ماذا لو بقي سي مرسي رئيسا؟!
موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبير:
عند عقد صفقة مع جماعة الإخوان المسلمين، كان وجود تنظيم لهم عبر الأقطار العربية عاملاً موضوعاً في الاعتبار وحاسماً. ومن ثم يمكن النظر إليهم على أنهم الأقدر على إعادة إخراج السيناريو التاريخي للصراع الصفوي العثماني في محاولة حصار الجمهورية الإسلامية من جديد!ـ
لقد قارب العام الأول من ولاية سي مرسي على الإنتهاء، وكل ما أنجزه الإخوان في الشأن السوري والشأن الإيراني لا يزيد عن كونه مجرد تصريحات، حتى لو كانت مضادة ونارية، إلا أنها ما زالت تصريحات، أي لم يكن هناك تأثير فعال للإخوان على أرض المعركة! وقد بدا واضحاً أن مشروع محاصرة الجمهورية الإسلامية وسوريا المقاومة في طريقه للهزيمة، وكان أبرز علامات الهزيمة التوصية البريطانية بتنازل حمد آل ثاني لابنه تميم كمخرج لقطر من المستنقع السوري في محاولة لهروب قطر من تحمل تبعات هزيمة فريقها على أرض الشام. لذا بدأ التململ الغربي والتساؤل عن جدوى مساندتهم للإخوان في تولي الأمر في وداي النيل.
هذا التململ دفع مرسي وبشكل مفاجئ إلى إعلان الجهاد في سوريا في الأيام الأخيرة وقبل عزله. إعلان الجهاد في سوريا بدلا من فلسطين يعني للأمة أن بوصلته لم تعد صالحة للاستخدام في عملية توجيه شعب الكنانة! إعلان الجهاد على أرض الشام يعني وبالضرورة مشاركة شعب الكنانة في الفتنة القائمة على أرض الشام وترك الحبل للقيوط الصهيوني بقيادة صديقه بيريز على الغارب!ـ إنغماس في الفتنة وترك عدو الأمة مسترخياً!ـ
وما إن أعلن الرئيس مرسي الجهاد في سوريا، حتى بدأ تدفق مقاتلي طالبان باكستان من الجنسيتين الباكستانية والأفغانية عبر مطار القاهرة الدولي. فقد دونت أ. خيرية سمير في أحد مداخلاتها على الفيسبوك ملاحظة لأحد العاملين بمطار القاهرة الدولي؛ بأن هناك تزايداً ملحوظاً في عدد المسافرين القادمين من هاتين الجنسيتين عبر مطار القاهرة الدولي! وتتساءل عن دلالة ذلك. وهذا يعني أنه يتم ضخ جهاديين تلبية لدعوة الرئيس مرسي للجهاد في سوريا. وحيث أن طالبان باكستان وأمثالها من المنظمات الجهادية في باكستان ليست إلا زعران الــ آي إس آي (ISI)، فهذا يعني أن إعلان الجهاد في سوريا كان بتنسيق مع قيادة عسكر باكستان ممثلة بالـ آي إس آي!
هذا التدفق لطالبان باكستان عبر البوابة المصرية سيتفاعل على أرض الكنانة بالتأثير، فهو سيشحن أفراداً مضللين، يسافر جزء منهم إلى الشام بزعم الجهاد. ولن يؤثر ذلك على المخرج النهائي للفتنة على أرض الشام، فلن تسقط غرناطة هذه المرة، لكنه سيزيد من حجم التضحيات التي تقدم لوأد الفتنة.
هذه الجماهير المتدينة المضللة التي سافرت إلى الشام سيحل محلها عناصر من طالبان مما يؤدي إلى تقوية شوكتهم على أرض الكنانة، فيشعرون بالثقة لتثبيت حكم الإخوان في وداي النيل دون اللجوء إلى الأدوات الديمقراطية، فتبدأ الفتنة في وادي النيل بين الإخوان مضافاً لهم عناصر طالبان من جهة وشعب الكنانة من جهة أخرى. هذه الفتنة ستنهك شعب الكنانة.
الإخوان المسلمون ليس لديهم مشروع حضاري، فقد رفع سيد قطب رحمه الله الراية البيضاء في كتابة الشهير “معالم في الطريق”: “إن هذه الأمة لا تملك الآن ـ وليس مطلوبًا منها ـ أن تقدم للبشرية تفوقًا خارقًا في الإبداع المادي، يحنى لها الرقاب، ويفرض قيادتها العالمية من هذه الزاوية. فالعبقرية الأوروبية قد سبقته في هذا المضمار سبقاً واسعاً. وليس من المنتظر، خلال عدة قرون على الأقل، التفوق المادي عليها! من هنا سيركز الإخوان على القشور الحضارية دون القيم المتعلقة بالحضارة نفسها! من هنا سيكون التركيز على ما يسمونه تطبيق الشريعة، وكأن تطبيق الشريعة يحتاج إلى مشاريع!ـ
وفي هذا السياق ستطفو على السطح مناقشات طويلة في القشور الحضارية لا علاقة لها بصلب أي مشروع حضاري. من أمثلة هذه المواضيع تناول الممثلات ولباس المرأة والنقاب والحجاب ومواصفاتهم وربما نرجع إلى إعادة تصنيع وإنتاج أحزمة العفة! وهي أمور تتناولها الدولة الإسلامية من خلال باب الدعوة والأمر بالمعروف غير المرتبط بالقوة التنفيذية للدولة أي الشرطة. وسيبدأ شعب الكنانة رحلته إلى التخلف والمجهول تحت عباءة الدين الإسلامي!
لذا وقف الغالبية مع تحرك الجيش الثاني بقيادة الفريق السيسي لوقف هذا المهزلة. لكن ما زال الناس على أرض الكنانة غير مطمئنين إلى المستقبل، فيما يبدو محاولات حثيثة لفلول نظام مبارك الفاسد للسيطرة على حركة 30 يونيو، كما أشار د. محمد الخياط في أحدى مداخلاته على الكتاب السطحي (الفيسبوك).
أدعو الله أن يحمي شعب الكنانة من كل مكروه، وأن يجعل تحركه دعما للأمة ووحدتها وليس دعماً لفتنة الأمة وشرذمتها.