لم يفهموا معنى هبّة القدس.. ولن يفهموا
موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
لطالما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلفها الصهاينة، عبر الزمن أن تدرس تصرفات العرب، وردّات الأفعال لديهم على كل ما تقوم به، ولم تتوانَ عن خوض كل التجارب التي يمكن أن تمكّنها من ذلك، سواء بالحروب المباشرة، أو بفرض النزاعات وبث الإختلافات، وزرع الشقاق بين العرب، الذين من المفترض أن يكونوا صفاً واحداً في قضية فلسطين. وبذل الأعداء جهداً جباراً لإخماد جذوة الصراع العربي الإسرائيلي من خلال ما سمي بالإتفاقيات، وصولا إلى التطبيع والقبول بهذا الكيان الغاصب كدولة تتماشى معهم، حتى وصل الأمر بمن يعتبر نفسه رأس الهرم العربي ـ أي المملكة العربية السعودية ـ أن تجاهر وتتفاخر بعلاقاتها مع هذا الكيان. وقد بدا واضحاً للعيان أنها والولايات المتحدة الأمريكية تعملان ليلا نهاراً، سراً وجهاراً على تثبيت ما يسمى بـ “دولة اسرائيل” ودعمها بكل ما أوتوا من قوة، إعلامياً، واقتصادياً وعسكرياً، حتى ولّد هذا قرار ترامب، وهم يظنون أنهم بيدهم الحكم وهم الخصم والحكم!
لو كانوا يحتكمون إلى العقل والمنطق، لكانوا استطاعوا أن يروا المتغيّرات العالمية، سواء على مستوى الإقليم أم على مستوى العالم، لكنّ شدّة استكبارهم وعلوّهم واستبدادهم جعلهم لا يرون إلا أنفسهم الهزيلة، المتضعضعة على وقع الإنتصارات الجبارة التي يحرزها المحور المقابل.
بالعودة إلى ما يقومون به من دراسات، فهم حتى الآن يقفون حائرين أمام الفكر المقاوم، لا يستطيعون فهمه، ولن يستطيعوا.
النبض الذي حرّك كل من تحرّك في مواجهة قرار ترامب الظالم والمجحف هو نبض وجداني إيماني عميق لدى كل شريف في العالم يرفض الخضوع للظلم، وللإمبريالية الصهيو أمريكية. لا فرق هنا بين عربي وغير عربي، بين مسلم أو مسيحي، فالقدس ليست أية مدينة، يكفي أن تكون مهد المسيح (عليه السلام)، ومسرى النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إنها تقبع في أعماق قلوب المؤمنين، ولم يكن صدفة أن يقول السيد موسى الصدر المغيب أعاده الله سالما “إن شرف القدس يأبى أن يتحرّر إلا على يد المؤمنين!”
المؤمنون هم كل هؤلاء الذين نبض قلبهم حباً بالقدس، وكل الذين نزفت عروقهم ألماً لهذا القرار. ليس من السهولة بمكان أن يصمت المؤمن في هذه المواجهة، ولن يصمت ولن يقف مكتوف الأيدي، مسلّماً لترامب أن هذه الأرض المقدسة هي أرث له، يقدّمه لمن يشاء!
إذا كان ترامب يحتكم للعقل والمنطق، فإن ما فعله غير صحيح، فلا منطق ولا عقلانية في ذلك، وإذا كان يحتكم للقوة وبأن السيادة للأقوى، فإن هزائم الأمريكيين والصهاينة في المنطقة تشهد من الأقوى.
فإلى ما يحتكم هذا المتريّس في البيت الأبيض ومن خلفه كل من صادق أو وافق على هذا القرار؟
ليس في جعبتهم سوى الخيبة والمرارة، وهي ما حصدوه وما سوف يحصدونه في التالي من الأيام.
هذه الهبّة التي اشتعلت في قلوب المؤمنين هم أعجز من أن يطفئوها، أو أن يجدوا لها حلاً، سوى التقهقر كما يفرض عليهم دائماً، والتراجع عن هذا القرار الذي ولد ميتاً، ولن يكتب له أي حياة.
فاقد الشيء لا يعطيه، وما عاد الكلام والتهويل يجدي نفعاً، فنحن في زمن سطّرنا فيه بالدماء الزكية وكما قال سيد المقاومين والأمين على الدماء السيد حسن نصرالله حفظه الله أن “ولى عهد الهزائم، وجاء عهد الإنتصارات”.
القدس الشريف لم ولن تكون لقمة سائغة لأي عدو، فدون ذلك حد السيف وبحر من الدماء.