معدل وسطي لسعر الصرف في موازنة 2022: ما هي الإنعكاسات؟
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
حددت وزارة المالية اللبنانية معدلًا وسطيًا لسعر الصرف في مشروع موازنة 2022. وسواء كان المعدل 10 آلاف ليرة أو 20 ألفًا، فهذا يعني أن السعر غير ثابت لكافة البنود المتعلقة بالايرادات والنفقات. وطالما صرّحت وزارة المالية أن هذا السعر هو معدل وسطي، فهذا يؤكد أن بعض الايرادات والنفقات ستسعّر على أسعار مختلفة قد تكون أعلى أو أدنى من السعر المذكور. وهذا يعتبر اعترافًا واضحًا بأن أسعار الصرف لن تكون موحدة لكافة الضرائب والرسوم والنفقات على أنواعها.
١- انعكاس زيادة سعر الصرف في الموازنة على المواطنين:
إن أول من سيتضرر من رفع سعر الصرف في الموازنة هو المواطن اللبناني وقدرته الشرائية لأن النموذج المعتمد هو زيادة الدولة لايراداتها من الضرائب والرسوم وليس من الانتاج، مما سيحمل المواطنين أعباء كبيرة على كافة الصعد، وخاصة في مجال العقود والمعاملات الرسمية التي سترتفع رسومها بنفس نسبة سعر الصرف من ١٥٠٠ ليرة إلى السعر المحدد.
وكذلك سيكون لرفع سعر الصرف تأثير كبير على ارتفاع أسعار السلع والخدمات كافة من مواد غذائية واستهلاكية مهما كان نوعها بفعل التفلت في التسعير وغياب الرقابة وزيادة الاحتكار فضلًا عن تصاعد قيمة الرسوم والضرائب.
٢- نسبة العجز ستكون أكبر من المتوقع
حددت وزارة المالية نسبة عجز الموازنة بنحو ٢.٣ بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وهو رقم غير واقعي نظرًا لصعوبة تحصيل الإيرادات المتوقعة في المرحلة القادمة، لأن العجز المالي المقترح في الموازنة يقدر بحوالي ١٠٢٦٢ مليار ليرة بالاضافة الى السلفة المعطاة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان والبالغة ٥٢٥٠ مليار ليرة مما يرفع قيمة العجز الكلي إلى حوالي ١٥٥١٢ مليار ليرة في حال تم تحصيل مجمل مجموع الإيرادات. وهذا طبعًا غير ممكن في ظل التهرب الضريبي في البلاد من جهة وفي ظل تضخيم أرقام التحصيل وفق أسعار صرف مختلفة مما يشكك في إمكانية أن يأتي العجز كما تتوقعه وزارة المالية بالاضافة الى غياب الواقعية في تحديد حجم الناتج المحلي الإجمالي.
٣- انعكاس أرقام الموازنة وسعر الصرف فيها على سعر الصرف الفعلي في السوق
إن تعدد أسعار الصرف في الموازنة وخاصة في تفاصيل تحصيل الإيرادات وتحديد النفقات سيساهم في خلق حالة من التفلت النقدي في الأسواق بسبب غياب الرقابة الفعلية، ومع مرور الوقت سيؤدي هذا الى ارتفاع الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في السوق من جديد، خاصة أن نفقات الموازنة تتخطى ٤٩ ألف مليار ليرة وقيمة العجز الكلي من المتوقع أن تصل إلى حدود الـ ٢٥ ألف مليار ليرة مما سيخلق تضخمًا جديدًا في حجم الكتلة النقدية بالليرة مع ارتفاع تدريجي للطلب على الدولار بسبب عدم وجود انتاج محلي يلبي حاجات السوق، ونظرًا لعدم قدرة المصرف المركزي على الاستمرار طويلًا في ضخ الدولار في المصارف. كل ذلك سيخلق مزيدًا من التدهور في قيمة الليرة اللبنانية إذا لم تُقَر خطة تعافٍ اقتصادي شاملة تنعش الإنتاج المحلي وتعيد الثقة بالاقتصاد الوطني.
٤- الأفضل العمل على زيادة ايرادات الدولة من خلال زيادة الانتاج
كان الأجدر بمن وضع الموازنة أن يسعى للعمل على تحسين الانتاجية والناتج المحلي، مما سيرفع حكمًا من ايرادات الدولة بشكل كبير. تنتهج هذه الموازنة نفس الأسلوب القديم في الموازنات السابقة المبني فقط على تحميل المواطنين والموظفين كل تبعات خسائر الدولة حيث يدفعون وحدهم كل الثمن في ظل النظام الضريبي غير العادل الذي يعفي المصارف وأصحاب رأس المال من الضرائب من خلال تقديم الحوافز الضريبية اللازمة بشكل غير عادل مما يحرم الدولة من ايرادات كبيرة على حساب القدرة الشرائية للمواطن الذي لم يعد له لا حول ولا قوة.