأفق السياسي ليس موجودا في الملعب الفلسطيني بل في ملعب دول عربية معتدلة”.
وأضاف وزير الخارجية الإسرائيلي «هناك اتصالات وهناك محادثات لكننا قريبون جدا من مرحلة لن يكون هذا فيها خفيا في غضون عام أو 18 شهرا. سيحدث هذا على الملأ». وأكد ليبرمان أنه على اتصال مع عرب «معتدلين». ودول عربية معتدلة. ..
كلام ليبرمان يظهر مدى جدية (اسرائيل) في التقارب مع الدول العربية وخاصة دول الخليج الفارسي والتحريض ضد ايران واخافة العرب من الجمهورية الاسلامية الايرانية باعتبارها تملك برنامجا نوويا تعتبره (اسرائيل) خطرا عليها وعلى العرب.
وتتزامن تصريحات ليبرمان مع انباء تتناقلها وكالات الانباء العالمية عن لقاءات ثنائية أو أكثر بين مسؤولين اسرائيليين وعرب في اماكن مختلفة من العالم ، حتى ان معلومات رسمية كشفت منذ سنوات عن وجود مكاتب اسرائيلية في دول عربية خليجية .
فالتصريحات التي يطلقها مسؤولون خليجيون وخاصة سعوديون ضد ايران تجعل المراقب يتأمل جيدا في تصريحات ليبرمان ويتساءل هل ان تصريحات ليبرمان صحيحة وهل ان ما ينفيه السعوديون والكويتيون من اتصالات مع الاسرائيليين، هو للتغطية على وجود مثل هذه الاتصالات؟
فاذا كانت السعودية تنفي وجود اتصالات مع الاسرائيليين، فما مغزي تصريحات الملياردير السعودي وليد بن طلال الذي يقول بان ايران هي عدو العرب والمسلمين وان السعودية والدول العربية تؤيد شن حرب اسرائيلية على ايران لتدمير برنامجها النووي..
جاءت تصريحات الامير السعودي الى الصحفي الأمريكي جيفري غولدبرغ لشبكة (بلومبرغ) الاقتصادية والذي اضاف: هم (العرب) إن لم يعلنوا ذلك فسيدعمونه، وسيؤيدونه في اللقاءات السريّة، انطلاقا من أن العرب يعتبرون أن التهديد يأتيهم من إيران، وليس من (إسرائيل)!!
ويرى الكاتب الفلسطيني رشاد ابو شاور في تعليقه على تصريحات الامير السعودي بانه “انطلاقا من رؤية الأمير السعودي الإستراتيجية تكون (إسرائيل) في موقع الحليف والصديق، والمصلحة بحسب خبرات أمير المال والبزنسة فوق كل اعتبار.. ولكن مصلحة من؟!
ويضيف كاتب صحيفة القدس العربي قائلا: تصريحات وليد بن طلال ليست عفوية، ولا هي مرتجلة، بل هي نابعة من صميم تفكير حكام السعودية. الأمير وليد بن طلال لم يكن ينطق من رأسه، فكلامه يفضح توجهات السعودية، وجرها لحكام دول الخليج (الفارسي) للتحالف مع عدو العرب والمسلمين، والذهاب بالعرب والمسلمين إلى كارثة تدمر الجميع إذا لم يوضع حد لهذه السياسية الانتحارية.
وتاتي تصريحات الامير السعودي بعد ايام من خبر نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) اعلنت فيه أن رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيرس تحدث في نوفمبر من العام الماضي مباشرة عبر “الفيديو كونفرانس”، ولمدة ساعة ونصف لوزراء خارجية الدول الخليجية ودول إسلامية، في مؤتمر انعقد في عاصمة الإمارات (أبوظبي) لبحث محاربة الإرهاب، والأمن الوطني، من مكتبه في القدس ، ولم ينسحب أي وزير، وكان ضمن الحضور ابن الملك عبد الله السعودي! هذا الخبر نقل عبر وكالات الانباء ولم تنفه ايا من الدول الخليجية التي اشارت اليها الصحيفة.
اذن تصريحات وزير خارجية الكيان الصهيوني تشير بصراحة الى وجود اتصالات بين (اسرائيل) ومسؤولين عرب، وهذا ما يعلن عنه مسؤولون عرب منذ سنوات دون خوف، ولكن موضوع هذه الاتصالات هو مثار تساؤل، وربما اراد المسؤول الاسرائيلي ان يخرب العلاقات المتنامية بين ايران والدول الخليجية التي وصلت الى مستويات رفيعة، باشارته الى ان دافع هذه الاتصالات بين الجانبين هو القلق المشترك من إيران.
العلاقات بين ايران والدول الخليجية وخاصة سلطنة عمان ودولة الامارات والكويت وقطر قد نمت وتطورت بعد الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 الموقع في جنيف في 24 نوفمبر 2013، وقد تبادل المسؤولون الايرانيون والخليجيون الزيارات وها هو وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف يزور دولة الامارات ويلتقي المسؤولين الكبار فيها ويبحث معهم العلاقات الثنائية.
فوزير الخارجية الايراني قال في تصريح صحفي فور وصوله ليل الاثنين الى ابوظبي للمشاركة في جلسة اللجنة الاقتصادية العليا المشتركة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والامارات العربية المتحدة: ان ايران تحرص دوما على تطوير العلاقات مع جيرانها باعتباره البعد الهام جدا للسياسة الخارجية والامن القومي.
واكد ظريف على ضرورة تعزيز التعاون بين دول منطقة الخليج الفارسي مشدداً على أن إيران ستبقى في هذا الإطار شريكاً راسخاً وجديراً بالثقة بالنسبة لجميع دول الخليج الفارسي.
وقال وزير الخارجية الايراني الثلاثاء خلال جلسة اللجنة الاقتصادية العليا بين الجمهورية الإسلامية في إيران والإمارات العربية المتحدة في أبوظبي، ان التطورات والآفاق المستقبلية الاستراتيجية الدولية بشأن المنطقة والتعاطي البناء للجمهورية الإسلامية في إيران لخفض التوترات الدولية خاصة القضية النووية، عنصران مساعدان لتعزيز التعاون..
وأكد بأن الأمن في الخليج الفارسي كل لا يتجزأ وأن دول المنطقة وحدها فقط يمكن أن ترسم مستقبلاً هادئاً ومستقراً ومتقدماً وسلمياً وزاهراً لشعوبها وأجيالها القادمة من خلال تنمية التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي فيما بينها.
وشدد على أن الجمهورية الإسلامية في إيران ستكون شريكاً دائماً وموثوقاً لكافة الدول المطلة على الخليج الفارسي.
اذن، تصريحات وزير الخارجية الايراني في الامارات تشير الى وجود ارادة مشتركة بين ايران والدول المطلة على الخليج الفارسي لتعزيز العلاقات والتعاون بين الجانبين وحل الخلافات ان وجدت، وان تصريحات الوزير الاسرائيلي تهدف الى تخريب هذه العلاقات ولكن ارادة الطرفين ستقف حائلا دون تنفيذ ارادة الصهاينة.
موقع قناة العالم – شاكر كسرائي