لا بد أن نكون أمة… ولكن
صحيفة الشروق الجزائرية ـ
صالح عوض:
حتى نكون أمة ذات رسالة ولها حضورها على المسرح الدولي مهابة الجانب لابد ان نكون شعوبا فاعلة حيوية داخل الأمة.. فهل العرب شعب له قيمته في الأمة ويقوم بواجباته على صعيدها وصعيد العالم؟ نسأل هذا السؤال قبل أن نسأل هل نحن أمة واحدة تسري عليها قوانين الأمم وسننها، أم أن السيل قد جرفنا بعيدا وأصبحنا مزقا ليس لنا من الأمة إلا تاريخها؟
أجل لابد أن نكون أمة من شعوب وقبائل وأن يكون أكرمنا هو أتقانا أي أحرصنا على طاعة الله في حالنا ومآلنا.. أمة لها وجهتها المحددة وقيمها المعينة في كتابها وسبيلها العدل والانسانية..
فهل نحن أمة؟ لسنا أمة بالمعنى الحضاري الإيجابي.. نحن مزق من الشعوب المتناثرة نعاني أزمات التخلف والتجزئة الجاهلية، ويسير كثير من مزقنا في ذيل الأعداء اللصوص يلعبون بنا كيفما شاءوا، يحرضون بعضنا على بعضنا بحجج وادعاءات.. وهنا سؤالنا عن العرب.. وهنا نقرر بلا تلعثم انهم شعب مكتمل الصفات والشروط في ثقافته ولسانه وتاريخه، الا انه موزع المقاصد والغايات، مفتت على هموم محلية معزولة في وعيه عن قضية وجوده الأساسية..
إن ما يجري في بلاد العرب أمر لا يمكن تخيله، اذ كيف للعربي وهو في اي بلد من بلدانه العربية يغفل عن وجود ثلاثمائة وخمسين مليون نسمة هم أهله الأقربون وعشيرته الواحدة من مراكش حتى البحرين، شعب واحد له دين واحد ولسان واحد ومصير واحد.. كيف به لا يثور لكرامته وشرفه وعرضه؟ كيف به يسمح لثرواته تنهب وخيراته تبدد، فيما يعيش أهله الأقربون ضنكا ما بعده ضنك.. ما الذي يجعل وحدته خيالا وحلما؟
كل كلام حول تصدي الغرب لخطواتنا نحو الوحدة كلام لا قيمة له ولا وجاهة له، كأن إرادة الغرب قدرنا المحتوم، هذا كلام العجزة.. ومن قال ان الغرب سيرضى يوما لو قمنا بما يكفل بناء جسور التنمية والتعاون بيننا؟ ومن قال انه ينبغي ارضاء الغرب، وماذا لو لم يرض الغرب!؟ ان كثيرا من صناع الثقافة والسياسة في بلداننا استسلموا لمنطق الخوف والقابلية للاستعمار والتبعية فراحوا ينشرون فينا أفكارهم الميتة والمميتة وأخطرها أن لا شيء يمكن فعله في بلداننا اذا تصادم مع رغبات الإرادات الغربية.
نحن شعب عربي واحد بلسان عربي واحد وتاريخ واحد، وهنا عندما نقول شعب عربي يعني بكل وضوح نحن قي الوطن العربي عربا كنا أو كردا او امازيغ، نحن عرب باللسان كما قال الرسول صلى الله عليه واله وسلم.. فما الذي يحول بيننا والوحدة.. انه الشيطان وما يخوف اولياءه.. انها الهواجس والأوهام وانه الشر الذي ينبعث من الحاقدين والمرضى الذين لا يجدون لهم مكانا في ظل وحدة العرب ونهضتهم.
ان عود الإسلام يستقيم بوحدة العرب، وان كرامة الإنسانية تشرق بوحدة العرب، وان الأمة الإسلامية تجد بالعرب الإسمنت المسلح الذي يجمع شتاتها ويوجه بوصلتها.. وستظل الأمة الإسلامية تعاني من التمحور والاستقطابات القومية المخلة وتعاني من الحصار القومي حتى يتقدم العرب يكسرون غشاوة التطرف والتخلف والتبعية والانهيار ويصبحوا بحق قوم الرسول صلى الله عليه وآله سلم وعشيرته.. فيزيحوا عن انفسهم تهمة خيانة الأمانة والتخلي عن الرسالة.. والله يتولانا برحمته.