نصرالله: المعركة في سوريا تعطينا إضافات نوعية في أي معركة مع إسرائيل
جدّد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله القول أنّ الذهاب للقتال في سوريا هو في الدرجة الأولى للدفاع عن لبنان وعن المقاومة في لبنان وعن كل اللبنانيين من دون استثناء، مشيراً إلى أنّ حادثة عرسال الأخيرة جاءت لتؤكد هذه الرؤية، لافتاً إلى أنّ جرود عرسال الممتدّة على عشرات الكيلومترات وجرود بقاعية أخرى تحتلها جماعات مسلحة سورية منذ بداية الأحداث، وقد أنشأ هؤلاء معسكرات تدريب وغرف عمليات ومشافي ميدانية ومعسكرات وتجمّعات داخل الأراضي اللبنانية، حتى قبل أن يذهب أي مقاتل من “حزب الله” إلى سوريا.
وفي حديث إلى صحيفة “الأخبار” نشر الجزء الثاني منه اليوم، شدّد السيد نصرالله على أنّ الأمر لا يتعلق بحرب استباقية، موضحاً أنّ القصير على الحدود، “ومن المقطوع به والذي يتأكد يوماً بعد يوم أنه لولا حرب القصير، سريعاً ما كانت الجماعات المسلحة ستدخل إلى الهرمل وإلى منطقة البقاع الشمالي”، مشيراً إلى أنّ الأمر الأهم أنّ الخطر الآن يستهدف الجميع، وقال: “ما كنّا نتحدّث عنه قبل ثلاث سنوات بات الجميع اليوم يتحدّث عنه، وحتى الخصوم يقرّون بأنّ ما يجري في المنطقة يهدّد الكيانات والدول والمجتمعات والشعوب، ويهدّد المنطقة بأسرها، وبات يهدّد مصالح الدول الكبرى في العالم”.
وأعرب السيد نصرالله عن اعتقاده بأنّ هناك واجباً على كلّ من يستطيع أن يكون جزءاً من هذه المعركة للدفاع عن لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والمنطقة والقضية الفلسطينية، وعن المسلمين والمسيحيين والأقليات الدينية، متحدّثاً عن خطر كبير يجتاح ويتقدّم ويرتكب مجازر مهولة، لا ضوابط لديه ولا عوائق أو حدود بالمعنى الفكري والأخلاقي والشرعي والإنساني، وقال: “هناك وحش فالت من عقاله في المنطقة، فإذا خرج أحد ليقاتل هذا الوحش ويمنعه من افتراس شعوب المنطقة ودولها وكياناتها، هل يجب أن يُشكر أم يُدان؟”
وفيما جدّد الأمين العام لـ”حزب الله” الرهان على يوم سيقول له خصومه والمكابرون “أنتم على حق، ومشكورون”، أشار إلى أنّ المزاج الشعبي تغيّر، لافتاً إلى أنّ السياسيين هم آخر من يمكن أن يتغيّر مزاجهم لأنّ لديهم حسابات مصالح، ونبّه إلى أنّ خطر “داعش” لا يعرف شيعياً أو سنياً ولا مسلماً أو مسيحياً أو درزياً أو أيزدياً أو عربياً أو كردياً، وهذا الوحش ينمو ويكبر، لافتاً إلى أنّ الإمكانات والأعداد والمقدرات المتاحة لـ”داعش” ضخمة وكبيرة، وهذا ما يثير قلق الجميع، وعلى الجميع أن يقلق.
ورأى السيد نصرالله أنّ بعض الدول تعرف ماذا أوجدت وربّت، ولذلك تشخيصها لخطر “داعش” أكبر وأهم وأدق من تشخيص الآخرين لأنهم يعرفون ما لديهم، وتحدّث عن “رعب حقيقي” داخل دول الخليج وفي السعودية لأنّ هذا الفكر هو الذي يلقّن منذ عشرات السنين للناس، في المدارس وفي المناهج التعليمية، لكنه شدّد على أنّ هذا الخطر يمكن مواجهته والتغلب عليه وإلحاق الهزيمة به، إلا أنّ الأمر بحاجة إلى جدية، وقال: “نحن في القصير والقلمون وغيرهما لم نقاتل “الجيش الحر” وأصحاب الفكر العلماني أو الليبرالي بل قاتلنا هذا الفكر وهزمناه، لكن المطلوب من الناس أن تأخذ موقفاً وأن تعي وتنتبه”.
وفيما رأى أنه من الممكن أن تكون عودة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى لبنان بداية استشعار سعودي بضرورة لملمة الوضع وتسليمه قيادة تيار الاعتدال في وجه الإرهاب، لفت إلى أنه “حيث يوجد أتباع للفكر التكفيري توجد أرضية لـ”داعش”، وهذا موجود في الأردن، والسعودية والكويت ودول الخليج، “وإذا كان من دولة تعتقد بإمكان دعم هذا التنظيم وتوظيفه عندما تصل “النوبة” إليها فلن ترحمها داعش”.
