نعم حشدت 40 دولة لأجل الأسد !
صحيفة العدالة الكويتية ـ
حسن عبد الله عباس:
استغرب الزميل فيصل القاسم في مقاله يوم السبت الفائت «هل حشدت أميركا 40 دولة لانقاذ الاسد»، الجواب طبعا!
جميل أن يقرأ الانسان المستقبل ويعي إلى «حد ما» ويتوقع كيف ستسير الامور في القادم من الايام. والامر الغريب كيف توقع الزميل فيصل القاسم ومعه جوقة المطبلين من المرحبين بأميركا، وانها وبمجرد دخولها في التحالف الدولي لاسقاط نظام بشار الاسد، أن تكون النتيجة الحتمية سقوط النظام بيد المعارضة.
لا يا سيدي، الامور ليست بهذه البساطة. الامور اعقد واكبر بكثير من هذه البساطة في التحليل. فكما قلنا وكررنا من البداية مرارا بأن النظام السوري كحلقة مقاومة لن تسقط، أو ستسقط لكنها ستدخل في فوضى عارمة اشد مما يحصل في ليبيا واليمن، وفي أحسن الاحوال ستسقط لكن بعد مدة طويلة جدا! فما يحصل الان هو بالفعل خيار عدم السقوط لأن الامر مرهون بسلسلة من القوى المترابطة. فبعيدا عمن هو الخير أو الشر، وبعيدا أين تقف في هذا المعسكر أو ذاك، المهم أن معطيات ارض الواقع تقول أن تكتل الايرانيين مازال قادرا على الصمود واثبات وجوده كقوة لا يمكن الاستهانة بها.
بل أزيدك من الشعر بيتاً، ما يحصل اليوم في العراق وسورية هو نتاج فرض الايرانيين امر الواقع على العالم الغربي. فأنتم تعلمون أن الغرب لا يحترم الا القوي، والايرانيون أقنعوهم أنهم أقوياء. فمع العقوبات الاقتصادية، ومع الحروب، ومع ازعاجها بالصراعات الاستنزافية في مناطق حليفاتها، لكنها ما زالت عنيدة ومشاكسة. بل منظر اقوى ست دول في العالم (خمسة + واحد) جميعا أمام ايران لوحدها محاولين اقناعها للوصول إلى اتفاق او التمديد، ثم يأتي وزير خارجيتها ظريف يصرح بأنه لا يقبل أن تمدد المفاوضات لما بعد 24 نوفمبر، ما هي الا علامات على حجم وقوة هذه الدولة على المستوى العالمي.
لذلك ما قاله روبرت فيسك في «الاندبندنت» بأن بشار الاسد حصل على دعم عسكري وسياسي اكثر من اي قائد آخر لم يأتِ من فراغ وصحيح بحسب مجريات الواقع، ووضعه «ممتاز» ان استخدمنا تعبير فريدريك بيشون الكاتب والمحلل لـ «فرانس برس»! فالكل يعلم أن داعش والقوى المعارضة كلها صنائع اميركية بدليل كثرة الادلة والشواهد على تعذيب وقتل وقطع رؤوس افراد الجيش السوري، لكن لان الواقع الميداني اصبح لا فقط ميؤوسا منه بل وخطراً داهما عليهم (التحالف الاميركي)، فأصبح المطلوب انقاذ ما يمكن انقاذه!
فكما قلت سابقا، بعيدا عمن هو على حق أو باطل، العالم يحترم القوي حتى ولو كان وحشا شيطانيا، المهم أن تكون قويا وهو ما تثبته الايام الايرانية. فنعم أميركا حشدت 40 دولة لاجل الاسد لأنها فشلت في ما ارادته للمنطقة ومن باب «مرغما أخاك»، فهل تذكرون قصة «فأر في بيتي»؟!