متى يفهم آل سعود ان نجمهم على وشك الافول… الطبيعة الجاهلية للعقل السعودي (جزء 1)
يقول الفقهاء على اختلاف مجالاتهم من علم النفس الى علم الاجتماع ان “طبيعة الامور مرتبطة بطبيعة الانسان وقدرته على فرض اجندات وبرامج تحددها طبيعته.” وفي القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالى في سورة الرعد “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”. إذاً، طبيعة الانسان هي جوهر القضية.
من هذا المقام ننطلق نحو توصيف معضلة – ازمة – انسانية واخلاقية ودينية تشكل الوهابية السعودية عامودها الفقري ومحورها الرئيسي وربما الاوحد، ليس على مستوى الشرق الاوسط فقط، بل العالم.
في الحالة السعودية (اقصد الحالة الوهابية) طبيعة الانسان هي طبيعة فريدة في نشأتها وانتشارها ودمويتها وميلها لاستخدام اقصى درجات العنف مع المخالفين لرؤيتهم وتفسيرهم للدين. طبيعة آل سعود وآل عبد الوهاب القادمة من صحراء نجد حيث يخرج قرن الشيطان، والتراكمات التاريخية لتحالف غريب وفريد من نوعه بين الدين والسياسة انتج دولة قامت على سفك الدماء. فبدل ان يكون الدين منظم وضابط للسياسة ومراقب عليها، صار الدين اسير السياسة المنحرفة تارة، وتارة اخرى الدين المشوه محرك للسياسة، فمن الطبيعي ان ينتجا معا فكراً دموياً وظلامياً. عمل هذا الفكر المجتمِع (السياسي والديني) على قمع العقل وقمع التقدم والمعضلة الاعمق انه يضع “الاخر” بين خياري الموت والموت – الحياتي والفكري – اي انه رسخ وطبق بوحشية منقطعة النظير ثقافة الالغاء.
اعتاد العقل السعودي بشقيه الديني والسياسي ان يرى الامور من منظور “طبيعته” ويتعاطى معها ايضاً من منظور طبيعته. هذه الطبيعة الفريدة في كل جوانبها ما زالت، بخلاف كل شعوب العالم التي تتقيد بمفاهيم عصرها بمعنى انها تتأقلم مع المفاهيم العصرية، تعيش وتتبنى احد اهم قيم الجاهلية – ثقافة الغنائم – بجوانبها الثلاث “الغزو والقتل والسبي”.
عندما اسس عبد العزيز آل سعود المملكة، كانت بالنسبة له “غنيمة” فصارت ملكاً له ولعائلته فسماها “المملكة العربية السعودية” وعندما اُعجب احد ملوك السعودية بامرأة احد المقربين من القصر الملكي لم يتردد بشرائها لانها “غنيمة”. لا احد يمكن ان يظن انها حالة استثنائية بل حالة تكررت في التاريخ، احد ابرز الامراء الدمويين امه “غنيمة” وما نشهده اليوم من شراء سعوديين لفتيات سوريات قاصرات من مخيمات اللجوء هن “غنائم” وفتوى التكبير ثلاث مرات على الفتاة لتصبح ملكاً شرعيا “للمجاهد” لانها “غنيمة”. والاشد غرابة في كل ما سبق، ان هذه المفاهيم والقيم الجاهلية تم ادلجتها فباتت قيم اسلامية تحمل عنوان “العودة الى الاصل – الاصولية”.
ومن الملفت ايضا وله ذات الاهمية ان هذا العقل بطبيعته المنغلقة غير منتج الا في جانبين، جانب القتل (الذبح والنحر والسحل وقطع الرؤوس وشق الصدور) وجانب الجنس – انواع الزواج (المسيار والمسافر والويك اند وجهاد المناكحة …. الخ).
ومع انه نشأ كنظام دموي ومتماسك في آن، وشكلت الولايات المتحدة على مدى اكثر من ستة عقود بوليصة تأمين لاستمراريته مع انه يفتقد ادنى مفاهيم ومباديء الديموقراطية وحرية الرأي وحقوق الانسان، وبوصف جون آر برادلي “السعودية التي لديها الى حد بعيد اسوأ سجل في حقوق الانسان والى حد بعيد اكثر الانظمة عداءا للديموقراطية واكثر الانظمة قمعا”، يعيش اليوم حالة من الرعب والجنون/الهستيريا، لماذا؟ هذا الجنون السعودي الذي نشهده اليوم غير مسبوق.
انطلاقا من هذه المقدمة نطرح السؤال: هل يمكن لعقل لا زال يعيش طبيعته الجاهلية ان يرى المتغيرات الجيوسياسية من البحر المتوسط الى بحري حنوب وشرق الصين مروراً بوسط اسيا حيث تشكل ايران القلب؟
في الجزء الثاني سنسلط الضوء على هذه المتغيرات وتداعياتها على نظام آل سعود.
رضا حرب- باحث في الجغرافيا السياسية – موقع قناة العالم