ماذا لو كانت دولة أخرى غير إسرائيل تقف وراء فضيحة بيغاسوس؟
صحيفة الوفاق الإيرانية-
فيروز بغدادي:
قيل الكثير عن عمليات التجسس الواسعة بواسطة البرنامج الإسرائيلي “بيغاسوس” التي نفذتها أجهزة أمنية واستخباراتية في العديد من دول العالم ضد رؤساء وزعماء دول وعلماء دين وصحافيين ونشطاء حقوقيين وسياسيين، إلا ان الذي يلفت النظر في كل الذي قيل في هذا الشأن، وفي كل ردود الافعال العالمية، هو غياب دعوات لمحاسبة اسرائيل او حتى انتقادها بشكل جدي، وفي المقابل تجاهل اسرائيل للقضية برمتها وكأنه شيء لا يعنيها.
يبدو ان كل الذي كان يقال بشأن اسرائيل، بانها لديها حظوة لدى الغرب وانها “فوق القانون”، وبإمكانها ان تفعل كل شيء دون ان تخشى اي محاسبة او مساءلة، بدأ يتضح وبشكل مكثف بعد فضيحة “بيغاسوس”، فإسرائيل وبدلا من ان تحسب حسابا لتداعيات فعلتها، رأيناها وعلى لسان زعمائها وصحافتها، تفتخر بفعلتها، وتعتبرها دليلا على تفوقها التقني وامتلاكها شركات متطورة في مجالات التجسس.
اكثر ردود الفعل على عمليات التجسس الاسرائيلي، والذي وقف امامه العالم وحاول اظهاره على انه رد فعل سيضع اسرائيل في زاوية محرجة، كان رد فعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان أحد اهداف برنامج “بيغاسوس” للتجسس، والذي اكتفى، في اتصال هاتفي، بالطلب من رئيس وزراء كيان الاحتلال الاسرائيلي نفتالي بينيت، بتوضيحات بشأن “بيغاسوس”، وأن يأخذ الكيان الاسرائيلي هذا على محمل الجد، وفي المقابل وعد بينيت، كما نقلت الصحافة الاسرائيلية، ماكرون بالتحقيق في الموضوع، مؤكدا أن التجسس حدث قبل توليه منصبه!!.
الشيء الاخر الذي قام به الرئيس الفرنسي ماكرون ردا على التجسس الاسرائيلي على هاتفه، هو تغييره رقمه وجهاز الهاتف الذي يستخدمه!!. الامر الذي اثار العديد من علامات الاستفهام، هو المدى المسموح للحكومات الغربية في التعامل مع اسرائيل؟، وهل تمتلك هذه الحكومات القدرة على التعامل مع اسرائيل كما تتعامل مع باقي الدول الاخرى، في حال اعتدت على مصالح هذه الحكومات؟، كيف كان سيكون تعامل الحكومات الغربية، لو كانت دولة عربية او اسلامية هي التي وراء هذا البرنامج؟.
الكاتبة البريطانية داليا شايندلين، كانت من القلائل الذين توقفوا امام ما يمكن وصفه بـ “الغطرسة الاسرائيلية” وتجاهلها شبه الكامل لفضيحة التجسس العالمية، حيث كتبت تقول: “إن صناعة المراقبة عالية التقنية في إسرائيل جزء من هويتها، ولهذا السبب غالبا ما يتم التجاوز عن التدقيق في الجانب المظلم منها.. يبدو أن الإسرائيليين لا يشعرون بأي خجل ولا قلق، لأنه في اليوم الذي تلا انتشار قصة بيغاسوس كان هناك موضوع آخر استأثر بالاهتمام، وهو إعلان شركة “بن آند جيري” لصناعة الآيس كريم أنها ستتوقف عن بيع منتجاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
واضافت الكاتبة: “يدرك الإسرائيليون جيدا أن التكنولوجيا المتطورة هي محرك هائل لاقتصادهم، كما أنها ضرورية لصورة الدولة وهويتها الوطنية في القرن الـ21، وبالنسبة لليهود الإسرائيليين ترمز التكنولوجيا الفائقة إلى الاستثناء اليهودي”!!.
اللافت ان زعماء اسرائيل لم يكلفوا انفسهم عناء الرد حتى على حلفائهم الذين تجسسوا عليهم مثل ماكرون، فهذا وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، وفي اول تعليق له على فضيحة التجسس، قال وبطريقة متعجرفة، لصحيفة “يديعوت أحرونوت”: ان “إسرائيل ديمقراطية غربية ذات قدرات تكنولوجية عالية.. وتسمح بتصدير الوسائل الأمنية إلى الديمقراطيات، لاستخدامها بشكل قانوني ولغرض التحقيق في الجرائم والإرهاب”!!.
“الديمقراطيات” التي تحدث عنها غانتس، استخدمت هذه التقنية ضد المعارضين بهدف التضييق عليهم ومطاردتهم وحتى تصفيتهم، وكذلك ضد الدول المنافسة لها ما يعني زرع الفوضى في العالم اجمع، العالم الذي آثر السكوت امام اسرائيل، وهو سكوت كان سيتحول الى صراخ وعويل، لو كانت دولة اخرى غير اسرائيل، هي التي تقف وراء الفضيحة.