نظام ملاحة في أدمغة البشر
يتساءل بعض الناس عن سبب تفادي الأشخاص الذين يسيرون أثناء نومهم الاصطدام بالجدران أو أي عقبة تصادفهم أثناء سيرهم مغمضي العينين، ويقدم باحثون أميركيون بمركز لانجون الطبي التابع لجامعة نيويورك إجابة منطقية، باكتشافهم استمرار وظائف ما يعرف بخلايا الدماغ الملاحية أثناء نومنا، حيث تم الاكتشاف الأخير لـ «نظام تحديد المواقع» في الدماغ خلال العام الماضي فحسب، وهو مؤلف من مجموعة من الخلايا التي تكسبنا شعوراً بالاتجاهات.
ولقد ركز الباحثون في اختباراتهم التي أجريت على أدمغة الفئران على «نظام توجيه الرأس»، والذي يعمل كبوصلة، ووجدوا أن خلايا الدماغ تزداد فعالية كلما أدار النائم رأسه باتجاه معين، كما أن تلك الخلايا العصبية تنشط أثناء النوم، مؤدية وظائفها على أكمل وجه كحالها أثناء الاستيقاظ.
وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الباحثين استهدفوا نشاط أدمغة الفئران خلال إحدى مراحل النوم، «حركة العين السريعة»، وهي مرحلة شديدة النشاط وفيها تتم رؤية الأحلام. وخلالها لا يمكن تمييز النشاط الكهربائي للدماغ عنه أثناء الاستيقاظ.
ومن هنا، وجدت الدراسة أنه خلال النوم السريع، تكون حركة «مؤشر البوصلة» لدماغ الفئران مشابهةً لحركتها أثناء الاستيقاظ. وخلال فترات معينة أثناء النوم، عندما يقل نشاط الدماغ بشكل ملحوظ، وجد الباحثون الأميركيون تسارعاً في النشاط بحوالي عشرة أضعاف، حتى أن الفئران كانت «تبحث حولها» أكثر مما كانت تفعل عند استيقاظها.
ويعقب أستاذ العلوم العصبية بالجامعة بالقول:«إننا نعرف ومنذ زمن أن الدماغ يعمل أثناء النوم، إلا أننا اليوم نعلم الكيفية التي يعمل بها، فيما يتعلق بإحدى الحواس، كتوجيه الرأس، أو بإحساسنا عند النظر لفضاء معين».
ويضيف: «إن الشعور بالاتجاهات جزء أساسي من نظام الملاحة لدينا، لأنه يمكن أن يعيد تنظيم بوصلتنا الداخلية وخرائطنا، بشكل فوري، على سبيل المثال، تماماً كخروجنا من مترو الانفاق ومحاولة توجيه أنفسنا».
ويطرح هذا الاكتشاف أملاً بأن يؤدي لعلاجات جديدة متعلقة بمشكلات الاتجاهات، والتي هي من بين أول الأعراض الرئيسية لمرض الزهايمر والاضطرابات العصبية الأخرى، ناهيك عن إتاحة استخدام الأسلوب نفسه مستقبلاً لتغيير ذكريات الإنسان، لمساعدة الأشخاص الذين أرهقتهم الأحداث المؤلمة العالقة في أذهانهم.