مسلحون سوريون: هكذا درّبنا أميركيون في قطر

irhab - syria

بعد ثلاثة أعوام على الحرب السورية لا يزال الغرب يعوّل على قلب الموازين في الميدان السوري لمصلحة المعارضة التي تتواصل هزائمها. وكشفت قناة أميركية في فيلم وثائقي «تلقّي مسلحين تدريبات عسكرية أميركية في قطر»، بالتزامن مع إعلان البيت الأبيض أمس عزمه على تقديم دعم إضافي للمعارضة «المعتدلة»

بعد تنامي الخوف من تعاظم دور «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، في ظل انحسار دور «المسلحين المعتدلين» والتقدّم المستمر للجيش السوري على جبهات القتال، اختارت واشنطن متابعة المواجهة في الميدان. وفيما أعلن البيت الأبيض، أمس، أنه يعتزم زيادة الدعم «للمعارضة المعتدلة» السورية وسط معلومات عن خطط الإدارة الأميركية ببدء تدريبهم، كشف مسلّحون سوريون في وثائقي بثّ على قناة «بي. بي. اس» PBS الأميركية، كيف اجتمعوا مع أميركيين على الأراضي التركية، مكلّفين مهمة تدريبهم، للانتقال بعدها إلى قطر، حيث تلقّوا تدريبات عالية المستوى، من بينها «كيفية القضاء على جنود لا يزالون على قيد الحياة بعد كمين»، بحسب ما قال أحد المسلحين.

وشكّلت المقابلات دليلاً جديداً على أنه بعد 3 سنوات من اندلاع الحرب في سوريا، واصلت واشنطن رعايتها للمعارضة السورية. وفي الأشهر القليلة الماضية، نشر على الأقل خمس من «الكتائب المسلحة» على موقع «يوتيوب»، عدداً من أشرطة الفيديو التي ظهر فيها استخدام المسلحين صواريخ «تاو» الأميركية الصنع. ويعتقد بحسب ما أفاد التلفزيون أنّ هذه الأسلحة أتَت عبر السعودية، لكن خبراء عالميين بالأسلحة ذكروا لمركز «ماك كلاتشي» الأميركي، أنه لم تكن هذه الأسلحة لتصل من دون موافقة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وبحسب الوثائقي، اتّجه الصحافي الذي أعدّ الفيلم إلى الحدود التركية مع المسلحين لتصوير المساعدات العسكرية التي حصل عليها هؤلاء، وهي عبارة عن أسلحة روسية الصنع، من دون أن يتمكّن من الذهاب مع المسلحّين إلى اللقاء المتفق عليه مع الجانب الأميركي. وعندما عاد المسلحون للقاء الصحافي على الحدود، أخبروه أنهم حصلوا على صواريخ «تاو».

اشتباكات عنيفة بين «داعش» و«الوحدات» في ريف رأس العين

ودائماً بحسب الفيلم، كشف قائد مجموعة عسكرية، أنه «طُلب خلال اتصالاته مع الأميركيين بأن يجلب بين 80 و90 فرداً إلى أنقرة للتدريب». وعند الوصول إلى أنقرة، بعد 14 ساعة من القيادة من سوريا، جرى التحقيق معهم لمدة أيام حول انتماءاتهم السياسية والجهة العسكرية التي يقاتلون معها. وقال القائد إنّ «من طرح الأسئلة على المسلحين عرّفوا أنفسهم على أنهم من الجيش، لكنه يعتقد أنهم من الاستخبارات الأميركية».

وفي اليوم الأخير، أخبر المسلحين «بأنهم سيتّجهون إلى مخيم في قطر». وبحسب المسلحين، جرى تدريبهم لمدة ثلاثة أسابيع، كما ظهر في الفيلم أنهم تلقّوا ألبسة عسكرية جديدة.

أحد المسلحين قال: «درّبونا على كيفية نصب الكمائن ضد النظام أو العدو وكيفية قطع الطريق. ودرّبونا أيضاً على كيفية مهاجمة سيارة، وعلى المداهمات، وأخذ معلومات وأسلحة وذخائر، وكيفية القضاء على جنود لا يزالون على قيد الحياة بعد كمين». وأكّد المسلحون في الوثائقي «أنهم لا يستطيعون الفوز على (الرئيس بشار) الأسد من دون صواريخ مضادة للطائرات». كذلك علق أحد المسلحين أنه «عندما رأيت أن التدريب لا يشمل صواريخ مضادة للطيران، دمّرت معنوياتي بالكامل».

