لبنان يرفض تزويد الجـيش بصواريخ «توس» الروسية!
لا تزال مسألة حصول الجيش اللبناني على السلاح اللازم لقتال الجماعات الإرهابية التي تحتل جزءاً من سلسلة جبال لبنان الشرقية، محلّ أخذٍ وردّ، في ظلّ القرار السياسي الواضح بحصر تزويد الجيش بالأسلحة الأميركية أو تلك التي لا تُغضب الأميركيين. وعلى الرغم من أن وفداً من الجيش اللبناني زار موسكو الشهر الماضي واتفق مع الجانب الروسي على لائحة بالأسلحة المطلوبة، إلّا أن الاعتماد المالي اللازم لها، والذي تكفّل الرئيس سعد الحريري بفتحه من ضمن هبة المليار دولار السعودية الأخيرة، لم يفتح حتى اللحظة.
ولا يقتصر الأمر على عدم صرف الاموال اللازمة لإتمام صفقة صواريخ كورنيت وصواريخ يصل مداها إلى 30 كيلومتراً، بل إن الجانب اللبناني، وبحسب معلومات حصلت عليها «الأخبار»، لم يقبل عرضاً روسياً لتزويد الجيش بمنظومات صواريخ «توس»، وهي أسلحة فعّالة للغاية في الحرب التي يخوضها الجيش في الجرود.
وقد أرسل الجانب الروسي عبر قنوات رسمية وغير رسمية استعداد موسكو لتزويد الجيش بهذه الأسلحة، على أن يُسدّد ثمنها من ضمن هبة الميار الدولار السعودية. وعدا عن خوف فريق 14 آذار من غضب أميركي في حال رفع مستوى التعاون العسكري الروسي ــ اللبناني، رفض الجانب اللبناني منظومة «توس» بذريعتين، الاولى ان مدى الصواريخ لا يزيد عن 6 كيلومترات؛ اما الثانية، فهي أن «المنظومة بفعل قدرتها التدميرية العالية، ربما تتعارض مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان».
صاروخ «توس»
مثالي لمواجهة الإرهابيين في الجرود
ونظراً إلى ظروف الجيش والتحديات التي يواجهها، قد تكون الـ«توس» بالغة النفع، خصوصاً لدى مواجهة مجموعات مسلّحة مكوّنة من أفراد مشاة، ويحتمون في المناطق الجبلية والجرود النائية.
راجمة «توس ـ 1»
تعتبر راجمة «توس-1» من الأسلحة الفريدة التي لا مقابل لها خارج الترسانة الروسية. مع أنّ الـ «توس» هي، شكلاً وبالمعنى التقني، راجمة صواريخ، الا أن الخبراء العسكريين غالباً ما يصفونها كـ «قاذفة لهب ثقيلة»، بسبب طبيعة صواريخها والدور المتخصص الذي تلعبه.
على عكس باقي راجمات الصواريخ، التي تركّز على المدى والدقة وتنوّع الرؤوس الحربية، تملك «توس» مدى فعالاً متواضعاً للغاية (لا يزيد على ستة كيلومترات للنسخة المحدّثة)، ما يجعلها سلاحاً «موضعياً» ميزته صواريخه الفريدة.
صواريخ راجمة «توس-1» حارقة، وليست متفجرة أو انشطارية؛ ووزنها يقارب المئتي كيلوغرام، أغلبه عبارة عن ذخيرة، ما يفسّر قصر المدى وارتفاع الفعالية التدميرية. وتعتمد هذه الصواريخ تقنية «وقود الهواء» (thermobaric) ما يعني أنّ انفجارها ينثر كمية كبيرة من الوقود HG عالي الاحتراق في المنطقة، ثم تنفجر هذه الكتلة ما إن تختلط بالهواء، ما ينتج كرة نارية ضخمة وارتفاعاً هائلاً في الضغط.
هذا التأثير هو الذي يجعل «توس» سلاحاً مثالياً ضد الأفراد، فموجة الضغط تقتل كلّ من في منطقة الانفجار، بغض النظر عن وجودهم في تحصينات أو داخل مبان ودشم. كما أنّ الغزارة النارية الكبيرة (الراجمة تحمل ثلاثين صاروخاً، يمكن اطلاقها جميعها خلال أقل من ربع دقيقة) تسمح للراجمة بتدمير مساحات واسعة يوجد فيها العدوّ.
ويُقال إن الروس صمموا هذه الراجمة المتخصصة من أجل استخدامها في حرب أفغانستان ضد المقاتلين المختبئين في تضاريس جبلية أو في دشم؛ ثم تمّ استعمالها بنجاح خلال الحرب الشيشانية، حين أظهرت فعالية كبيرة في حرب المدن. وتمّ انتاج الراجمة بكميات قليلة نسبياً، ولم تصدّر رسمياً، حتى اليوم، الا الى بلدين أجنبيين هما أذربيجان والعراق.