من توغو إلى المغرب.. هكذا فرضت إسرائيل دبلوماسيتها عبر برامج التجسّس
وكالة أنباء آسيا-
زينة أرزوني:
تحاول إسرائيل بشتى الطرق إختراق الدول، تارة عبر برامج التجسس التي تبيعها للحكومات، او عبر عملائها الذين تزرعهم داخل انظمة الحكم، ولفرض دبلوماسيتها في إفريقيا تمهيداً للتطبيع من توغو إلى المغرب إستخدمت احد اخطر الاسلحة الاستراتيجية في هذه الدول، حيث كشفت تقارير عن شراء غانا برنامج التجسس الحاسوبي “بيغاسوس” من المجموعة الإسرائيلية NSO، القادر على اختراق الهواتف النقالة الذكية لمسؤولين وناشطين ومعارضين وصحفيين، ويستطيع هذا البرنامج اختراق المكالمات المشفرة لأي هاتف ذكي، وبالتالي تحويله إلى أداة تجسّس.
ففي أيار عام 2021، كشف أوليفر باركر فورماور، أحد مؤسسي “أصلحوا البلد”، أن وزارة الأمن الوطني في غانا تراقب بشكل غير شرعي هاتف أحد أعضائها، وبعد اشهر قليلة أعلنت مجموعة الصحفيين الاستقصائيين “Forbidden Stories”، أن هواتف المواطنين الغانيين يجري بالفعل مراقبتها بشكل غير قانوني، فيما أخطرت شركة “أبل” الأفراد الذين استهدفهم “بيغاسوس” في غانا بأن هواتفهم عرضة للهجوم من أشخاص يعملون لصالح الدولة.
هذا الإعلان شكل صدمة في غانا، وبدأت تتكشف التفاصيل، حيث تم الكشف انه في كانون الأول عام 2015، وقعت شركة “انفرالوكس المحدودة للتنمية” عقدا بقيمة 5.5 مليون دولار مع مجموعة NSO لشراء “بيغاسوس”، وباعت هذه الشركة فيما بعد البرنامج إلى “هيئة الاتصالات الوطنية”، مقابل 8 مليون دولار.
وفي حزيران عام 2016، وصل فريق عمل شركة NSO إلى غانا بهدف تشغيل “بيغاسوس” وتدريب الموظفين المحليين على استخدام النظام، وكشفت تقارير انه تم تنزيل البرنامج في شقة مستشار الأمن الوطني في غانا، وسُربت معلومات حينها ان الحكومة التي كان يرأسها حزب “المؤتمر الوطني الديمقراطي”، أراد استخدام “بيغاسوس” للتجسس على عناصر المعارضة قبيل انتخابات كانون الأول 2016.
وبعد الكشف عن الصفقة السرية، وصدور قرار عن محكمة أكرا العليا يقضي بأن شراء “بيغاسوس” عمل غير قانوني وغير مصرّح به، وإدانة مسؤول من “هيئة الاتصالات الوطنية” ومستشار الأمن الوطني آنذاك بالفساد، التزم كل من حكومة الاحتلال، وجميع المتورطين في التحقيق الجنائي الصمت.
غانا تُعد من البلاد الرائدة في صناعة الأسلحة السيبرانية والرصد والمراقبة، وهي واحدة من 26 دولة يُستخدم فيها نظام “بيغاسوس” الذي طوّرته شركةNSO الإسرائيلية للتجّسس، وتشير تقارير إلى ان صفقة بيع البرنامج المشبوه في غانا، هي أشبه بورقة دبلوماسية ثمينة بالنسبة لإسرائيل التي تسعى إلى تطبيع علاقاتها والتصدي إلى حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات العالمية (BDS) ضد احتلالها للأراضي الفلسطينية، واكتساب الشرعية في إفريقيا.
وانطلاقا من هذا يعتقد صحافيون ونشطاء في ساحل العاج ورواندا والمغرب وتوغو وكينيا وغينيا الاستوائية ومصر والكاميرون وأوغاندا وأثيوبيا، ان تكون إسرائيل باعت هذه البرامج الى حكومات تلك الدول بهدف حصولها ورقة دبلوماسية رابحة ضغطت من خلالها للحصول على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي، وهو منصب ظلت تطمع فيه قرابة عقدين من الزمن، حتى حققت ما تريده في تموز 2021، واعتُمدت كمراقب من قبل رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، وهو ما أثار انقساماً داخل الاتحاد الإفريقي، فقد كان الرئيس الغاني نانا أكوفو أدو، أحد المدافعين بضراوة عن إسرائيل في الاتحاد الإفريقي، ومارست بلاده ضغطًا شديداً لكي تحصل إسرائيل على صفة مراقب.
إستغلت حكومة الاحتلال تعطش القادة الافارقة للسلطة، ولمراقبة المعارضين لحكمهم، فعرضت على بعض الحكام في افريقيا عبر دبلوماسيين إسرائيليين دعماً عسكرياً واستخباراتياً، مقابل تأييدهم لاعتماد اسرائيل كمراقب في الاتحاد الإفريقي، بحسب ما كشفت مصادر في “قمة رؤساء دول الاتحاد الإفريقي”” التي عقدت في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في شباط 2022،
والى جانب غانا، تُعد المغرب أحد أهم عملاء شركة NSO، إذ استخدمت نظام “بيغاسوس” لمراقبة ما لا يقل عن عشرة آلاف هاتف، من بينها هواتف ناشطة حقوق الإنسان الصحراوية أميناتو حيدر والصحفي المغربي عمر راضي، فيما استخدمت السلطات الرواندية نفس النظام لاستهداف 3500 ناشط وصحفي وسياسي محتملين.