هل تقبل أميركا بفك حصارها عن لبنان؟
موقع قناة المنار-
ذوالفقار ضاهر:
جاءت زيارة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الى قطر لتشكل خرقا في جدار الازمة التي يمر بها لبنان بسبب الحصار الاميركي المفروض عليه في محاولة للتأثير ومسك قراره السياسي، ولعل هذه الزيارة قد تكون من الزيارات القليلة التي يقوم بها مسؤول لبناني رفيع على رأس وفد الى الخارج لا سيما الى دولة خليجية في ظل الحصار المذكور.
ولا شك ان هذه الزيارة من الناحية الشكلية شكلت نقطة مضيئة في نفق العلاقات المظلم مع الدول العربية التي يفترض انها شقيقة ولكنها تشارك بشكل مباشر وواضح في هذا الحصار، فالرئيس عون فتح كوة في جدار الحصار والازمة، والزيارة تعتبر خطوة ايجابية قد تساهم بتخفيف الاحتقان وفتح المزيد من الفجوات وصولا الى حلحلة الامور وإنهاء الازمة والحصار.
لكن الاهم ماذا يمكن ان تحقق هذه الزيارة من حيث المضمون؟ وهل هي بحد ذاتها قادرة على جلب الحلول والاستثمارات لتخفيف الازمة الاقتصادية بالدرجة الاولى تمهيدا للحلول النهائية؟ ام ان الامر يتطلب المزيد من الزيارات والمحاولات للوصول الى الغاية المنشودة؟ وماذا عن الموقف الاميركي هل يقبل بفك الحصار عن لبنان بهذه السهولة؟
كل التصريحات التي صدرت خلال الزيارة من المسؤولين القطريين كانت إيجابية، حيث أكدوا الوقوف الدائم الى جانب لبنان ومساعدته للخروج من أزماته، كما ان أعضاء الوفد اللبناني وعلى رأسهم الرئيس عون أثنوا على الموقف القطري ودعوا الى ضرورة تفعيل العلاقات الثنائية وتطويرها وجلب المزيد من الدعم والاستثمارات الى لبنان.
لكن يبقى الأهم ان الحصار هو أميركي بالدرجة الاولى عبر تدخل واشنطن المباشر سواء بواسطة السفيرة في لبنان دوروثي شيا او بعض المبعوثين او عبر الادوات الاقليمة والمحلية في العديد من المجالات لا سيما السياسية والاقتصادية والمصرفية والاعلامية وغيرها، ولذلك إن سُمِحَ لقطر ان تقوم بدور ما او وظيفة معينة في هذه المرحلة لتخفيف الازمة او تمرير الوقت وصولا الى الانتخابات، فهل تترك قطر فعلا كي تلعب دور “المنقذ”؟ وهل يوجد فائدة للاميركي ان يوقف الحصار؟ هنا “بيت القصيد”، صحيح ان البعض يعوّل على دور قطري “متمايز” عن الدول الخليجية الاخرى لا سيما السعودية إلا ان الاميركي حتى الساعة لا يبدو انه سيفك الحصار عن لبنان.
والمرجح انه لن يسمح لقطر ان “تلعب” خارج القرار الاميركي رغم انه قد تكون حريصة على دعم لبنان، وأقصى ما يمكن ان تقدمه في هذه الظروف هو بعض “المسكنات” التي قد تمنع الانهيار الكامل في لبنان الذي تخشاه بعض الدول الغربية والعربية، وبالتالي يُعتقد ان قطر لها دورا محددا لا يمكنها تجاوزه إلا بقرار أميركي، خاصة ان واشنطن وفريقها قد تسعى لتشديد الخناق على لبنان ورئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وفريق المقاومة، فلا مصلحة للاميركي بتخفيف الحصار وتقديم فرص مجانية للرئيس عون وفريقه السياسي لتحقيق إنجازات في الاشهر الاخيرة المتبقية من عهده وبالتحديد الاشهر التي تسبق الانتخابات المقررة في آذار المقبل.
وبالتالي يرجح انه قبل الانتخابات سيشتد الخناق الاميركي على لبنان لانهم يعتبرون ان ذلك قد يفيدهم بالحصول على مقاعد اكثر في بعض الساحات انطلاقا من استغلال شجون الناس وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وهذا يوضح من الذي يفتعل الأزمات في لبنان ومن يتلاعب بسعر الدولار او المواد الاساسية سواء المحروقات او الادوية وصولا لقطع الطرقات وافتعال الفتن والمشاكل المتنقلة من خلدة الى الطيونة وغيرها من الممارسات، التي تُظهر بوضوح لمن يريد ان يرى ويفهم من هي القوى السياسية التي تبحث عن مصالحها الضيقة في السياسة والمال والانتخابات ومن الذي يبحث عن مصلحة لبنان واللبنانيين ولو جرى تشويه صورته على عبر وسائل الاعلام، على انه ربما بعد الانتخابات النيابية قد يُخفف الاميركي حصاره، فيما لو اعتبر ان النتائج جاءت لمصلحته ومصلحة حلفائه في الداخل.
بكل الأحوال ورغم صعوبة المرحلة التي يمر بها لبنان والضغوط التي تمارس عليه، نرى بعض المسؤولين والأفرقاء يحاولون كل ما أمكن لإخراج البلد من أزماته سواء عبر التواصل مع بعض الأصدقاء في الخارج أو عبر جلب المواد الأساسية والضرورية للتخفيف عن الناس عبء الحصار الأميركي الظالم على لبنان.