ما جديد تفكيك الخلايا الإرهابية في المناطق اللبنانية؟
توصّل فرع المعلومات إلى اكتشاف شقة ثالثة في طرابلس، بعد شقتي برج البراجنة والأشرفية، كانت تُستخدم لتخزين المتفجرات وإيواء لوجستيين وانتحاريين. وبحسب صحيفة “الأخبار” فإنه ضُبط في الشقة المذكورة نحو ١٥٠ كلغ من المتفجرات، إضافة إلى ثلاثة أحزمة ناسفة جاهزة للاستعمال وصواعق وكرات حديدية، تُضاف إلى الأحزمة لإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر. وبذلك، تكون الاجهزة الأمنية قد تمكنت من تعطيل الخلية بعد توقيف معظم أفرادها.
وكشفت مصادر مطّلعة على التحقيقات للصحيفة أن “الاستخبارات الأميركية ساهمت في تقديم معلومات ساعدت في ملف التحقيق، أما رأس الخيط الذي أوصل إلى تحديد عنوان الشقة الثالثة، فكان موقوفاً جديداً من الشمال يُدعى أحمد م.، بناءً على اعتراف مساعد العقل المدبّر للخلية ع. ش. الذي وصفه المحققون بأنّه “نعيم عباس ثانٍ”. وقد زوّد الأخير المحققين بلائحة أهداف جرى انتقاؤها بناءً على جولات الاستطلاع التي قام بها في الضاحية. كذلك استند المحققون إلى تحليل داتا الاتصالات وربط إفادات الموقوفين التي أوصلت إلى باقي المتورطين في خلية برج البراجنة ــ الأشرفية ــ طرابلس. وبذلك، يُصبح في قبضة فرع المعلومات خمسة موقوفين رئيسيين، من بينهم الموقوف اللبناني لدى الأمن العام إبراهيم رايد. والأخير، بحسب المعلومات الأمنية، هو من أدخل كامل كميات المتفجرات من جرود عرسال إلى طرابلس، حيث سلّمها إلى شخص لا يزال متوارياً عن الأنظار. وهو قدّم وصفاً دقيقاً للأكياس التي أدخلها وكمياتها. كذلك أخبر عن الأشخاص الذين قابلهم، أعدادهم وأسمائهم وهيئاتهم والشقق التي أوصلهم إليها. وأفاد بأنّه قابل أشخاصاً يُشتبه في أن يكونوا انتحاريين. ويعتقد المحققون بأن المتفجرات التي ضبطها فرع المعلومات أمس هي جزء من تلك التي نقلها رايد إلى طرابلس”.
وبشأن موقوفَي اللبوة من آل سرور (الأب والابن)، أكّدت المصادر الأمنية أنّ “الدور الذي يُشتبه في أنهما أدّياه لا يقتصر على تهريب أحد الانتحاريين، بل تعدّاه إلى تزوير هويات لعدد من الأشخاص المشتبه في ارتباطهم بالخلية الإرهابية، إضافة إلى قيام أحدهما بنقل الانتحاري إبراهيم الجمل (الذي أوقفته دورية من فرع المعلومات في طرابلس فجر الخميس الماضي) إلى منطقة جونية”.
فرع المعلومات
وبحسب مسؤولين أمنيين، فإن الجمل “لا يزال متماسكاً ويُصرّ على عدم الإدلاء بكل ما في جعبته من معلومات، رغم مرور نحو أسبوع على توقيفه، علماً بأن الثابت أنّه كان يعلم أن تفجيراً سيقع في برج البراجنة، لكنّه يزعم أنه لم يكن يعلم بالتحديد آلية حصول التفجير أو هوية المشاركين فيه أو منفّذيه”.
وعلمت “الأخبار” أن “الجمل لم يكشف الكثير من المعلومات، بل إن المحققين توصلوا إلى معطيات جديدة عبر تحليل المعطيات التي حصلوا عليها من دراسة حركة اتصالاته الهاتفية. أما بشأن الانتحاريين اللذين قيل إنهما لا يزالان طليقين، فأكّدت المصادر أنهما لم يتمكنا من الدخول إلى لبنان لأسباب لوجستية حالت دون تهريبهما عبر الحدود. لكن المصادر تحدثت عن مشتبه فيهما رئيسيين بالمشاركة في التخطيط لهذه العمليات، لا يزالان طليقين، وهما لبناني وسوري”.
وذكرت الصحيفة أن “جهازاً أمنياً أوقف عنصراً في صفوفه ضالعاً في شبكة تهريب بشر، يُشتبه في أنّ له علاقة محتملة بنقل الانتحاريين. وقد جرى اكتشافه استناداً إلى خارطة وضعها فرع المعلومات بشأن عمليات تهريب البشر الناشطة حدودياً”.
