مونديال المودَّة لفلسطين.. لماذا يكرهنا العرب؟
موقع العهد الإخباري-
ايهاب زكي:
وإنّ الضِّغنَ بعد الضِّغنِ يبدو عليكَ.. ويُخرِجُ الداء الدفينا – عمرو بن كلثوم
عنونت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية على صدر صفحتها الأولى “مونديال الكراهية”، وهو انعكاسٌ لإخفاء الضغينة التي تبديها ألسنتهم، “وما تُخفي صدورهم أكبر”*، فلا يوجد في العقيدة الصهيونية عربيٌ جيد ــ أي يستحق الحياة ــ سوى العربي الميت، وهذا الداء الدفين الذي يتدفق من أفواههم، هو الحقد المتراكم في صدورهم على كل ما هو عربي.
الصحفيان “راز شاشنيك” و”وعوز معلم” في اعلام العدو، قالا في تقريرهما “عندما وصلنا إلى قطر، توقعنا معاملة عادية كصحفيين يغطون حدثاً دولياً، ولكن بدلاً من ذلك شعرنا بالعداء، ونواجه بالشتائم ونظرات الكراهية من المشجعين العرب”. وقال معدّ التقرير “أنت تتحدث لمواطن قطري، تستضيف بلاده المونديال، وليس مجرد شاب لبناني عابر سبيل في مونديال قطر”، وأضاف “أدركنا في هذا المونديال أن الكراهية ليست من الحكام والأنظمة، وإنما من الشعوب والناس والجماهير في الشارع، ونشعر بأننا مكروهون ويكتنفنا العداء، نحن غير مرغوبٍ بنا”.
ويروي الصحفيان أنهما في اليوم الأول كان بإمكانهما تبادل التحيات والتعريف عن نفسيهما كـ”اسرائيليين”، وكان ذلك دائما يؤدي إلى مواجهةٍ صعبةٍ وصدامٍ مع العرب، وصولاً للشتائم الصارخة بلغةٍ يمكن فهمها حتى قررا التعريف عن نفسيهما كصحفيين من الإكوادور.
ويقول “شاشنيك” في “يديعوت أحرونوت”: لطالما اعتقدت أن المشكلة كانت مع الحكومات العربية وحكومة “إسرائيل” ولكن في هذا المونديال عرفت مدى الكراهية لـ”إسرائيل” و”الإسرائيليين” بين الناس، وكم يريدون مسحنا من على وجه الأرض، وإلى أيّ مدى يثير كل ما يتعلق بـ”إسرائيل” حقداً شديداً في نفوسهم”.
وأضاف “في كل مكان يرافقنا فلسطينيون وإيرانيون وقطريون ومغاربة ــ المغرب العربي ــ وسوريون وأردنيون ومصريون ولبنانيون بنظراتٍ تملؤها الكراهية”.
لا يوجد تفسيرٌ لهذا الأمل لدى هؤلاء القتلة، سوى أنّ عمليات التطبيع المسعورة قد غرَّتهم، وجعلتهم في حالة ظنٍّ آثم، أنّ المنطقة قد دانت لهم، وبات بإمكانهم التجول في عواصم العرب وتحت أنظارهم، ثم يلقون الترحاب.
إنّ مجرد السماح لهم بتغطية أحداث المونديال على أرضٍ عربية هو جريمة تطبيعٍ مكتملة الأركان لن يسامح التاريخ عليها قبل الشعوب، ولا يوجد ما يبررها على الإطلاق، وإذا كان الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، قرر إقصاء روسيا عن المونديال على خلفية الحرب في أوكرانيا، كان بإمكان الدولة المضيفة منع دخول الصحفيين والمشجعين من الكيان المؤقت، كما أنّ”فيفا” وقوانينها لم تكن يوماً بديلاً عن سيادة الدول وقراراتها السيادية.
حتى الأمم المتحدة بكل قوانينها ليست بديلاً عن القرارات السيادية، حيث رفضت الولايات المتحدة منح تأشيرة لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974، كذلك عام 1988، وهذا ما كان منافياً لاتفاقية استضافة مقر الأمم المتحدة، التي تنص على منح بعثات الدول تأشيراتٍ دائمة ومتجددة، بغض النظر عن الخلافات السياسية مع البلد المضيف ــ الولايات المتحدة ــ، لكن الولايات المتحدة استغلت فقرة في اتفاقيات الاستضافة، تنص على أنّ البلد المضيف من حقه حماية أمنه، وقد اعتبرت ياسر عرفات خطراً على أمنها.
وكان بإمكان قطر رفض استقبال هؤلاء القتلة، لأنّهم بالفعل خطرٌ على أمنها وهوائها ومائها وشوارعها وبرها وبحرها، فهؤلاء الملوَّثون الملوِّثون، لا يصلح بوجودهم أمنٌ ولا هواء ولا ماء ولا طعام، ولنفترض أنّ عربياً عاجلهم بفعلٍ دموي، كيف سيتحول أمن المونديال وأمن قطر؟
إنّ ردّة فعل الجماهير العربية والإسلامية في قطر، على وجود هؤلاء ما هي إلّا الرغبة بالتودد لفلسطين، قضية وجودهم وسرّهم المكنون. إنّه التودد والمحبة اللذين حاولوا أن يقولوا من خلالهما كم نحن خجلى من ألّا نعطي لفلسطين حتى أضعف الإيمان، فهذا القاتل يتجول بين أيدينا، ويدّب فوق أرضنا، يتنفس هواءنا ويشرب ماءنا، ولا نملك له إلّا الشتم والازدراء، لأنّ هناك قانوناً سنّته أيدٍ عربية، كبّل كل ما فينا إلا القلب واللسان.
سيعود الصحفي الاسرائيلي من قطر بعد انتهاء المونديال “بطلاً” احتمل “إرهاب” الكراهية والعرب، ليقول في أول تقاريره الصحفية، إنّ “جندياً بطلاً” قتل “إرهابياً” عربياً يبلغ من العمر عشر سنوات في القدس، أو إنّ “جندياً شجاعاً” قتل امرأة عربية في نابلس تحمل سلة من فاكهة، ظنّها الجندي الحريص لغماً، ثم يتساءل قبل أن ينتهي من تقريره: لا أعرف لماذا يكرهنا العرب.