مواقف السيد نصرالله تمهّد لمواكبة التحولات المتسارعة في المنطقة
موقع النشرة الإخباري ـ
أنطوان الحايك:
استأثرت إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بالاهتمامات الرسمية والشعبية لما حملته من رسائل ليس أولها الردّ على دعوة وزير الخارجية الأميركية جون كيري له ولحزبه للعب دور في التسوية السياسية للأزمة السورية، ولا آخرها محاولته إعادة الحياة إلى مفاصل الدولة المعطلة بفعل الفراغ الرئاسي وتداعياته السلبية على سائر المؤسسات الرسمية، مرورا بمخاطبة الشارع المقابل وتحديد الثوابت اللازمة لطمأنة الافرقاء في ظل انشغال العالم بأزماته ومشاكله التي دفعت بالأزمة اللبنانية إلى مستويات دنيا من الاهتمام، إضافة إلى لفته لضرورة المحافظة على ما تحقق من توافق أرخى بظلاله على الساحة الامنية.
وتوقفت أوساط سياسية قريبة من الثنائية الشيعية عند ما اعتبرته ردًا من السيد نصرالله على الاعتراف الاميركي المبطن بوجود الحزب أولاً وبدوره على مستوى لبنان والمنطقة ثانيا من خلال تحميله مسؤولية المشاركة في البحث عن حل سياسي للازمة السورية، بحيث جاء الرد بمثابة رسالة جوابية فحواها أنّ أيّ حل للازمة السورية يبدأ مع الرئيس بشار الاسد وينتهي معه في إشارة واضحة إلى أنّ ثنائية “حزب الله” والنظام السوري ثابتة ولن تتأثر بأيّ عوامل غربية أو أميركية بعد النجاح المحقق على المستويين السياسي والأمني العسكري.
ولفتت الأوساط نفسها إلى أنّ تركيز السيد نصرالله على الموضوع السوري بعد التحولات الاخيرة يحمل في طياته إعلانًا مباشرًا عن نصر محقق، وبالتالي فإنه لا بد من توظيفه على الساحة اللبنانية المثقلة بالازمات والهواجس، فالحل السياسي المفترض في سوريا سيرتد على لبنان حلولا مماثلة والأثمان يجب أن تُدفع في الداخل والخارج على حد سواء من خلال اعادة الاعتبار الى المناصفة واسقاط الثلاثية بشكل نهائي، أقله لعقود جديدة مقبلة من المرجح أن تشهد تحولات ايجابية لمصلحة المحور الايراني السوري اللبناني اذا ما جاز التعبير، وعليه لا بد من البدء بحلحلة بعض الامور الحياتية والاجتماعية والاقتصادية المسموح بها بانتظار اشارات جديدة تؤسس الى حلول سياسية تأتي في اوقاتها. وبالتالي فإنّ انتظار البحث في الحلول الاقتصادية لا يقع في مكانه الصحيح.
من جهة ثانية، رأت الاوساط أنّ تركيز السيد نصرالله على الشأن الداخلي والاجتماعي جاء استكمالا لما توصلت إليه المباحثات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تكتل “التغيير والاصلاح” ميشال عون من حلول لبعض الملفات المتراكمة التي يمكن أن ترخي بظلالها الثقيلة على الشارع وتعيده إلى مرحلة الضغط على الحكومة، وهذا أمرٌ غير مرغوب به في هذه المرحلة حفاظا على ما تبقى من أمن سياسي واجتماعي أولا وعلى ما تحقق من أمن سياسي على مستوى الخطط الامنية التي عادت أصلا لتشهد اهتزازات أكان في طرابلس أو في عرسال وجرودها وهي اهتزازات خطيرة لا يمكن اعتبارها غيوم صيف عابرة بل إنّها تؤسّس إلى خربطة معينة على صعيد الملف الأمني الكبير الذي يضم في تفاصيله الحرب على الارهاب المنظم والقضاء على الخلايا النائمة قبل ان تتحرك في هذا الاتجاه او ذاك.
تبقى العبرة، والقراءة دائما للمصدر، في كيفية تلقف الفريق الاذاري دعوات السيد نصرالله ورسائله، وما إذا كانت هذه القوى التي تشعر بخيبة أميركية لعدة اسباب أولها أنّ كيري لم يلتق خلال زيارته إلى لبنان أيّ شخصية اذارية وثانيها اقتصار ردة الفعل الاميركية على اعادة انتخاب الاسد بمواقف كلامية واستعراضات اعلامية دون مقاربة تطلعات خصومه ومن ضمنهم هذا الفريق المحلي، بحيث تأتي دعوات نصرالله بمثابة المبادرة القادرة على تشكيل مخرج لائق لكافة الافرقاء المحليين تمهيدا لمواكبة التحولات المتسارعة.