محافل للترفيه أم مدارس للإرهاب
لك أن تتخيل نفسك وأنت تتبادل الأحاديث الدافئة مع أصدقائك أو عائلتك، أو تكون برفقة أحدهم لحضور محفل من أجل المتعة وتسلية أطفالك، ثم يتقاطع برنامج الحاضرين بقدوم شخص ملتح لديه تصريح مداهمة للأجواء، وتنتابه حالة من الغضب بلا تبرير مسبق، حاملا معه آلة موسيقية ثم يقوم بتكسيرها أمامك بغير مناسبة، وكأنها السبب في أزمة الشرق الأوسط، أو ظاهرة الاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يعطيك تفسيرا بديهيا بأن صاحب هذا التصرف قليل الحيلة وذو إفلاس فكري.
ظاهرة متكررة وموحشة تقوم بها فرق احتساب غير منظمة من غير رادع، تنتشر بعشوائية وتطرف قاصدة التجمعات والمحافل التي تقام فيها الأنشطة الصيفية تزامنا مع الإجازة المدرسية، فتقدم الخطابات والممارسات الدعوية في قوالب خالية من قيم الاستمتاع الحقيقي بالحياة، بل إنها تنعكس في مظاهر مفزعة أمام العائلات كمحاولة بائسة للعودة إلى المربع الأول، واستعادة الحضور باستغلال عواطف الناس وسجنها في خطاب ممل لا تتغير أساليبه، في الوقت الذي تحتاج فيه التجمعات العائلية والشبابية إلى الترفيه والترويح، لكن أعداء البهجة صنعوا واقعا يحرض على الكآبة، لمجرد أنهم لا يعترفون بحقك في التبسم والفرح.
لا تجد التيارات المتشددة مجالا في إعمار الحياة، إنما تكرس طاقاتها في التضييق على الناس والوصاية عليهم ومحاربة متعتهم بالطريقة التي يرعبونهم بها باسم الدين، فقيادة الرأي العام بهذه الطريقة جعلت الفرد يرى أن سلوكه بحاجة إلى مرشد خوفا من الموت وما سيكون بعده، لكنهم في الواقع بحاجة إلى عقلنة هذا الخطاب، لأن دوره العاطفي بدأ بالتلاشي تدريجيا، وهذه السلوكيات المتكررة دليل على انعدام الجدوى.
أين دور وزارة الشؤون الإسلامية في محاربة التطرف وهي ترعى المجال الدعوي؟ وهل ترى أن في هذه السلوكيات المتطرفة إرشادا للناس؟ ماذا فعلت وماذا ستفعل إزاءها؟ وبالمقابل فإن القوانين تطبق أمنيا في محاربة الإرهاب، وهذه الممارسات لا تقف عند لحظات الموقف إنما تتعدى إلى مدى أبعد، وأعني أنها محاولة لإعادة تشكيل الإرهاب وزراعة بذوره من جديد في نفوس الأطفال والمراهقين.
شبكة القطيف الاخبارية / مها الشهري