مختبرات أوكرانيا البيولوجية تكشف من افتعل “كورونا”
صحيفة البعث السورية-
د. معن منيف سليمان:
تدير الولايات المتحدة الأمريكية مختبرات بيولوجية في أوكرانيا تدرس، على الأرجح، “طرق تدمير الشعب الروسي على المستوى الجيني”. فقد أدّت الحرب الأوكرانية إلى اكتشافات غير متوقعة، منها أن البنتاغون موّل مختبرات بيولوجية في أوكرانيا، حيث خُزِّنَت كميات كبيرة من الفيروسات الخطرة بالقرب من المدن الكبرى على الحدود الروسية، وهي مختبرات يُفترض أنها خصّصت لإنتاج أمراض فتّاكة، على غرار كورونا.
ولا تقتصر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على تقدّم القوّات الروسية بهدف حماية سكان دونيتسك ولوغانسك من حكومة كييف، أو منع الناتو من التمدّد شرقاً عن طريق أوكرانيا، بل أيضاً درء تهديد لن يؤثّر في روسيا فحسب، بل سيطال الدول الأوروبية أيضاً، وهو خطر الأسلحة البيولوجية التي تقوم الولايات المتحدة بتطويرها في مختبرات سرية في الأراضي الأوكرانية.
وفقاً للخبراء، يعمل ستة عشر مختبراً بيولوجياً أمريكياً على أراضي أوكرانيا، يتم تصنيف بعضها – حيث يمكن إنتاج فيروسات قاتلة – بالسرية. والخطير أن هذه المخابر الحيوية ليست في مناطق نائية، إنما بالقرب من المدن الكبيرة، و”هناك أربعة منها في كييف، وثلاثة في لفوف، ويوجد أيضاً مخابر في أوديسا، وخاركوف، ودنيبر وبيتروفسك”. والتجارب تنفّذ عملياً بالقرب من الحدود الروسية.
في أيار 2020، اعترفت أوكرانيا رسمياً بإقامة ثمان مختبرات لحفظ جراثيم بالغة الخطورة، وذلك بذريعة منع تطوير أسلحة بيولوجية، ولم تنفِ واشنطن ذلك، بل قالت آنذاك إن هذه المعامل جزء من البرنامج التعاوني للحد من خطر برامج أسلحة الدمار الشامل.
ولقد أجبرت العملية الروسية الخاصة على أراضي أوكرانيا علماء الفيروسات الأمريكيين على طمس آثارهم على وجه السرعة. وحاولت الولايات المتحدة وأوكرانيا تدمير عيّنات من “الطاعون والجمرة الخبيثة والتولاريميا والكوليرا والأمراض الفتّاكة الأخرى”. كما أن “كل ما هو ضروري للمضي قدماً في البرنامج العسكري البيولوجي قد أُخرج بالفعل من أوكرانيا”، حتى أن معلومات حول المختبرات البيولوجية الأمريكية اختفت من الموقع الإلكتروني لسفارة الولايات المتحدة في أوكرانيا.
إن المختبرات في أوكرانيا هي جزء من شبكة من مختبرات أمريكية منتشرة بالقرب من حدود روسيا والصين، ذلك أن الولايات المتحدة تدير مختبرات سرية للأسلحة البيولوجية في جورجيا أيضاً، ما يشكل انتهاكاً للاتفاقيات الدولية وتهديداً أمنياً مباشراً لروسيا.
