“معركة اليرموك”
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد
هي بساطة استعمال الأسماء التي رشحت منها بطولة في التاريخ .. لايذكر التاريخ الإسلامي والا وكانت معركة اليرموك اساسه وعبرته. في تلك المعركة تفتقت عبقرية السلممين وخصوصا قائدها خالد بن الوليد وبقية القادة الذين استنفروا افكارهم العسكرية كي تظل الى يومنا مثالا ونموذجا للمعارك الكبرى في العالم، وهي التي غيرت وجه المنطقة وحطمت احلام خصم عنيد هو هرقل. ومنها انفتحت الطريق الى دمشق وصار للمسلمين قوة استنهاض مناطق أخرى ماان وصلوها حتى دانت لهم.
اسم اليرموك ظهر في دمشق ليتحول الى خزان للوجود الفلسطيني الذي بعثرته النكبة الكبرى. في تلك البقعة التي تبعد عن دمشق ثمانية كيلومترات، تنهد التاريخ ألما حين هاجمته جحافل المعارضة السورية التي أدت الى بعثرة جديدة للوجود الفلسطيني سماه البعض بالنكبة الثانية. لكني لا اعرف ما المقايضة التي حصلت بعدها، حيث انسحب المسلحون من شوارع المخيم وبقي الجيش السوري خارجه. هل هو تفاهم بين طرفين متخاصمين متضادين ” عدوين”، وهل هو تفاهم احتاجه الطرفان لمناطق أخرى. هل هو اعتراف الدولة السورية بالمعارضة التي تقاتلها بلا هوادة، وهل هو اعتراف المعارضة بالنظام الذي ترفض الحوار معه. اسئلة ستظل طي كتمان من فعّلها فادت بعض التفاهم الذي يصلح ليكون جسر عبور الى حوار أوسع.
ما حصل بعد ” معركة مخيم اليرموك” الأخيرة فتح المجال للوحة جديدة لم تلحظ في كل معارك المعارضة والدولة. لانعرف اذا ماكانت مرحلة تأسيس في حين يخفي كل من الطرفين حوارا عبر آخر، او أخرين لعبوا أدوارا أدت الى تفريغ المخيم ممن احتلوه، فادت النتائج اغراضها، بمعنى انتشال المخيم بكل مكونات المليون شخص الذين يتواجدون فيه من أذى رد فعل الجيش السوري الذي كان عليه خوض معركة استرداده، خصوصا انه يقع في خاصرة دمشق ويكاد يلامس المناطق التي تتمدد اليها، فهو بالتالي موقع استراتيجي لايجوز التهاون به.
لا يعني ما حصل في مخيم اليرموك الفلسطيني انتفاء للمعارك المتوقعة التي قد تزداد ضراوة، خصوصا وان تهديدات المعارضة بالعبور الى العاصمة مازالت قائمة، فيما الصراع العسكري في مناطق أخرى لم يتوقف ولن يتوقف. فهي بالتالي مراحل تغتصب فيها المعارضة امكنة ومواقع كي تعود بعدها الى يد الجيش العربي السوري الذي سيخرج من معادلة معاركه الجارية على ارضه كأقوى جيش في العالم، استفادة من نوعيات القتال التي أكثرها مزيج من الحرب الكلاسيكية وحرب العصابات، وبعضها حرب عصابات بكل معنى الكلمة.
ذاكرتنا الإسلامية مازالت على اعتزازها بمعركة اليرموك الإسلامية، فيما معركة مخيم اليرموك الأخيرة اعتداء على الأولى اسما وفعلا.