من جهة ثانية، شدّد السيد نصرالله على أنّ “حزب الله”، عندما يقدّم أيّ مساعدة أو مساندة في أيّ ساحة من الساحات، فإنّ حساباته لا تكون طائفية، بل انطلاقاً ممّا يسمّيه معركة الأمة ومشروع الأمة ومصلحة الأوطان والشعوب، ورفض توصيف المقاومة في لبنان بأنها شيعية، قائلاً أنها مقاومة لبنانية وطنية لكلّ اللبنانيين، وقال: “بالنسبة إلينا، كنا حريصين منذ البداية على التأكيد أنّ تواجدنا في سوريا ليس على أساس طائفي، وأننا ساعدنا المقاومة في العراق على أساس غير طائفي أيضًا، ونحن ساعدنا حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية وهم سنّة”، وأضاف: “دائمًا يُراد التغطية على مساهمتنا الفلسطينية ليعطونا العنوان الطائفي والمذهبي، ونحن نقول حيث يوجد دفاع عن فلسطين وعن محور المقاومة وعن الناس، وحيث نستطيع أن نكون موجودين وحيث يمكننا أن نساعد سنفعل، وإذا كانت لدى حزب الله إرادة الدفاع عن أهله وشعبه وقضية أمّته، ومستعد أن يفعل ذلك، فهذا ليس جريمة أو ذنباً”، وأضاف: “لو لم يقاتل حزب الله في القصير وفي القلمون، لم تكن المعركة الأخيرة في عرسال فقط، كان البقاع “خلص”، وكانوا وصلوا إلى الجبل وعكار والساحل، ولكانت المعركة في بيروت والجنوب”.
وأكد السيد نصرالله أنّ الرعاية اللبنانية لبعض الجماعات المسلحة في بعض المناطق السورية لا تزال قائمة تمويلاً وتسليحاً وتدخلاً واهتماماً وتوجيهاً ولكن بعيداً عن وسائل الإعلام، ولفت إلى أنّ هذا الأمر مستمر ولم يتغير شيء، مشدّداً على أنّ المطلوب قرار سياسي بوقف استخدام النازحين، وبالتالي فتح باب التعاون مع الحكومة السورية لإعادتهم إلى بلادهم، مشيراً إلى أنّ لدى سوريا استعداداً كبيراً للتعاون في هذا الشأن.
ورداً على سؤال، لفت السيد نصرالله إلى أنّ القول أنّ مشاركة “حزب الله” في الحرب في سوريا تشكل استنزافاً ماديا وبشريا له مبالغة، وأوضح أنّ ما يتحمّله الحزب من تضحيات في سوريا منذ بداية تدخله إلى اليوم يبقى أقل بكثير من التضحيات المفترضة والأثمان التي كان على الحزب واللبنانيين جميعاً دفعها لاحقاً لو لم يتدخل.
وأكد السيد نصرالله، رداً على سؤال آخر، أنّ ما أعدّ لإسرائيل يختلف بطبيعة الحال عن المعركة التي يخوضها “حزب الله” ضد الجماعات المسلحة في سوريا، مشيراً إلى أنه لا يرى أنّ هناك شيئاً كان “حزب الله” قد أعدّه أو أخفاه أو خبّأه في مواجهة الإسرائيلي وانكشف، وقال: “بالعكس، هذه المعركة تكسبنا من الخبرة ومن المعرفة ومن الآفاق الواسعة ما يمكن توظيفه بشكل أفضل في أي مواجهة مستقبلية مع العدو، هجوماً ودفاعاً”. ونفى أن يكون “حزب الله” قد اصطدم مباشرة مع الإسرائيلي في سوريا، وتحدّث عن وجود تشكيل شعبي في الجولان نفذ عمليات ضدّ قوات الاحتلال هناك.
وفي سياق حديثه، لفت السيد نصرالله إلى أنه لا يخرج في خطاباته ويقول ما يريده من دون ضوابط خصوصاً في الخطابات الحساسة والتي يكون فيها اتخاذ مواقف، موضحاً أنّ الأمين العام ليس قائد “حزب الله” وهو ليس صاحب القرار في الحزب، شارحاً أنّ القرار السياسي يؤخذ بشكل أساسي في شورى القرار وتتخذ المواقف الأساسية والقرارات الأساسية، والأمين العام هو شريك مؤثر في اتخاذ القرار لكنه ليس من يتخذه. وشدّد على أنّ الحزب النفسية بالنسبة لمدرسة “حزب الله” تعتمد على الصدقية، وفي ما يتعلق برفع الصوت وخفضه في خطاباته، أوضح أنّ الأمر مقصود وهو يتعلق بطبيعة المناسبة وطبيعة الجمهور، فما يجب رفع الصوت فيه لا يمكن قوله بصوت منخفض، والعكس صحيح، “فلكلّ مقام مقال وحال وصوت ورفعة إصبع”.
ونفى السيد نصرالله أن يكون اقتصار بعض خطاباته العلنية على عشرين دقيقة له علاقة بالوقت الذي يحتاج إليه الطيران الإسرائيلي لكي يصل إلى الأجواء، لافتاً إلى أنّ القصد هو الاختصار ما أمكن والقول أنهم بحاجة إلى 15 دقيقة ليس دقيقاً.
موقع النشرة الإخباري