هذا يفسر عدم مصادقة واشنطن على اتفاقية حظر استحداث الأسلحة البكتريولوجية والتكوسينية وإنتاجها وتكديسها، ولا على تدمير تلك الأسلحة. لقد قاموا ببساطة بإبعاد هذه المختبرات الخطرة عن أراضيهم. وهي الآن تعمل كأنما في منطقة رمادية، ومختبراتهم البيولوجية لا تقتصر على أوكرانيا وجورجيا، إنما هي موجودة أيضاً في أذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأرمينيا، أي أنها تحيط بروسيا كعدو محتمل. وفي هذه المختبرات، يختبر علماء الفيروسات العسكريون أحدث ما ينتجونه على مجموعات جينية محدّدة: على البشر والحيوانات والنباتات.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، تحوّلت أوكرانيا عملياً إلى “قنبلة بيولوجية” بالنسبة للبلدان المجاورة. إن القلق المفرط لممثلي الولايات المتحدة بشأن الأجسام البيولوجية الأوكرانية قد يشير إلى نيّة استخدامها لأغراض غير سلمية، ذلك أن المشروع الأمريكي لنقل مسببات الأمراض عن طريق الطيور البرية المهاجرة بين أوكرانيا وروسيا، قد بدأ فعلاً عن طريق انتشار حمى الخنازير الأفريقية والجمرة الخبيثة، وفقاً لتقارير ومعلومات استخباراتية.
وكشفت وثائق أن البنتاغون لديه برنامج عسكري للتجارب البيولوجية داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهي تخص البنتاغون، وقد قام علماء عسكريون تحت الغطاء الدبلوماسي باختبار فيروسات مصطنعة في مختبرات البنتاغون في 25 دولة، وإن مئات الآلاف من الناس يصابون بانتظام بالتهابات ويعانون من مُسببات الأمراض والأمراض الخطيرة، من بين الدول التي فيها المختبرات جورجيا وكازاخستان وأوزبكستان وأرمينيا.
ويتم تمويل برنامج المختبرات الحيوية الأمريكي من قِبل وكالة DTRA العسكرية، بموجب برنامج تبلغ ميزانيته 2.1 مليار دولار، ويشمل برنامج التعاون البيولوجي المشترك، مع بلدان الاتحاد السوفييتي السابق (جورجيا وأوكرانيا) والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا وأفريقيا.
وتفيد المعلومات الاستخبارية بأن عينات من فيروس الجدري نُقلت سراً إلى مختبر خاركوف في حاويات خاصة. وقد انتشر خبر التقرير الذي أرسل إلى البنتاغون وفيه تحدّث علماء الأحياء الدقيقة الأمريكيون عن نتائج مظفرة. فقد تمكّنوا من تخليق بنية فريدة من جينوم فيروس الجدري، يمكن أن تتنكر في شكل فيروس كورونا. ولا سيما أن رجل الأعمال الأمريكي بيل غيتس قال مؤخراً إن الوباء القادم سيكون الجدري، الذي يتسبب بوفيات تبلغ 90 بالمئة.
كل هذا يشير إلى انتهاك اتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والتكسينية، وتدمير تلك الأسلحة، حيث تنص أحكام هذه الاتفاقية على: ” التزامات الدول تحت أي ظرف من الظروف بعدم تطوير علم الأحياء الدقيقة أو عوامل بيولوجية أو سموم، لا يقصد منها أن تكون وقائية أو لأغراض سلمية أخرى”.
وبموجب هذه الاتفاقية، تعهدت الدول الأطراف بتقديم تقارير سنوية عن أنشطة محددة تتعلق باتفاقية الأسلحة البيولوجية، ومنها بيانات عن المراكز والمختبرات البحثية، ومعلومات عن مرافق إنتاج اللقاحات، ومعلومات عن البرامج الوطنية لبحوث وتطوير الدفاع البيولوجي، والإعلان عن الأنشطة السابقة في برامج البحث والتطوير البيولوجية الهجومية أو الدفاعية، ومعلومات عن انتشار الأمراض المعدية والأحداث المماثلة الناجمة عن السموم، ومعلومات عن التشريعات والأنظمة، وغير ذلك من التدابير.
وخلال العملية العسكرية الخاصة، تمّ كشف الوثائق والأدلة أثناء تمشيط دقيق لآثار برنامج بيولوجي عسكري يتمّ تنفيذه في أوكرانيا بتمويل من وزارة الدفاع الأمريكية، ذلك أن البنتاغون يشعر بقلق بالغ إزاء الكشف عن تجاربه البيولوجية السرية في أوكرانيا منذ بدء العملية الروسية في البلاد.