وحصلت “الأخبار” على معلومات تُفيد بهوية ضابط الارتباط الذي يُحرّك الخلايا الانتحارية التي تدور في فلك “داعش” وهو يُدعى “أبو الوليد”. واسم هذا الرجل تكرر في إفادات عدد من من الموقوفين المرتبطين بالخلايا الإرهابية، ومن أبرزهم الموقوف إبراهيم بركات الذي وُصِف أمنياً بأنّه أحد الأُمراء الشرعيين للتنظيم في لبنان. و”أبو الوليد” هذا موجود حالياً في مدينة الرقة السورية، علماً بأنه سبق أن دخل خلسة عبر المعابر غير الشرعية في وادي خالد ليُعالج في طرابلس جراء إصابته في خاصرته. وتُرجّح المصادر أن يكون “أبو الوليد” المذكور هو المسؤول الأمني للتنظيم المتشدد على الساحة اللبنانية. وأشارت المعلومات إلى أنّه من منطقة القصير السورية، وسبق أن سكن في مدينة حلب، وأنه أحد مساعدي “أبو محمد العدناني”، المتحدث باسم تنظيم “داعش”.
في سياق متّصل، ذكرت صحيفة “السفير” أن الفرع الفني في “فرع المعلومات” توصل الى تحديد هوية الشخص الذي جنده تنظيم “داعش” للقيام بمهمة تخزين الأحزمة الناسفة والمتفجرات وتسليمها الى الانتحاريين، وذلك من خلال تحليل “داتا” الاتصالات التي أجراها الموقوفون قبل أيام من تفجير برج البراجنة، والاطلاع على محتويات كاميرات المراقبة المنتشرة من قرصيتا في الضنية، حيث كان يقيم الانتحاري الجمل، مرورا بالقبة، حيث ألقي القبض عليه، وصولا الى أوتوستراد طرابلس ـ شكا، إضافة الى الاعترافات التي انتزعها المحققون من الجمل والموقوف ابراهيم رايد الذي تولى نقل الاحزمة الناسفة والصواعق الى طرابلس.
وترجح معلومات “السفير” أن يكون “أبو عثمان” قد سلم الجمل وانتحارييّ برج البراجنة ثلاثة أحزمة ناسفة في القبة فجر الخميس الماضي، قبل أن ينتقل انتحاريا البرج الى المحطة الثانية في بيروت، ويقع الجمل في قبضة “فرع المعلومات” الذي عمل عبر أشرطة الكاميرات على التدقيق في تحركاته، ليتبين انها اقتصرت على محيط منزله القريب من مسجد حمزة، حيث منزل “أبي عثمان”، ما أثار الشبهات حول هذا المنزل.
وبناء على المعلومات التي توافرت من “داتا” الاتصالات ومحتوى الكاميرات، قامت القوة الضاربة في “المعلومات” مساء أمس بتوقيف “أبي عثمان” وهو يعمل في كاراج أحد مطاعم منطقة الضم والفرز، ثم انتقلت القوة على الفور الى محلة القبة، وتحديدا محيط مسجد حمزة حيث داهمت منزله، وعثرت على أربعة أحزمة ناسفة معدة للتفجير، وهي من نوعية الحزامين اللذين استخدما في تفجيري برج البراجنة، والحزام الذي عثر عليه مع الموقوف الجمل.
وتشير المعلومات الأمنية الى أن “أبا عثمان” خبير في تصنيع الأحزمة الناسفة، وأن كميات المتفجرات التي عثر عليها في منزله قادرة على إنتاج نحو مئة حزام ناسف، وأنه يعمل في كاراج مطعم يرتاده الكثير من الشخصيات السياسية والأمنية حيث يتولى مع آخرين رصف سياراتهم.
وتابعت القوة الضاربة مداهماتها فضربت طوقا أمنيا حول منطقة البقار في القبة حيث أوقفت شوقي س.، وهو عنصر في جهاز أمني كان على تواصل مع الجمل، إضافة الى خالد ش. المتهم بالتواصل مع الانتحاريين وتقديم بعض التسهيلات اللوجستية لهم.
كما داهمت القوة عددا من المنازل في حي التنك خلف نادي الضباط في القبة، حيث يشتبه أن يكون هناك مجموعة على علاقة بالعبوة الناسفة التي عثر عليها الجيش في جبل محسن صباح الخميس الفائت، فضلا عن مداهمتها منازل عائدة لأقارب الجمل و “أبي عثمان” وخالد ش.، وصادرت من أحدها خمس بنادق حربية مع ذخيرتها.
الى ذلك، توقعت مصادر أمنية أن تفضي التحقيقات مع “أبي عثمان” الى كشف اللثام عن كثير من الانتحاريين المجندين من قبل “داعش”، إضافة الى كثير من المتعاملين معه والمهام الموكلة إليهم.