ماذا لو سقط النظام السوري؟
المعارضة السورية وبمختلف اطيافها ، وفي مقدمتها الائتلاف السوري المعارض ، تتسابق في استجداء التدخل الاجنبي ، حتى لو كان اسرائيليا ، لاسقاط النظام السوري ، دون ان تمتلك ادنى رؤية لما ستؤول اليه اوضاع سوريا بعد ذلك.
جميعنا ذهل عندما طلب احد قيادي الائتلاف السوري المدعو كمال اللبواني ، اكثر من مرة من “اسرائيل” ان تتدخل عسكريا لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد في مقابل تنازل سوريا ما بعد الاسد عن هضبة الجولان لـ”اسرائيل” ، واليوم يستجدي رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد الجربا من امريكا والغرب ، اسلحة تغير قواعد اللعبة على الارض ، ومن بين هذه الاسلحة صواريخ مضادة للطائرات والدروع وطائرات دون طيار.
التجربة على ارض اثبتت كارثية التدخل الامريكي الغربي على الاوضاع الداخلية للبلدان العربية والاسلامية ، فهو تدخل كثيرا ما ينتهي الى فوضى عارمة تنتج دولا فاشلة منهكة ، فهذه ليبيا خير مثال على ما نقول ، فبعد استجداء الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية وقطر تدخل الناتو لاسقاط نظام العقيد القذافي ، فاذا بنا اليوم نشاهد اكثر من قذافي ظهر على مسرح الاحداث هناك ، حيث الفوضى والاقتتال وانعدام الامن والفشل.
فشل ليبيا كدولة يمكن ان يكون ناقوس خطر لكل من يهمه امر سوريا ، ولا اعتقد ، بل اجزم ، ان اغلب المعارضة السورية في الخارج وخاصة تلك المنضوية تحت لواء الائتلاف ، لا يهمها امر سوريا بالمطلق ، ونحن هنا لا نتجنى على هذه المعارضة ، ودليلنا على ذلك ، هو ان الوضع في ليبيا كان ابسط والامور هناك كانت واضحة قياسا مع الوضع المعقد والغامض في سوريا ، ولكن رغم ذلك يشاهد العالم اليوم بأم عينه كيف تهاوت الدولة الليبيية وتحولت الى دولة فاشلة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، حيث تضرب الفوضى اطنابها في تلك الديار ، وهو ما يعتبر تحذيرا لما سيكون عليه مستقبل سوريا ، فهذا المستقبل سيكون اخطر بكثير من الحالة المزرية التي تعيشها ليبيا الان.
ان المعارضة السورية التي تطالب “اسرائيل” وامريكا والغرب بالتدخل عسكريا في سوريا او تقديم اسلحة تغير موازين القوى على الارض كمقدمة لاسقاط النظام السوري ، قد اعمى حقدها على النظام السوري وارتزاقها على الاموال الخليجية ، بصريتها وشلها عن درك الماساة التي تنتظر سوريا في حال سقط النظام السوري الان ، عندها لا اعتقد كما لا يعتقد اغلب المراقبين للوضع السوري ان يكون بامكان قيادي واحد من الائتلاف لاسيما رئيسه احمد الجربا ، ان تطأ قدمه بعد ذلك ارض سوريا ، لان الامور ستكون فوضى ودمار وقتال ومشهد مفتوح على التكفير والذبح والامارات الظلامية.
لذا يعتقد الكثير من المراقبين لتطورات الازمة السورية ان دور المعارضة السورية لاسيما الائتلاف ، يتلخص في ايجاد واجهة مقبولة في الغرب من اصحاب البذلات واربطة العنق الملونة والنساء الانيقات ، للتغطية على الافعال القبيحة والمقززة لابطال “الثورة السورية ” ، من ثوار “داعش” و”النصرة” و”الجبهة الاسلامية” ، للوصول الى الهدف “المقدس” ، اسقاط النظام السوري ، دون ان يكون لها اي دور لما بعد السقوط ، فالدور الذي سياتي بعد السقوط سيكون من اختصاص الذباحين والعصابات التكفيرية ، التي ستنتقم من سوريا وشعبها لوقوفهما امام الاطماع الصهيونية ودعمها للمقاومة التي اذلت “اسرائيل” ، وادخال السوريين في نفق مظلم لا يعرف الا الله متى يخرجون منه.
ان المشهد الدامي السوري الذي سيعقب سقوط النظام السوري ، ليس مشهدا من بنات افكار العارفين باسرار المخطط الذي يحاك لسوريا وشعبها ، بل هو نتيجة طبيعية لوجود مئات الالاف من التكفيريين والمرتزقة ، ولوجود حدود مفتوحة مع تركيا و”اسرائيل” والاردن ، مفتوحة امام كل حاقد على سوريا واهلها ، وامام الاسلحة والمتفجرات والاموال القذرة ، ولوجود ارادة دولية عاقدة العزم على تنفيذ جميع فصول المؤامرة الجهنمية، كل هذه العناصر ستتقاطع مع بعض لتتحول الى سكين لذبح الشعب السوري ، عندها فقط سينتهي دور الجربا وائتلافه ، وبعدها لا يجدون مكانا يأويهم سوى مزبلة التاريخ.
اخيرا ، هذه الصورة المأساوية والدموية لمستقبل سوريا ، حاولنا رسمها في حال نجحت المؤامرة الصهيونية الامريكية الرجعية العربية ، الا ان هذه المؤامرة ارتطمت بصخرة حنكة القيادة السورية وقوة الجيش السوري وتلاحم الشعب السوري بكل اطيافه ، وفشلت في تحقيق اي من اهدافها ، وهو ما جعل الجربا ورفاقه يكشفون عن اوراقهم بهذه الطريقة المخزية والبائسة.
سامح مظهر – شفقنا