لماذا أرادت واشنطن الإطاحة بـ”عمران خان” ؟
وكالة مهر للأنباء –
خديجة البزال:
خرجت واشنطن من أفغانستان احدى دول الشرق الاوسط بين شرق المتوسط وشرق آسيا، خروج كان له تداعيات على المنطقة بأثرها من كابول الى سواحل غرب آسيا (أي شرق المتوسط)، و إنما الولايات المتحدة التي اعتادت ترك قنابل موقوتة خلفها سعت إلى استثارت روسيا عبر دعم ما يسمى ثورة ملونة في كازاخستان فكان الحسم الروسي وتعهد من الرئيس الروسي بحماية حلفائه من الثورات الملونة غير ان واشنطن تحت اداراة بايدن كانت قد اعلنت ان اعدائها هما روسيا والصين وكل من يرفض الاملاءات الاميركية الغربية.
وما كاد الاستقرار يعود الى كازاخستان حتى كانت افتعال ازمة ادخال اوكرانيا الى الناتو ومرة أخرى جاء الرد الروسي، وفيما الاوضاع في اوكرانيا ذاهبة نحو الحسم الروسي وبالتالي حياد اوكرانيا، ارتأت دوائر الاستخبارات الأميركية – البريطانية، الى افتعال ازمة تربك روسيا وقلب آسيا وتشغل إيران عبر الضغط على رئيس وزراء باكستان من أجل نشر قواعد أميركية في اسلام آباد، في محاولة لتعويض الخسارة في أوكرانيا.
ولعل اسلام آباد تكون حصان طروادة بعد الخيبة في كييف، وفي هذا الاطار كشف رئيس وزراء باكستان عمران خان في الاول من نيسان عن تلقيه تهديداً من واشنطن بإسقاط حكومته، وقال خان: “أعلن أمام الشعب أنّني تلقيت رسالة تهديد من أميركا”، مضيفاً: “هددَتْ أميركا بإسقاط حكومتي لأنني رفضت إقامة قواعد عسكرية لها في أرضنا”.
وشدّد على أنه لن يركع أمام أيّ أحد، ولن أسمح لشعبي بالركوع أمام أحد، ولن أسمح للمعارضة بالنجاح مطلقاً، متابعاً بأن سياسة باكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة ولا تصطفّ ضد أحد. وإذا نجحت محاولات المعارضة، فإن الأجيال المقبلة لن تسامح.
اكد رئيس وزراء باكستان ان سياسة باكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة ولا تصطفّ ضد أحد. وإذا نجحت محاولات المعارضة، فإن الأجيال المقبلة لن تسامح.
غير ان واشنطن ان عمران خان الذي خبر السياسة الأميركية والغربية في التعاطي مع حلفائهم ، كان ان استبق الأمر بتعزيز العلاقات بين بلاده وكل من روسيا وإيران والصين فباكستان هي عقدة الوصل بين غرب أسيا وشرقها، ومحطة مركزية على طريق الحرير.
وسعى عمران خان عبر الاتفاقات الامنية والعسكرية مع ايران الى تأكيد دور بلاده وحجز مكان لها مع القوة الصاعدة من الصين الى روسيا وايران، ناهيكم عن مساعي إسلام آباد للحفاظ على مكانتها؛ بما يضمن لها دوراً جيوسياسياً استراتيجياً؛ يدعم مصالحها في الإقليم، فنجح عمران خان في إدارة مصالح بلاده؛ و حافظ على إدارة شبكة من العلاقات المتعارضة والمتوازنة؛ من واشنطن الى الصين وروسيا وايران والسعودية إلا أن موقف خان الرافض لوجود أميركا في بلاده والمنطقة.
اضافة الى معارضته لحرب واشنطن على ما تسميه الإرهاب؛ وتدل تصريحات عمران خان عقب زيارة وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي إسلام آباد في 14 شباط (فبراير) 2022، التي شكر فيها طهران على موقفها من قضية إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه مع الهند، الى أن طهران تقدم دعمها ذلك، في مقابل حماية الجيش الباكستاني حدودها من تهديدات الجماعات المتطرفة المناهضة لإيران، والتي تتخذ من الحدود الباكستانية ملاذاً لها، ولا يغيب عن الذهن تصريحات نائب رئيس البرلمان الباكستاني قاسم خان سوري الذي زار طهران، السبت في 19 شباط، والتي دعم فيها حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية.
فالتوافق الباكستاني – الإيراني حول أفغانستان بعد سيطرة حركة “طالبان” على الحكم بعد الخروج على صيغة هروب، دور مهم في التقارب بين اسلام آباد وطهران. لا سيما أن إسلام آباد لديها مشروع تنموي ضخم، وهو “الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني”، الذي يعد من المشاريع الرئيسية في مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
الربط الاقتصادي مع ممرات التجارة عبر إيران؛ سيحقق لباكستان الحفاظ على مكانتها “الجيوستراتيجية” التي تشكلتْ منذ الغزو الأميركي لأفغانستان
وسيربط موانئ باكستان الجنوبية المطلة على المحيط الهندي وبحر العرب بالصين شمالاً، اضافة إلى طموحات اسلام آباد في تعزيز أهمية هذا “الممر الاقتصادي”، عبر ربطه بالموانئ وسكك الحديد الإيرانية؛ من أجل ربط جنوب آسيا بمنطقة آسيا الوسطى ومنطقة أوروبا والأناضول. ويمثل خط سكك الحديد “إسلام آباد – طهران – إسطنبول”، التجاري، الذي تم تشغيله في كانون الأول (ديسمبر) 2021، نموذجاً واقعياً لأهمية إيران لدى باكستان في تحقيق تكاملها الإقليمي.
وبالتالي فإن الربط الاقتصادي مع ممرات التجارة عبر إيران؛ سيحقق لباكستان الحفاظ على مكانتها “الجيوستراتيجية” التي تشكلتْ منذ الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق؛ وستكون بوابة مهمة نحو الصين.
وعليه يقال إذا عرف السبب بطل العجب … وانطلاقاً مما تقدم نصل الى حقيقة الاسباب التي دفعت واشنطن للإطاحة بعمران خان، الذي لابد انه عائد في اي انتخابات مقبلة لأن زمن هيمنة واشنطن في متصدع مضطرد.