معبر اليعربية في قبضة الأكراد
بعد أربعة أيام من المعارك غير المسبوقة، في محيط معبر اليعربية الحدودي بين سوريا والعراق، أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية (YPG) سيطرتها على المعبر ومدينة تل كوجر، في وقت استمرت فيه المعارك في حلب وريف حمص.
بعد نحو مئة يوم من المعارك العنيفة وسقوط أكثر من ألف قتيل، معظمهم من تنظيم «دولة الإسلام في العراق والشام» (داعش)، و«جبهة النصرة» والقوى المتحالفة معهما، يبدو أن الوحدات الكردية قررت، أخيراً، بسط سيطرتها على معبر اليعربية على الحدود العراقية السورية خلال فترة زمنية قياسية، لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية.
ويمثل المعبر متنفساً لأكراد سوريا المحاصرين من جميع الأطراف الإقليمية وكذلك الداخلية. فمنفذ سيمالكا الحدودي، غير الرسمي، مع إقليم كردستان العراق ظل مغلقاً، كذلك الأبواب التركية. كما تقلصت حركة النقل والتجارة بين الحسكة ودمشق لدواع أمنية، ما أدى الى شحّ الأدوية والمواد الغذائية الضرورية، وفقدان بعضها في محافظة الحسكة. كذلك يؤدي طرد «داعش» و«أخواتها» من المعبر إلى إراحة السلطات العراقية من كابوس كان يؤرقها خلال الأشهر الماضية، بسبب عمل «داعش» على طرفي الحدود.
وتعد المساحة بين اليعربية (تل كوجر) ورميلان منطقة نفطية، كانت تسيطر الكتائب المتشددة على عدد كبير من آبارها، وباتت اليوم في قبضة الوحدات الكردية. كما سيساهم هذا التطور البارز في التضييق على الكتائب المتحصنة داخل بلدة تل حميس، التي تبعد نحو 40 كلم جنوب القامشلي.
وخلال ثلاثة أيام فقط، حطّ المقاتلون الأكراد عند مشارف البلدة بعد سيطرتهم على أكثر من 15 مركزاً عسكرياً، بينها قرية عائدة لعائلة رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد الجربا، الى أن دخلوا اليعربية في اليوم الثالث، وفي الرابع، أي فجر أول من أمس، أعلنوا السيطرة الكاملة عليها.
وأكدت الوحدات الكردية سيطرتها على خمس دبابات وراجمة صواريخ وأسلحة متوسطة وخفيفة. وفي المقابل، خسرت ثلاثة من مقاتليها، في حين زعمت أن عدد قتلى التنظيمات المسلحة وصل الى العشرات. وفي بيان لها، أكّدت وحدات الحماية على دور «العشائر العربية، وخاصة قبيلة الشمر» في حربها ضد الكتائب الإسلامية. وفي هذا السياق، فضّل لواء «أحرار الجزيرة»، الذي يضم مقاتلين محليين من القبيلة ذاتها الوقوف على الحياد.
وفي أول ردود الفعل، أكد «الائتلاف الوطني» المعارض أن «قوات في الجيش العراقي» شاركت في المواجهات بقصف معبر تل كوجر، بالتنسيق مع الوحدات الكردية، التي قامت بشن «هجوم بري» على المدينة، واشتبكت مع «الجيش الحر» هناك، بهدف السيطرة على الجهة السورية من المعبر و«بتسهيلات من جنود الحدود العراقيين». كما شدّد البيان على تعهد الائتلاف و«هيئة الأركان في الجيش الحر بالدفاع عن كامل التراب السوري ضد أي اعتداء، وصيانة وحدة سوريا الجغرافية وسيادتها الوطنية، ويعد بالتصدي للميليشيات التي اعتدت على مقار الجيش الحر في مدينة اليعربية ومحاسبتها».
ونقلت وسائل إعلام كردية عن نواب عراقيين «ارتياح بلادهم من سيطرة المقاتلين الأكراد على المعبر الحدودي بين سوريا والعراق»، مشدّدين على أهمية قيام السلطات العراقية بفتح المعبر للتبادل التجاري بين البلدين.
حلب وريفها
من ناحية أخرى، ارتفعت وتيرة المعارك بين الجيش السوري والجماعات التكفيرية المسلّحة، في أنحاء حلب وريفها، حيث استهدف الطيران الحربي تجمعات تابعة لهم، في وقت نفذت فيه وحدات الجيش عمليات خاصة اقتحمت خلالها مقار، قضت خلالها على عدد كبير من المسلحين.
وذكر مصدر عسكري أن وحدة من القوات المسلحة نفذت عملية دقيقة في منطقة الليرمون (غربي حلب)، استهدفت مقراً للمسلحين قضت خلالها على أعداد كبيرة منهم، ودمرت آلياتهم، في وقت استمر فيه الجيش بتأمين محيط السفيرة ومزارعها وإحكام الخناق على المسلحين هناك.
وفي المدينة، تصدّت وحدات الجيش لمحاولات تسلل مجموعات مسلّحة باتجاه فندق الكارلتون وخان الشونة، وفي قسطل الحرامي باتجاه الحميدية والسيد علي، وفي حي بني زيد باتجاه شارع تشرين. في وقت شهدت فيه منطقة غربي الزهراء مواجهات عنيفة سقط فيها العشرات من المسلحين بين قتيل ومصاب وفق مصدر عسكري.
في موازاة ذلك، اندلعت اشتباكات بين مجموعات من «الجيش الحر» وتنظيم «داعش»، في قرية الزيارة القريبة من مدينة نبّل، في وقت تمكنت فيه الأخيرة من السيطرة على قرية باشكوي وطرد مسلحي «الحر» منها. وتستعد جماعة «حسن البغل» لمواجهة مسلحي «داعش» مجدداً، بعد تنظيم صفوفها وفق مصادر أهلية.
وكشف مصدر معارض لـ«الأخبار» أن توتراً يسود منطقة عندان بعد اختطاف عمر الشغال، وهو من أقدم القادة المسلحين في البلدة، ويعتقد أن إحدى المجموعات الإسلامية المتطرفة خطفته بغية الاستيلاء على ما جمعه من أموال، ومعاقبته على جرائم السلب والسطو والقتل التي ارتكبها.
المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية