هذه هي نقاط الخلاف في الترسيم البحري بين لبنان وسوريا
وكالة أنباء آسيا-
زينة أرزوني:
رغم تأخرها لسنوات طويلة إلا انها خطوة ايجابية، هكذا وصفت مصادر سياسية اعلان رئيس الجمهورية ميشال عون تكليف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ترؤس الوفد اللبناني الى دمشق يوم الأربعاء المقبل لاجراء لقاءات مع كبار المسؤولين في سوريا بهدف مناقشة مسألة الترسيم البحري بين البلدين الشقيقين، ويضم الوفد وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، ووزير الاشغال العامة والنقل علي حمية، والمدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم، وعضوي مجلس إدارة هيئة قطاع النفط وسام شباط ووسام ذهبي.
فبعد التوصّل الى اتفاق على ترسيم الحدود البحريّة جنوباً مع العدو الاسرائيلي عبر وساطة اميركية، والذي سيتم توقيعه الخميس المقبل في الناقورة، قرر لبنان الرسمي استكمال ترسيم حدود المنطقة الاقتصاديّة الخالصة البحريّة الخاصّة به، مع كل من قبرص غرباً وسوريا شمالاً، خصوصا أنّ الدولتين منحتا منذ زمن رخص التنقيب والاستكشاف في بلوكاتها المحاذية للمناطق البحريّة المتنازع عليها، ما يُفترض أن يقرع ناقوس الخطر بالنسبة إلى لبنان.
في غضون ذلك، لم تستبعد مصادر متابعة أن تلعب روسيا دورا في هذا الشأن في حال طلب منها ذلك، خصوصاً انه كان قد أثير نزاعاً بين لبنان وسوريا العام الماضي بعد أن منحت سوريا ترخيصاً لشركة كابيتال الروسية لبدء عمليات التنقيب عن النفط في البلوك البحري رقم واحد في منطقة يؤكد لبنان أنها تابعة له.
هذا الخلاف التقني بين البلدين كان قد حدّده الجيش اللبناني عام 2021 ، عبر كتاب أرسل إلى الجهات المعنية شرح فيه الأسباب الموجبة للترسيم، لافتاً إلى أن التدقيق في إحداثيات البلوك السوري الرقم 1، يظهر أنه يتداخل مع المياه اللبنانية ويقضُم مساحة 750 كيلومتراً، ويتداخل مع البلوكين اللبنانيّيْن الرقم 1 و2، الأول بمساحة 450 كيلومتراً والثاني بمساحة 300 كيلومتر مربع”.
قضية ترسيم الحدود مع سوريا ليسَت جديدة، الملف مفتوح منذ عام 2011، حيث أقدم لبنان على إصدار مرسوم يحدّد فيه وبإرادة منفردة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة له وأودعه الأمم المتحدة هو المرسوم 6433 / 2011.
في المقابل، قامت دمشق برسم خطها الخاص منطلقةً من الشاطئ أفقياً نحو الغرب، واعترضت في العام ذاته لدى مجلس الأمن، وسجل مندوبها الدائم لدى مجلس الأمن السفير بشار الجعفري اعتراض بلاده لدى الأمين العام للأمم المتحدة، معتبراً أن المرسوم اللبناني لا أثر قانونياً له ملزم تجاه الدول الأخرى ويبقى مجرد إخطار تعترض عليه الجمهورية العربية السورية.
ونص كتاب الاعتراض السوري على أن حقوق سوريا محددة بالقانون رقم 28، تاريخ 19 تشرين الثاني عام 2003، المودَع لدى الأمم المتحدة والمتوافق مع قانون البحار لعام 1982.
وفي العام 2014 قدمت سوريا شكوى بحق لبنان إلى الأمم المتحدة، بعد أن فتحت الحكومة اللبنانية جولة التراخيص الأولى وعرض البلوك رقم 1 للمزاد واستدراج العروض.
