ما صلة التعلّم بتطور مرض الألزهايمر؟

 إعتقد الاختصاصيون لسنوات عدة أنَّ الأشخاص المتقدّمين في العلم، والمحافظين على نشاط أدمغتهم، أقلّ عرضة للإصابة بالخرف. ولكن تتعارض دراسات حديثة مع هذه الفرضية. فما صلة التعلّم بتطور مرض الألزهايمر؟

في الأعوام الفائتة، ظنَّ الباحثون أنّ الأشخاص الذين يواصلون تعليمهم طوال حياتهم أقلّ عرضة للإصابة بمرض الألزهايمر، وهو الشكل الأكثر شيوعاً من الخرف. ويتميّز هذا المرض بشكل أساسي بفقدان الذاكرة التدريجي. ومع ذلك، لم تجد الدراسات التي نشرت هذا العام أيّ ّدليل يدعم هذا الاستنتاج.

من المفترض أن يعزّز مستوى التعليم العالي احتياطي الشخص المعرفي، ما يشير إلى قدرة الدماغ على الحفاظ على الوظيفة الإدراكية وحمايتها من أيّ تضرّر، إذ الاحتياطي المعرفي المرتفع هو بمثابة حماية ضدّ ضعف الإدراك، الذي يمكن أن يحدث بشكل طبيعي مع التقدّم في العمر. ولكن هل الاحتياطي المعرفي المرتفع حقاً فعّال في منع أو إبطاء تطوّر مرض الألزهايمر؟

لم تجد الأبحاث الجديدة التي أجرتها الدكتورة ريبيكا غوتسمان من كلية الطب في جامعة «جونز هوبكنز»، في ماريلاند، وزملاؤها، أيَّ صلة بين احتياطي الشخص المعرفي في منتصف العمر وانخفاض خطر الإصابة بمرض الألزهايمر. ومع ذلك، تؤكّد الدراسة أنّ الأشخاص الحاصلين على مستويات أعلى من التعليم قد يحافظ دماغهم على وظائفه الإدراكية لفترة أطول، وذلك لأنَّ «احتياطيّهم» المعرفي يستغرق وقتاً أطول ليُستنفد.

عرض الباحثون نتائج الدراسة في بحث نشر في مجلة متخصصة بمرض الألزهايمر Journal of Alzheimer’s Disease. ولكن حذّروا من أنّ دراستهم بحثت فقط في الروابط، وليس في علاقات السبب والنتيجة. ومع ذلك، توضح الدكتور غوتسمان أنّ «الانعكاسات الرئيسة لدراستنا هي أنّ التعرّض للتعليم والأداء الإدراكي المكثف في عمر صغير يمكن أن يساعد في الحفاظ على الوظيفة الإدراكية لفترة أطول من الوقت، حتى ولو كان من غير المرجح أن يغيّرَ مسار المرض».

التعليم لا يؤثر على الانحدار الإدراكي

قام فريق البحث بتحليل البيانات التي تمّ جمعها من حوالى 16000 مشارك يتمتّعون بصحة جيدة. وقد تابع المحقّقون الملفّ الصحّي للمشاركين لمدّة عقدين تقريباً، حتى بلغ متوسط أعمارهم 76 عاماً. وركّز الباحثون على 331 من مشاركين لا يعانون من الخرف في الأساس. ومن بين هؤلاء المشاركين، 54 لم يحصلوا على تعليم ثانوي، و144 أنهوا دراستهم الثانوية أو حصلوا على شهادة موازية، و133 درسوا في الكلية أو تلقوا نوعاً آخر من التعليم العالي.

وقد وافق هؤلاء المشاركون على الخضوع للمزيد من الفحوصات لتقييم مستويات البيتا اميلويد في الدماغ. وتعدّ لويحات بيتا اميلويد السامة، التي تعطل التواصل بين خلايا الدماغ، من خصائص مرض الألزهايمر. بالإضافة إلى ذلك، قام الباحثون بتقييم الوظيفة المعرفية للمشاركين الذين تراوح أعمارُهم بين 65 و84 سنة.

وكشف تحليل الباحثين أنّ الأشخاص الذين يتمتعون بمستويات أعلى من التعليم الرسمي، بما في ذلك التدريب في الكلية أو التدريب المهني، يحققون درجات أعلى في الوظائف الإدراكية، بغض النظر عن مقدار البيتا اميلويد في الدماغ، مقارنة مع أقرانهم ذوات مستويات تعليم أقل. وتجدر الإشارة أنَّ كمية البيتا اميلويد في الدماغ لم تُحدث فرقاً.

في هذا السياق، أوضحت الدكتور غوتسمان: «تشير بياناتنا إلى أنّ دور التعليم المتقدّم الإضافي هو بمثابة احتياطي معرفي يساعد الناس على تحسين أدائهم في عمر صغير، ولكنه لا يؤثر على المستوى الفعلي للانحدار الإدراكي مع التقدم في السن. ويُصَعّب هذا الأمر الدراسات لأنّ شخصاً يتمتع بتعليم جيد من غير المحتمل أن تظهر فائدة العلاج التجريبي عليه لأنه أصلاً يحقق نتائج جيدة».

استناداً إلى هذه الاستنتاجات، توصي الدكتور غوتسمان الباحثين الذين يعملون على تطوير علاجات لمرض الألزهايمر بأهمية البحث عن علامات المرض لدى كل فرد وإيجادها، ومن ثم استهدافها. وبذلك، يصممون العلاج بشكل يناسب كل مريض بحسب حالته. علاوة على ذلك، تعتقد د. غوتسمان أنه «لتوفير المزيد من المعلومات القيّمة، يجب أن تنظر الأبحاث حول الألزهايمر في الأداء المعرفي للأشخاص على فترة دراسة طويلة، بدلاً من تقييمه في مرحلة واحدة من الدراسة».

[ad_2]

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.