في موازاة ذلك، تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما العمل مع الكونغرس لزيادة الدعم لجماعات المعارضة السورية، التي اعتبرها «بديلاً أفضل من الإرهابيين ومن ديكتاتور قاس». وقال إن بلاده «ملتزمة تقديم الدعم للشعب السوري والمعارضة المعتدلة، وكذلك للدول المجاورة لمواجهة آثار الأزمة». وأضاف، في الكلمة التي ألقاها في حفل تخرج بالأكاديمية العسكرية الأميركية في مدينة وست بوينت في ولاية نيويورك: «سنزيد جهودنا مع جيران سوريا في الأردن ولبنان وتركيا والعراق، لأنهم يستضيفون لاجئين (سوريين) ويواجهون إرهابيين يعملون عبر الحدود السورية».
ورأى أوباما، أيضاً، أنّه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، مشيراً إلى أنه قرر عدم وضع قوات أميركية ضمن ما وصفه بـ«الحرب الأهلية المتعاظمة طائفياً» في سوريا، وهو أمر قال إنّه يراه «قراراً صائباً».

في المقابل، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ تزويد مقاتلي المعارضة السورية بالصواريخ «يشكل خطراً على الطيران المدني». وأضاف، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأرجنتيني إيكتور تيميرمان، (سبق كلام أوباما) أنّ «موسكو قلقة من إجراءات دعم المعارضة السورية التي من المتوقع أن تعلنها قريباً الإدارة الأميركية، ومن احتمال أن تضم هذه الإجراءات تقديم مساعدات عسكرية وتدريب المقاتلين السوريين واستعداد واشنطن للتخلي عن اعتراضاتها السابقة على تزويد المعارضين بالأنظمة الصاروخية المضادة للجو الذاتية الحركة».
بدوره، رحّب «الائتلاف» المعارض بكلام الرئيس الاميركي، معتبراً في بيان أن «المعارضة ممتنة للدعم الأميركي للشعب السوري في نضاله ضد النظام»، مشيراً إلى أنّ هذه المساعدة المضاعفة «تعكس الشراكة بين الولايات المتحدة والشعب السوري (…) لوضع سوريا على طريق الانتقال الديموقراطي».

ميدانياً، تواصلت الاشتباكات في عدد من الجبهات السورية، ولا سيما في قرى وبلدات ريف درعا، فيما ارتفعت وتيرة الاشتباكات بين «داعش» ومقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية، في قرية الرواي في ريف مدينة رأس العين على الحدود التركية. وقتل 4 من «وحدات الحماية» إثر الاشتباكات، فيما قتل 9 من عناصر «داعش». وذكرت مواقع تابعة لـ«داعش» أن التنظيم أعدم 15 عنصراً من «حزب الاتحاد الديموقراطي»، إضافة الى مقتل 32 في كمين نصبه لهم التنظيم، لكن سرعان ما نفى مسؤول مقرّب من «حزب الاتحاد الديموقراطي» هذا الخبر. كذلك أعلن «داعش» اعتقال 13 كردياً عند الشريط الحدودي قرب بلدة الراعي في ريف حلب الشمالي.

وفي حمص، جرى أمس تبادل جثث مقاتلين بين الجيش السوري والمسلحين في حيّ الوعر، كبادرة حسن نية لتكملة صياغة بنود الاتفاق المراد إبرامه بين الطرفين. كيري: تخلصنا من الكيميائي دون ضربة عسكرية

قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أمس، إنّ الأفضل بالنسبة إلى بلاده هو التخلص من الترسانة الكيميائية السورية، عوضاً عن توجيه ضربة عسكرية لهذا البلد.
وأضاف، في تصريحات لشبكة الأخبار الأميركية «سي ان ان»: «أتعجب من النقاد الذين يفضّلون ضربة عسكرية ليوم واحد أو يومين والتخلص من خلالها من بعض الأسلحة، وإيذاء نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد مؤقتاً».

ورأى أنه «جرى التخلّص من 92% من الأسلحة الكيميائية السورية من دون توجيه ضربة عسكرية لدمشق»، موضحاً أنه «بانتظار التخلص من الـ8% الباقية». وكان نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قد أوضح أول من أمس أنّ أكثر من 93% من المواد الكيميائية أُخرجت من سوريا، وأن ما بقي يعادل 40 إلى 50 كيلوغراماً من المواد الكيميائية، حيث تُتَّخَذ حالياً إجراءات الأمان اللازمة لمنع مسلحين من استهداف القوافل التي ستنقلها قبل إخراجها من سوريا.

صحيفة الاخبار اللبنانية

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.