مجددا حول التمديد المستحيل
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
برزت في التقارير الصحافية معلومات عن تفاهم فرنسي سعودي على التمديد للرئيس ميشال سليمان كإطار لتسوية لبنانية بمناسبة الاستحقاق الرئاسي ومن الضروري فحص هذا الطرح بمعيار موضوعي مجددا .
أولا مواقف الرئيس ميشال سليمان الأخيرة وضعته في صف قوى 14 آذار ونزعت عنه صفة الوسطية كما قال الوزير سليمان فرنجية وبالتالي فالكلام عنه كمرشح للرئاسة لا يختلف في نظر قوى 8 آذار إلى الاستحقاق عن تعاملها مع سائر مرشحي 14 آذار ولعل اسم الرئيس يرد متأخرا من حيث الترتيب في القائمة التي تضم سمير جعجع والرئيس امين الجميل والنائبين بطرس حرب وروبير غانم وغيرهم من الشخصيات المرشحة بداهة لرئاسة الجمهورية .
يبرز في مقاربات الرئيس سليمان موقفه التصادمي من المقاومة ومن الوضع السوري وانحيازه لطروحات متشددة في مواضيع الخلاف اللبناني تماهى بها مع النظرة السعودية الفرنسية المتطرفة على مساحة المنطقة وملفاتها منذ انكسار الضربة الأميركية لسوريا والاتفاق النووي الإيراني وهذا بذاته يحرق أمامه أي فرصة للتمديد وينفي عنه أي صفة تسووية ولا يكفي ان يردد الرئيس بعض العبارات العمومية عن الحل السياسي في سوريا حتى تنتفي عنه صفة المرشح التصادمي لمحور المتطرفين والسابحين خارج تيار التفاهمات المتحركة إقليميا ودوليا الذي يمثله الثنائي الفرنسي السعودي .
ثانيا يمثل التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون القوة الشعبية والسياسية والنيابية الأكبر المعنية بالاستحقاق والتيار يتخذ موقفا مبدئيا تتلاقى عليه اطراف كثيرة تضم قوى 8 آذار مجتمعة وبعضا من اطراف 14 آذار والبطريركية المارونية وهذا الموقف يقوم على ضرورة إجراء انتخابات الرئاسة في موعدها والتقدم بمرشحين واختيار الرئيس الذي يحوز من بينهم غالبية الأصوات في المجلس النيابي ومعلوم ان هذا الموقف المبدئي يجعل تأمين غالبية الثلثين لتعديل الدستور امرا مستحيلا سواء كان المطلوب التمديد ام التجديد .
ومن العناصر الإضافية المفجرة لفرصة التمديد تبني الرئيس للخيار الحكومي الذي يلبي الضغوط السعودية تحت شعاري حكومة الأمر الواقع أو الحكومة الحيادية وقد تكفلت سلسلة المواقف التي صدرت في الساعات الماضية بتوضيح النتائج والتداعيات الخطيرة التي يستولدها الخيار السعودي في حال سار به الرئيسان سليمان وسلام .
ثالثا ارتبط الاستحقاق الرئاسي اللبناني تاريخيا بالمعادلات الدولية والإقليمية وهذا ما يفترض ان أي تفاهمات تطال الرئاسة اللبنانية لابد وان تشمل القوى الدولية والإقليمية في خارطة توازناتها الجديدة ويصبح من الخفة والهزل حصر الأمور بتفاهم فرنسي سعودي حيث يدور السؤال عن مواقف الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة بعد اختبارات القوة الكونية الأخيرة التي شهدتها المنطقة ويطرح السؤال هنا عن مواقف وخيارات قوى فاعلة ومؤثرة تتخطى القدرات الفرنسية والسعودية على الضبط والربط فماذا عن الموقف الروسي وماذا عن الموقفين الإيراني والسوري وماذا عن الموقف الأميركي الذي يضع في الحسابات الإقليمية تلك العناصر كما حصل تاريخيا في تسويتي انتخاب الرئيس فؤاد شهاب والرئيس الياس الهراوي مع فارق ان التسوية القابلة للحياة في الظروف اللبنانية الحاضرة تتخطى بصورة هائلة حدود مرحلتي الحقبة الشهابية واتفاق الطائف .