لهذه الأسباب دقّ السيد نصرالله جرس الإنذار…
قد تكون من المرّات النادرة التي يطلّ فيها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مباشرة من دون أن يتطرّق إلى الملفات اللبنانية بالرغم من تعقيداتها وتشعباتها وارتباطاتها الخارجية في إشارة واضحة إلى أنّ الاهتمامات بالشأن اللبناني تدنّت إلى أدنى درجات السلم الاقليمي والدولي بالرغم من وجوده في عين العاصفة ووسط إقليم مشتعل من شأن نيرانه أن تأكل الاخضر واليابس من دون أن توفر أيّ بقعة على امتداد العالمين العربي والاسلامي.
ويبدو أنّ السيد نصرالله تعمّد ذلك ليؤكد أنّ الأزمة اللبنانية تحولت بكل ما للكلمة من معنى إلى خارج الحدود ولم يعد تنفع معها المعالجات الداخلية ولا حتى توجيه الرسائل لهذا الفريق أو ذاك، وليعلن بصورة غير مباشرة أنّ لبنان أصبح داخل الصراع العربي والاسلامي بعد أن تحوّل إلى صلة وصل تجمع بين مكوّنات المحور الروسي الايراني السوري وما تبقى من العراق المحكوم بتناقضاتٍ سنية سنية من جهة وسنية شيعية من جهة ثانية، فضلا عن إرباكات مسيحية اسلامية وصلت إلى حدّ إفراغ العراق من مسيحييه ما دفع به إلى إطلاق صفارة انذار حادة في موقف متناغم مع مواقف البطاركة والاساقفة المشرقيين، ولكن على قاعدة حمل السلاح والمواجهة للمحافظة على ما تبقى وليس الحوار أو المحاباة أو الاستجداء.
والواضح أنّ السيد نصرالله لم يدقّ جرس الانذار إلا استنادًا إلى معلوماتٍ يملكها أو قراءاتٍ يعتبرها على درجةٍ عاليةٍ من الخطورة في ظلّ المواقف العربية التي حوّلت العالم الاسلامي إلى جبهة حرب مفتوحة على الاحتمالات كافة يخشى معها أن يدخل الشرق الاوسط في حرب “داحس والغبراء” جديدة من المقدر لها بحسب المشاريع الغربية والسيناريوهات الاميركية أن تمتدّ إلى عقود طويلة لا سيما أنّ اسرائيل باتت على وشك خسارة معركة جديدة في غزة بعد أن خسرت الحرب الديمغرافية لمصلحة العرب والمسلمين داخل اسرائيل وقطاع غزة والضفة. بيد أنّ ثمة من يؤكد بأنّ التهجير المقبل سيكون باتجاه الأردن تمهيدًا لإنشاء فيدراليات عرقية واثنية وطائفية تمدد عمر الدولة العربية وتريحها على مدى القرن المقبل وتسمح لها باستخرج الغاز والاستفادة منه بما يحولها إلى دولةٍ مصدّرة للغاز وناشطة على صعيد اقتصاد العولمة.
وبدا بحسب قراءات استراتيجية أنّ السيد نصرالله خاطب إسرائيل لتسمع الدول العربية في محاولة منه للتخفيف من حدّة التشنّج بين الدول الخليجية الداعمة لتنظيم “داعش” الذي سماه بالاسم و”حزب الله”، أي أنه أراد توجيه رسالة لهم بأنّ المحور الذي ينتمي اليه لن يسمح بسقوط المقاومة انطلاقا من غزة، وبالتالي فإنّ توسيع رقعة الاشتباك تصبح مشروعة في هذه الحالة حتى لو أدّى ذلك إلى مقارعة الدول الخليجية انطلاقا من مبدأ الربح للجميع والخسارة على الكل وليس فقط على الفلسطينيين و”حزب الله” الذي يتبنى موقف المقاومة إلى أبعد الحدود.
في الموازاة، بدت خشية السيد نصرالله واضحة للغاية من تكرار مشهد تموز 2006 اللبناني، أي ربح في الميدان وخسارة في السياسية أو إفراغ أيّ مكسب عسكري أو ميداني من مضمونه المعنوي من خلال فرض اتفاقيات أو تسويات تساهم فيها الدول العربية بعد أن أصبح الوضع الاسلامي مكشوفا، بحيث يعمد بعدها الغرب الى فرض أمر واقع جديد أو معادلات جديدة لا تساوي صمود المقاومة الفلسطينية التي تعتبر انها دفعت أثمانًا غالية لا بد من اعادة النظر في مجملها على قاعدة فك الحصار او اعادة صياغة قواعد اشتباك جديدة وربط نزاع من نوع يهدد المكاسب ويقضي على الانجازات المحققة منذ سنوات وهذا ما يبرر اللهجة الصارمة التي اعتمدها السيد نصرالله عن قصد وليس من باب الصدفة.
أنطوان الحايك – موقع النشرة الإخباري