نصر عسكري واضح للمقاومة
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
تكشفت وقائع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عن وقائع و معطيات ترسخ الاعتقاد في البلاد العربية بأن نهج المقاومة هو الخيار القادر على توفير مقومات التصدي لإسرائيل و الانتصار على آلتها الحربية المتقدمة التي تبين مرة اخرى انها شديدة الارتباط بالإمبراطورية الأميركية و تابعة لها سياسيا و ماليا و عسكريا بالكامل .
أولا حسمت الحرب حقيقة تبعية إسرائيل للولايات المتحدة و معها حقيقة ان أي حرب بين إسرائيل و العرب هي حرب تقودها الولايات المتحدة و تتحكم بمسارها في ظل اضطرار الكيان الصهيوني للاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على الأسلحة و التقنيات و الذخائر و الأموال و لاعتماده السياسي على الإدارة الأميركية في تأمين المخارج المتاحة من مازق حروبه و في انتزاع الضمانات لأمن إسرائيل من الحكومات العربية و الإقليمية التابعة للغرب و هو ما بدا واضحا في حضور الوزيرة كلينتون على غرار ما فعلت كونداليسا رايس في حربي لبنان و غزة السابقتين و هذه المرة أيضا تولت الوزيرة الأميركية بنفسها المفاوضة على التفاهمات و امنت انخراط حكومات كل من مصر و تركيا و قطر في تجديد محاصرة القطاع و مساعي تطويع قيادة المقاومة و محاولة احتواء قيادة حماس بغوايات مالية و سياسية في الجبهة الإقليمية الموالية للغرب بعد انتزاعها بعصبية الأخوان من جبهة المقاومة و الاستقلال عبر دفعها بعيدا في موقفها المعروف من الأحداث السورية .
ثانيا أنجزت المقاومة نصرا عسكريا واضحا في الحرب تجسد بما يتخطى حدود منع تحقيق الأهداف التي حددتها إسرائيل ، مع ان ذلك بذاته انتصار لأن المقاومة لم تكن المبادرة إلى القتال و موقعها الدفاعي في المواجهة هو معيار النصر او الهزيمة .
و إذا اجرينا المقارنة العملية بما اعلنه العدو من اهداف لحربه منذ الساعات الأولى اتي أعقبت اغتيال القائد أحمد الجعبري : ضرب مخزون الصواريخ و تدمير البنية القيادية و استعادة هيبة الردع الإسرائيلية ، يتبين لنا في الحصيلة الواقعية أن المقاومة منعت العدو من النيل من بنيتها القتالية و بالذات من كوادرها القيادية و استمرت تحتفظ بمخزون من الصواريخ التي واصلت إطلاقها حتى آخر لحظة من القتال و أظهرت مقدرة عالية في حماية منظومة القيادة و السيطرة و التحكم بالنيران كما انها بدت محصنة بحالة شعبية مساندة و متماسكة عجز العدو عن اختراقها معنويا بأي شكل و بالتالي فقد خسرت إسرائيل المزيد من هيبة الردع و بالعكس فما تحقق هو ترسيخ هيبة المقاومة الرادعة للعدو الذي بات محكوما استراتيجيا بالسقوط النهائي لنظريات حسم الحروب بسلاحه الجوي و هذا بذاته تكريس لهزيمة إسرائيلية كبرى.
ثالثا إن الردع الصاروخي الذي طال العمق الصهيوني بلغ في مداه ثمانين كيلومترا ، أي ضعفي ما توصلت إليه التوقعات الإسرائيلية التي بنيت على ان نطاق اهداف الصواريخ الفلسطينية لا يتعدى الدائرة المحيطة بالقطاع في شعاع أقصاه أربعون كيلومترا و هذا العنصر في المواجهة عمق من مازق العدو و عزز فشله الاستخباراتي كما اظهر الارتباك الكبير في جبهته الداخلية في حين ان العجز و التردد الإسرائيلي في الانتقال إلى المعارك البرية ناتج عن قدرة الردع القتالية لدى المقاومة في الميدان و التي بدا واضحا انها راكمت قدرات جديدة و خبرات جديدة بظهور صواريخ الكورنيت المضادة للدروع في عشية الحرب و اكثر من ذلك فإن التدخل الأميركي لضمان منع العملية البرية ارتبط بالخشية على ما يسمى بحكومات الربيع العربي و خصوصا في مصر حيث حذر الأميركيون من انتفاضة في الشارع محورها المطالبة بإلغاء كمب ديفيد و قد حذروا أيضا من من اندلاع انتفاضات شعبية راديكالية في دول اخرى تصبح أكثر احتمالا كلما طال امد الحرب بينما كان خوف القيادة العسكرية الإسرائيلية ينصب على الخشية من حصاد القتلى العسكريين في القتال البري مع مقاومين لا يهابون الموت و يطورون من مهاراتهم القتالية كما ظهر من خلال اختفاء اي تصرف استعراضي داخل القطاع خلال أيام المواجهة ، كما كان يحصل سابقا ، بحيث فشل الطيران في النيل من اي تجمعات قتالية فعلية .
انتصار المقاومة عسكريا واضح و نقي لا تشوبه شائبة و لا يمكن التشكيك به و ما يستحق النقاش هو الإدارة السياسية للمعركة من جانب قيادة المقاومة التي لم يتناسب سقف شروطها مع حجم الإنجاز الميداني فالسؤال هل فعلا كان مستحيلا انتزاع فك الحصار ليصبح مطلب المقاومة فتح المعابر و الإبقاء على قيود الحلف الأميركي الإسرائيلي التي تعهد الرئيس المصري بها تنفيذيا ؟