رد لبنان برسالة أرسلها وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل في 22 نيسان عام 2014 إلى السلطات السورية عبر السفارة السورية في لبنان، ذكّر فيها بالمرسوم رقم 6433 الصادر عام 2011 القاضي بترسيم الحدود البحرية الذي لم تسجل سوريا أي اعتراض عليه لغاية التاريخ المذكور في الرسالة. وأكد لبنان في رسالته التوضيحية التي أرسلها إلى سوريا على حقوقه السيادية في المنطقة الاقتصادية الخالصة الشمالية التي حددها وفق القوانين الدولية، وسجل اعتراضه على الجانب السوري بسبب تداخل بلوكاته ضمن البلوكات اللبنانية الواقعة في حدود المنطقة الاقتصادية.
وبقي الخلاف بين لبنان وسوريا على الحدود البحرية الشمالية على هذه الحال من دون أي تطور باستثناء محاولة جديدة حصلت عام 2017 عندما أرسل وزير الخارجية حينها جبران باسيل مذكرةً إلى حكومة الرئيس السوري بشار الأسد يطلب فيها عقد لقاءات مشتركة بين البلدين من أجل التباحث لتوحيد النظرة حول المنطقة المتنازع عليها.
الترسيم مع قبرص
كان لبنان رسّم حدوده الغربيّة مع قبرص عام 2007، إلا أنّه امتنع لاحقًا عن إبرام المعاهدة في مجلس النوّاب، بعد أن تبيّن أن الترسيم المتفق عليه اقتطع مساحات من منطقته الاقتصاديّة الخالصة لمصلحة إسرائيل جنوبا. ويومها، ولد الخلاف على خطوط الحدود البحريّة الجنوبيّة بين لبنان وإسرائيل، بين الخط رقم 1، الذي اعتمده ترسيم 2007 بين لبنان وقبرص، والذي تبنّته إسرائيل لاحقًا، والخطوط الأخرى التي جرى التفاوض عليها، ومنها الخط رقم 23 الذي جرى ترسيم الحدود الأخير على أساسه.
ومع تبنّي الخط 23 اليوم، كأساس لرسم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل، بات بإمكان لبنان استكمال رسم حدوده البحريّة مع قبرص.
في غضون ذلك، اشار مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية أمل أبو زيد، حتى تاريخ هذه اللحظة ليس هناك ضرورة لتوسط جانب آخر، لكن كما هو معلوم فإن روسيا أبدت استعدادها للتدخل ومساعدة الجانبين إذا حصل نوع من العوائق التقنية وغيرها، مؤكداً “أن هذه الخطوة مهمة جدا، خصوصا أن لبنان وسوريا بلدان شقيقان وليس هناك ضرورة حتى يكون هناك خلاف لترسيم الحدود، وهناك احتمال كبير أن يحصل اتفاق على الترسيم، لأننا نتحدث بمواضيع محددة”، كاشفاً ان “هناك موافقة مبدئية من قبل السلطات السورية بموضوع الترسيم”.
ورداً على التساؤلات عن سبب انتظار الرئيس عون الايام الاخيرة من عهده لفتح هذا الملف، اكد رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، أنّ “الرئيس عون لم ينتظر لنهاية الأسبوع من ولايته لفتح ملف الترسيم مع سوريا، لكن هذا الموضوع لا يمكننا أن نعمل عليه، قبل أن ننهي الملف الأصعب مع إسرائيل”.
ولفت إلى أنّ الزيارة الأولى إلى سوريا سوف تضع أسساً للتفاوص حول الحدود البحرية مع دمشق، موضحًا “أننا نريد أن نأخذ حلولاً منصفة للبنان والأمر ليس سهلًا بسبب وجود عدة طرق لاعتماد الخطوط بين الجانبين”.
وشدد بوصعب على أنّه “حين قمنا بحل المشكلة على الحدود البحرية، أصبح الجانب القبرصي ملزماً من أجل تصحيح المسار بشأن الحدود البحرية بين البلدين”.