ماذا قال فيلتمان في طهران وماذا سمع منها؟
صحيفة السفير اللبنانية:
جيفري فيلتمان في طهران، إنها الزيارة الثانية للمسؤول الدولي، والنائب السابق لوزيرة الخارجية الأميركية وسفيرها في بيروت. لم يكن فيلتمان الأميركي ليظن يوماً أنه سيجد نفسه في طهران يحاور المسؤولين الإيرانيين، ويتبادل معهم الابتسامات وعبارات المجاملة، لكن فيلتمان الدولي مستفيداً من «نهر الغانج» السياسي المتمثل بالأمم المتحدة، نجح في القفز فوق الحواجز وشرب الشاي بالزعفران على طاولة ألد الخصوم.
إلا أن هذه الزيارة، لم تثن مرشد الجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي، أمس، عن إبداء موقفه الواضح مما يجري في سوريا، وهو ما سمعه فيلتمان حتماً، من أن النيران التي يشعلها التكفيريون ستطال «داعميهم» في دول المنطقة.
ازدحمت حقيبة فيلتمان بالملفات، على الرغم من أنها جميعاً كانت تدور حول منطقة واحدة، بلاد الشام، بلبنانها المحروق بالعبوات الناسفة وسوريتها المشتعلة بحربها الأهلية.
تقول مصادر «السفير» في طهران إن الحديث مع فيلتمان كان «أول تجربة لحوار مباشر غير مباشر مع الولايات المتحدة»، فما من أحد بإمكانه أن ينفي مكانة الديبلوماسي الدولي في بلاده، الذي كان بمثابة مفوضها السامي في يوم من الأيام في الشرق الأوسط.
ولأنه كذلك، فهو لم يكن فقط يقوم بالشق الدولي من دوره، بل تخطاه ليجس النبض الإيراني في ما يتعلق بأمور تهم بلاده وليوصل رسائل مبطنة فهمها من سمعها، ولعل ما بين سطورها لا تزال تفك شيفرتها حتى كتابة هذه السطور.
ماذا قال فيلتمان في طهران؟ وماذا سمع من وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، أكثر السياسيين الإيرانيين معرفة بأميركا والأميركيين والأمم المتحدة وموظفيها الدوليين؟
تؤكد مصادر «السفير» أن ثلاث جولات من المحادثات عُقدت لمناقشة جدول أعمال متفق عليه، عنوانه الرئيسي «مؤتمر جنيف 2».
كانت أسئلة فيلتمان تتمحور حول نظرة إيران للمؤتمر، وما هو الدور الذي بإمكانها لعبه في هذا الإطار، بما في ذلك مبادرة النقاط الست الإيرانية التي تتمحور حول إيجاد طريق للحل في سوريا.
أبدى فيلتمان بعض الملاحظات على الطرح الإيراني، لكنه أوضح أن بإمكان طهران لعب دور مهم جداً بسبب علاقتها المميزة مع الرئيس بشار الأسد ونظامه.
كانت أولى الجلستين رسمية، تقول المصادر، ثم تطور الحوار ليصبح أكثر صراحة في الجلسة الثانية، لكن الجلسة الثالثة هي التي تضمنت ما جاء من أجله فيلتمان شخصياً إلى طهران، الرسائل المراد إيصالها.
غلب الحديث حول استعمال السلاح الكيميائي في سوريا على الكلام، فكان أن أوضحت طهران أنها تملك ما يؤكد عدم استعمال النظام لهذه الأسلحة، وأن المعارضة المسلحة هي التي قامت بذلك.
استمع فيلتمان إلى الكلام الإيراني بدقة، وعندما جاء دوره في الكلام أشار إلى أن الغرب مقتنع تماماً بأن نظام الأسد هو الذي استعمل الكيميائي، وأنه ارتكب خطأ تاريخياً في ذلك ويجب أن يعاقب، رابطاً بين العقاب ومؤتمر «جنيف 2»، بالإشارة إلى أن أحد أهم شروط المؤتمر هو عودة التوازن إلى الميدان وهو حالياً مفقود، وفي إشارة إلى إمكانية توجيه ضربات محدودة، لا تقصم ظهر النظام، لكنها تفتح المجال أمام المعارضة للتقدم في نقاط معينة.
جاء الجواب الإيراني على إشاراته سريعاً، «سيد فيلتمان، إن كنتم جديين في سعيكم لإنجاح جنيف 2، فعليكم بزيارة دمشق».