نائب وزير الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، وخلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ الأمريكي، ذكرت أنّ “إدارة بايدن تموّل بالفعل سلسلةً كاملةً من المختبرات البيولوجية في أوكرانيا”، وبيّنت أنّ “محتوياتها خطرة جداً إلى درجة أننا نشعر بقلق عميق من أن تقع هذه المواد في أيدي الجيش الروسي”.
واعترفت السيّدة أفريل هاينز مديرة الاستِخبارات الوطنيّة الأمريكيّة بصحّة الاتّهامات الروسيّة التي تقول إن بلادها تُشرف على برامج إنتاج أسلحة بيولوجيّة في أوكرانيا، وقالت إنها تُشغّل أكثر من عشرة مختبرات بيولوجيّة مرتبطة بمشروعات عسكريّة دفاعيّة وصحيّة، مشيرةً إلى أن الحكومة الأمريكيّة قدّمت لـ كييف مساعدات في مجال السّلامة البيولوجيّة.
شهادة السيّدة أفريل خلال جلسة اجتِماع بمجلس الشيوخ الأمريكي حول إنتاج هذه الأسلحة البيولوجيّة بهدف استِخدامها ضدّ روسيا الاتحاديّة عبر الطيور والزّواحف لنشر الأمراض الفتّاكة، جاءت صادمةً ومرعبة في الوقت نفسه، وتُعيد طرح العديد من الأسئلة حول احتِمال تصنيع فيروس كورونا في أحد المختبرات الأمريكيّة، وهي الفرضية التي حذرت منها الصين في الأسابيع الأولى لظهور الفيروس في إقليم ووهان الصيني.
إن خطورة هذه الأسلحة تكمن في إمكانية تطويرها في الاتجاه الجيني، إذ يمكن أن تصيب أعراقاً معينة دون أخرى، كما أنّه من الواضح جداً وجود أنشطة خطرة تقوم بها الولايات المتحدة وأوكرانيا في هذه المختبرات، ولا شك إنّ تطوير الأسلحة البيولوجية في المسار السلمي يمكن أن يتم في مصانع معروفة، ومن المعروف أن هذه المختبرات لها غرض مزدوج، إذ يتم تمويلها من قبل الأمريكيين، وتتم أنشطتها في مواقع سرية للغاية فلماذا يعمل الجانبان الأمريكي والأوكراني على تطويرها في مختبرات سرية؟.
إن العملية العسكرية وما تم كشفه على الأرض يثبت نيات الناتو وواشنطن تجاه روسيا من خلال الحرب البيولوجية وتطوير الأمراض والفيروسات على حدودها، ما يثير مخاوف من قيام عناصر من المتطرفين الأوكرانيين بالسيطرة على هذه الأسلحة واستخدامها في وجه الجيش الروسي.
ولقد أصبح واضحاً الآن لماذا حاولت الولايات المتحدة، على مدى أربعة عقود منع إنشاء آلية فحص بموجب اتفاقية الأسلحة البيولوجية، ذلك لأنها تريد حماية أسرار مختبراتها البيولوجية حول العالم. وقد جذبت الأنشطة العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم الانتباه الدولي مع الكشف عن برنامج بيولوجي عسكري تموله الولايات المتحدة في أوكرانيا. ماذا تريد الولايات المتحدة أن تفعل بالتجارب البيولوجية في جميع أنحاء العالم؟
لقد حان الوقت لأن تقدم الولايات المتحدة تفسيراً للمجتمع الدولي. والحرب الأوكرانيّة ستكشف كمية هائلة من الأسرار العسكرية الكيميائية والبيولوجية، ولا يستبعد أن يكون كيفية زراعة وتطوير فيروس كورونا أبرزها، إذ تملك واشنطن تاريخاً طويلاً في تطوير عوامل بيولوجية منذ زمن الحرب الباردة التي انتهت عام 1991.