مساكنة بين «داعش» و«النصرة» في طرابلس
صحيفة البناء اللبنانية ـ
يوسف المصري:
كشف مصدر مطلع لـ«البناء» أنّ أخطر معلومتين أدلى بهما أمير «داعش» في القلمون أبو أحمد جمعة خلال التحقيق معه هما:
1 ـ يوجد لدى «داعش» و«النصرة» وشقيقاتهما في كلّ المناطق اللبنانية نحو ثلاثة آلاف عنصر موزّعين كخلايا نائمة في كلّ المناطق اللبنانية، من جنوبه مروراً بجبله وسواحله وصولاً إلى شماله. وفي منطقة الشمال الأخيرة يوجد منهم نحو ألف عنصر، وهؤلاء ينتظرون كلمة السر حتى ينتشروا فيها لتنفيذ خطة موصل ٢ في الشمال، في حين أنّ الخلايا النائمة الأخرى المنتشرة في باقي المناطق اللبنانية تخرج فوق الأرض في مهمة أشغال الجيش اللبناني.
وهذه المعلومة الآنفة هي التي حتمت على الجيش اللبناني القيام خلال الأسابيع الأخيرة التي تلت عملية غزوة التكفيريين لعرسال بعمليات دهم واسعة ومكثفة في كل المناطق اللبنانية لتفكيك شبكة الخلايا النائمة ذات الثلاثة آلاف عنصر.
2 ـ انّ هجوم «داعش» على عرسال كان يستهدف الوصول إلى بلدة اللبوة وارتكاب مجزرة فيها، والهدف من ذلك إشعال فتنة سنية – شيعية في لبنان.
وبحسب معلومات تمّ استخلاصها أخيراً بخصوص «غزوة عرسال» فانه داخل هذا الهجوم كان هناك صراع بين «داعش» و«النصرة» من أجل حسم الأمرة الميدانية على بلدة عرسال. فقبل «الغزوة» كانت السيطرة فيها معقودة لكل من «النصرة» و«الجيش الحر»، وكان قوام هذين الطرفين داخل البلدة يتشكل من سوريين وعرساليين وعناصر لبنانية من مناطق أخرى. وحينما اقتحم «داعش» البلدة تحت حجة الانتقام لاحتجاز الجيش اللبناني أبو أحمد جمعة، قام بعمليات تصفية لعناصر من «الحر» و«النصرة» بداخلها ومعظم هؤلاء لبنانيون، كما قام بارتكابات ضد مواطنين في البلدة، الهدف منها إثبات أن مناخها العسكري والعقائدي انتقل من أيدي «الحر» و«النصرة» إلى «داعش».
ومن هذه الارتكابات قيام عناصر «داعش» بقتل امرأة حامل لأنها خرجت إلى شرفة منزلها لتستطلع ما يحدث في جواره وهي حاسرة الرأس. كما قام عناصر آخرون بضرب أحد الشبان حتى فقد وعيه لأنه كان يرتدي قميصاً غير محتشم وفق الزي التكفيري. وخلال هجوم «داعش» قرر «الحر» و«النصرة» عدم التصدي له، ولم تخرج عناصرهما من المواقع أو المنازل التي تقطن فيها. وعلى رغم ذلك قام «الدواعش» بالتنكيل بهم، وظل هذا الحال كذلك حتى خروج الأطراف الثلاثة من البلدة إلى الجرود. وفي هذه الفترة كان هناك اختلاف في الأجندة بين «النصرة» و«داعش» فالأولى كانت تريد البقاء في عرسال من دون علم، وذلك للإفادة من البلدة كمركز تموين لعناصرها الموجودين في الجرود، أما «داعش» فكان يريد احتلال البلدة وزرع علمه فيها وتنصيب نفسه كجهة تشرف على مرجعية التموين منها إلى كلّ القوى التكفيرية الأخرى الموجودة في جرود عرسال وأيضاً في القلمون.
ويكشف المصدر عينه أنّ هذا التناقض بين «داعش» و«النصرة» حول كيفية التعاطي مع عرسال هو الذي يفسّر الكثير من الوقائع التي حدثت خلال معركة عرسال وما تبعها من حوادث على صلة بقضية وراء إطلاق النار على وفد هيئة علماء المسلمين ولاحقاً الملابسات التي رافقت نقل الجنود المخطوفين من البلدة إلى جرودها.
ويقول المصدر عينه إنّ كلاً من «النصرة» و«داعش» انتقلا الآن من حالة التناقض بفعل الظروف الميدانية المستجدة في عرسال وجرودها إلى المساكنة مع احتفاظ كلّ منهما لنفسه بأوراقه ذات الصلة بعلاقاته وامتداداته داخل الساحة اللبنانية. ومن بين أبرز الأمثلة العملية الدالة على نوعية هذه المساكنة القائمة الآن بين «داعش» و«النصرة» في عرسال وجرودها وصولاً لشمال لبنان، هو حقيقة أن كلاً من أسامة منصور وشادي المولوي ظلا لعدة أسابيع يتخذان من مسجد عبد الله بن مسعود في باب التبانة مقر عمليات عسكرية لهما، علماً أن كلاً منهما كان يدير على حدة عمله من داخل المسجد لحساب «داعش» و«النصرة». وتفيد المعلومات أنّ الوساطة الجارية منذ أيام لإخراجهما من المسجد، تطرح ترحيل إحداهما إلى القلمون حيث «النصرة» تتواجد بكثافة فيها، وتطرح ترحيل الثاني إلى تركيا حيث الحضن الدافئ لـ«داعش». وفيما أجهزة الأمن اللبنانية لا تعرف – أو هي ليست متيقنة حتى الآن – أياً منهما أي المولوي ومنصور يعمل لحساب «داعش» وأياً يعمل لحساب «النصرة»، فإنّ نتيجة التسوية سوف تحلّ هذا الالتباس، بمعنى أنّ من يذهب منهما إلى تركيا سيكون تابعاً «داعش» فيما الآخر يتبع لـ«النصرة».