ما حقيقة مقتل امرأة روسية على متن المروحية العسكرية في سوريا؟
أسرار كثيرة مازالت تكتنف كارثة مروحية “مي-8” الروسية في سوريا، ومنها هويات العسكريين الروس الذين كانوا على متنها.
وقالت قناة “روسيا اليوم” أنه فور الإعلان عن تحطم المروحية الروسية في ريف إدلب الشرقي قرب بلدة سراقب يوم الاثنين الماضي، بدأ نشطاء مرتبطون بالمعارضة السورية بنشر صور وفيديوهات مروعة لجثث وأشلاء محروقة تم انتشالها من داخل المروحية المنكوبة.
كما انتشرت في شبكة الانترنت صور لوثائق شخصية تعود لاثنين من العسكريين الخمسة الذين كانوا على متن الطائرة، وإحداها تعود لإمرأة.
وفي البداية، شكك الكثيرون داخل روسيا في صحة تلك الوثائق، وبينها بطاقة الهوية التابعة لرجل اسمه “أوليغ شيلاموف”، ورخصة قيادة سيارة تابعة للشخص نفسه، ورخصة قيادة أخرى محروقة تابعة لامرأة مجهولة. ومن غير المفهوم ما الذي دفع بالعسكريين الروس إلى حمل وثائقهم الداخلية، التي لا يمكن استخدامها كبطاقات هوية خارج روسيا، إلى سوريا، وإلى رحلتهم الأخيرة الخطيرة للغاية إلى مدينة حلب التي تحولت بالكامل إلى ميدان معركة دموية.
لكن مصادر عسكرية روسية أكدت أن الملازم أول أوليغ شيلاموف البالغ من العمر 29 عاما، كان من أفراد الطاقم الثلاثة. كما كشفت المصادر عن اسمي فردي الطاقم الآخرين وهما قائد المروحية رومان بافلوف (33 عاما) والتقني أليكسي شوروخوف (41 عاما). ومازال اسمي العسكريين الآخرين على متن المروحية طي الكتمان. وسبق لوزارة الدفاع الروسية أن ذكرت أنهما ضابطان من مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم.
وفي تحليل مفصل لهذا اللغز (لغز هوية المرأة)، ذكرت صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” أنه من غير المستبعد أن تكون وثائق الهوية الداخلية بحوزة أفراد طاقم المروحية، كجزء من أسلوب تمويهي خاص بالعسكريين الروس في أثناء القيام بمهمات سرية في حلب.
لكنها أشارت إلى أن رخصة القيادة التابعة للمرأة المجهولة، تبدو كأنها مزورة — ومن اللافت أن الورقة (الرخصة) احترقت بشكل غريب للغاية، إذ من المستحيل قراءة اسم القتيلة أو اسم عائلتها، وتبرز على البطاقة علامات خاصة بشرطة المرور الروسية فقط. أما صورة المرأة الشابة على الرخصة فلم تتضرر باللهب تقريبا.
وفي الوقت نفسه لم تستبعد الصحيفة أن تكون الوثيقة تابعة لمترجمة روسية برتبة ضابط كانت تشارك في العملية الإنسانية بحل.
ونقلت الصحيفة عن خبير السيارات أندريه غريتشانوك قوله إن الصورة التي تظهر على رخصة القيادة لا تتناسب على الإطلاق مع معايير التقاط الصور لدى شرطة المرور الروسية.
وتابع الخبير أن رخص القيادة من هذا الطراز تتضمن خانتين إضافيتين بالإضافة إلى الاسم واسم العائلة واسم الأب، وهما “مكان وتاريخ الولادة” و”مكان الإقامة”، لكن هاتين الخانتين لا تظهران على الوثيقة المنسوبة للمرأة المجهولة. كما أكد الخبير أن شرطة المرور توقفت عن إصدار رخص القيادة من هذا الطراز نهائيا في عام 2008. وتبلغ مدة صلاحية الرخصة 10 سنوات فقط، وذلك يعني أن مثل رخص القيادة هذه أصبحت نادرة للغاية في روسيا.
كما أكدت الصحيفة أن قيادة مجموعة القوات الروسية في سوريا تبذل جهودها القصوى من أجل استعادة جثث القتلى، وذلك بالتعاون مع المخابرات السورية وشبكة العملاء العسكريين. وتابعت أن ضباط مركز المصالحة الروسي في حميميم أقاموا الاتصالات بسكان البلدات القريبة من مكان سقوط المروحية، فيما تقوم القوات السورية الخاصة بعمليات البحث المكثفة في المنطقة، إذ يعتقد أن الإرهابيين سرقوا الجثث وخبأوها.
وهناك ألغاز أخرى تتعلق بتحطم المروحية الروسية التي كانت، حسب بيان وزارة الدفاع الروسية، في طريقها إلى قاعدة حميميم بعد إتمام مهمة إنسانية في حلب. ومن اللافت أنه لم يتبن مسؤولية الهجوم على المروحية أي أحد من الفصائل المسلحة في المنطقة التي يسيطر عليها تحالف “جيش الفتح” (ومعظم قواته فصائل منضوية تحت لواء “جبهة النصرة” التي غيرت اسمها مؤخرا إلى “جبهة فتح الشام”).
بدورها قالت هيئة الأركان الروسية العامة أن المروحية أُسقطت فوق منطقة خاضعة لسيطرة “النصرة” وفصائل معارضة “معتدلة” متحالفة مع التنظيم، لكنها لم توجه أصابع الاتهام إلى أي فصيل معين.