مجزرة قيادات في «جبهة النصرة»
صحيفة السفير اللبنانية ـ
عبد الله سليمان علي:
«مجزرة قيادية» أصابت «جبهة النصرة» خلال الأيام الماضية، حيث فقدت عدداً من أبرز قادتها في مناطق مختلفة من سوريا، لكن ذلك لم يمنعها من تسخين الأجواء ضد «حركة حزم» تمهيداً على ما يبدو للانقضاض عليها نهائياً، فيما كان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»- «داعش» يستولي على مرتفع مهم على مدخل الغوطة الشرقية.
وقتل أمس، في دير العدس بريف درعا أحد أبرز القادة العسكريين في «جبهة النصرة» أبو عمر الأردني، أو كما يعرف باسم القائد مختار، وهو الأمير العسكري العام في الجنوب، وذلك أثناء الاشتباكات مع الجيش السوري.
ويعتبر مختار الأردني، واسمه أنور أبو فارس، العقل الخفي الذي يقف وراء كل المعارك التي شهدتها محافظتا درعا والقنيطرة خلال السنوات الماضية. واكتسب خبرات قتالية وعسكرية واسعة من التجربة التي خاضها في جبال أفغانستان، حيث سبق له القتال هناك تحت قيادة زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن قبل المجيء إلى سوريا، والانضمام إلى «جبهة النصرة».
ونظراً لكفاءته العسكرية العالية، كان من الطبيعي أن يبذل «داعش» جهوداً حثيثة في محاولة استقطابه وضمه إلى صفوفه، وذلك في إطار سياسته التي يتبعها لاجتذاب من يمكنه اجتذابه من الكفاءات والكوادر المميزة.
وقد تكشفت محاولة التنظيم استقطاب مختار الأردني نتيجة تسريب التحقيقات بخصوص قضية مقتل القيادي في «جبهة النصرة» أبو سيف الأردني، حيث تبين أن الأخير كان على تواصل مع قيادة «داعش»، التي طلبت منه محاولة إقناع مختار بمبايعة زعيمها أبي بكر البغدادي، لكن «جبهة النصرة» اعتقلت أبا سيف قبل إتمام مهمته، ومن ثم مات جراء التعذيب الذي تعرض له في المعتقل. مع الإشارة إلى أن أبا سيف كان أيضاً من القيادات المهمة ضمن «النصرة».
كما قتــــل في ريـــــف درعا أيضاً «الأمــــير الشرعي» أبـــو الجراح الجرذي، الذي كــان له دور بارز في إصــــدار الفتاوى والتحــــريض ضد «الدولة الإسلامية» أثــــناء المعارك في المنطقة الشرقية.
ولا يقل مقتل أبو عيسى الطبقة، أو كما يعرف باسم «أبو علي الشيخ»، أهمية عن مقتل مختار الأردني، كونه يتمتع أيضاً بخبرات قتالية مهمة، إضافة إلى منصبه كـ «أمير للبادية في جبهة النصرة» ودوره في قتال «داعش»، لكن من المتوقع أن يترك مقتله تداعيات أهم وأخطر من مقتل الأردني. ويعود ذلك إلى أنه قُتل على أيدي «حركة حزم» بعد أسبوعين من اختطافه، وهو ما اتخذته «جبهة النصرة» ذريعة لاستكمال ما بدأته قبل أشهر من محاولة استئصال كل الكتائب التي يمكن أن تنافسها، أو تقف في طريق نفوذها، سواء في ريف إدلب أو ريف حلب.
وأصدرت «النصرة» مساء أمس الأول، بياناً تضمن بشكل غير مباشر نعي «حركة حزم»، حيث أشار إليها بالقول «ما كان يسمى حركة حزم». واعتبر البيان أن «ما كان يسمى بحركة حزم، بجميع مكوناتها، هو هدف مباشر لنا، ولن نقبل أي عملية احتواء للحركة بعد الآن، خصوصا أن جرائمهم بحــــق المجاهدين لم تتوقف منذ انضــمامهم إلى الجبهة الشامية، وكان آخرها عمليات تصفية المجاهدين التي اعترفوا بها».
وأكد البيان أن «الجبهة الشامية»، التي انضمت إليها «حزم»، أبلغتها رسمياً بمقتل قادتها المختطفين لدى الحركة، والذين كانت تطالب بالإفراج عنهم، وهم أبو عيسى الطبقة ومرافقوه أبو مالك وأبو جراح الحمصيين، بينما بقي مصير القيادي أبو أنس الجزراوي مجهولاً، علماً أنه يتبع إلى الشيخ السعودي عبدالله المحيسني قائد ما يسمى «مركز دعاة الجهاد».
وطالب البيان «الجبهة الشامية» برفع يدها عن «حركة حزم»، وإخلاء جميع مقارها، لأن «للجبهة ثأراً تأخذه، وحقاً تسترده، بعزة الله وقوته»، وهو ما يدل على نية واضحة بقتال الحركة، حتى تلاقي مصير سابقتها «جبهة ثوار سوريا» في ريف إدلب.
وأرفقت «جبهة النصرة» البيان بصورة عن اتفاق بينها وبين «الجبهة الشامية» يقضي بتسليم قتلة قادتها خلال مهلة ثلاثة أيام من المفترض أن تنتهي مساء اليوم. وقد تكون نهاية المهلة بمثابة ساعة الصفر لبدء الاشتباك بين الطرفين، لا سيما بعد فشل كل محاولات التهدئة بينهما.
في المقابل أصدرت «حركة حزم» بياناً اتهمت فيه «جبهة النصرة» باختطاف عدد من قادتها، أبرزهم أبو عبدالله الحمصي، وقتل آخرين مثل سعد زكريا ومحمد حبلوص، لكن الحركة حرصت في البيان على إبداء استعدادها للمثول أمام «محكمة» مستقلة للنظر في القضايا الخلافية بينها وبين «جبهة النصرة»، وهو ما تسعى بعض الأطراف إلى تفعيله تجنباً للقتال بين الطرفين، خاصة أن جبهة شمال حلب لا تزال مهددة من قبل الجيش السوري.
في غضون ذلك، تمكن «الدولة الإسلامية»، وفي خطوة مفاجئة من إحداث اختراق نوعي في ريف دمشق، عبر السيطرة على جبل دكوة، ذي الموقع المهم، لكونه أعلى مرتفع في المنطقة، ويطل على مناطق واسعة من الغوطة، كما يعتبر بمثابة البوابة الشرقية لها ولا يبعد عن منطقة بئر القصب سوى 15 كيلومتراً.
ويعتبر «جيش الإسلام»، بقيادة زهران علوش، أبرز الخاسرين جراء هذه السيطرة، لأنه بذل مؤخراً الكثير من الجهود بهدف منع التنظيم من الدخول إلى الغوطة، التي يعتبرها علوش «إمارة» خاصة به، كما أن من شأن سيطرة «داعش» على الجبل، الذي كان تحت سيطرة «جيش الاسلام»، أن تشدد الحصار على علوش داخل الغوطة.
وأمس، أفادت تسريبات صحافية أن آليات «داعش» قد تحركت إلى ما بعد جبل دكوة باتجاه الجزء الشرقي من الغوطة، وفي حال صحة هذه التسريبات فقد تكون المنطقة على موعد مع تصعيد جديد.
[ad_2]